سياسة لبنانيةلبنانيات

الحرب على الابواب وخطرها على لبنان داهم والمجلس النيابي مقفل بوجه انتخاب رئيس

تعثرت الوساطات وتعذر الاتفاق على هدنة بين حماس واسرائيل، وحل القصف العنيف على غزة وبدأ رئيس لوزراء العدو بنيامين نتانياهو يستعد لمهاجمة رفح البقعة الاكثر كثافة سكانية في العالم، لانها تأوي اكثر من مليون وثلاثمئة الف من النازحين الذين لم يعد لهم مكان يأوون اليه. ولم تنجح كل الدعوات والتحذيرات التي اطلقتها دول العالم، من كارثة انسانية لا مثيل لها، في لجم نتانياهو المندفع نحو الحرب، واصر على المضي في استعداداته لبدء الهجوم الكارثة.
هذا الجموح المقلق لا يقتصر على غزة وحدها، بل ان الوضع في جنوب لبنان ليس افضل حالاً. لقد تجاوز العدو الاسرائيلي كل قواعد الاشتباك، ووسع رقعة قصفه لتتجاوز صيدا، حيث اطلق مسيرة مفخخة القت صواريخها على احدى السيارات في جدرا موقعة عدداً من الضحايا، وقبلها قصف النبطية وكانت بداية هذه التجاوزات الهجوم الذي شنه على الضاحية الجنوبية وادى الى اغتيال صالح العاروري. والمقلق ان التوقعات التي ينقلها الوسطاء الذين يزورون المنطقة، ان نتانياهو عازم على مهاجمة لبنان حتى ولو تم الاتفاق على الهدنة في غزة، ويدعى انه يريد تغيير الوضع على حدود فلسطين الشمالية المحتلة، لكي يعود سكان المستوطنات هناك الى منازلهم، وقد اعلنوا انهم لا يثقون بجيشهم، وهم لن يعودوا الا اذا انسحب مسلحو حزب الله عن خطوط القتال. وحاول الوسطاء الاميركيون والفرنسيون وغيرهم من الدول الاوروبية العمل على تطبيق القرار الدولي 1701، الا ان حزب الله رفض البحث في اي حل قبل توقف القتال في غزة. مع العلم ان اسرائيل كانت تخرق هذا القرار يومياً منذ صدوره في العام 2006. وهكذا يتوقع كثيرون ان يشعل العدو الاسرائيلي الحرب على لبنان في اي لحظة. ويؤكد الفرنسيون ان خطر هذا الاحتمال حقيقي.
ما هو موقف السلطة اللبنانية لمواجهة هذا الخطر الداهم؟ ان واجب المجلس النيابي قبل اي خطوة، المبادرة الى انتخاب رئيس للجمهورية لضرورات ملحة جداً، اولاً لكي يتم بعدها تشكيل حكومة فاعلة وشرعية تتولى المفاوضات ومواجهة الخطر الداهم، وثانياً لكي يصبح لبنان حاضراً في هذا الوقت الذي يتم فيه اعادة تركيب المنطقة من جديد. واذا بقي لبنان مشرذماً كما هو الحال الان، فان الحلول ستأتي على حسابه، ويخرج الجميع من المعركة خاسرين. ويبدو ان السياسيين وخصوصاً المجلس النيابي لا يشعرون بهذا الخطر. ولذلك لا يحركون ساكناً، وكل طرف متمسك بموقفه، ولا تعنيه سوى مصلحته الخاصة، هذا الواقع المؤلم دفع رجال الدين الى اخذ المبادرة والتحذير من الخطر الذي اصبح على الابواب، وقد اتهم البطريرك الماروني بشاره الراعي بعض السياسيين بأنهم يتعمدون ابقاء مركز الرئاسة خالياً وانتقد بشدة ما سماه حكم الدويكا.
هذا الواقع المأساوي يدفع ثمنه لبنان اولاً الذي بفعل هذه المنظومة فقد مركزه ودوره، واصبح يصنف على هامش دول المنطقة بعدما كان منارة الشرق عن حق حتى العام 1975، فاشتعلت الحرب ودمرت كل شيء. وثانياً الشعب اللبناني الذي يعاني الكثير من الظلم والجوع والفقر، ومن انهيار كل القطاعات الصحية والتربوية والعلمية والاقتصادية والمالية الى اخر المعزوفة، اذ لم يبق قطاع واحد واقفاً على قدميه، وتعم الاضرابات مختلف الادارات وتضع اللبنانيين وجهاً لوجه امام القوى الامنية، كما حصل نهاية الاسبوع عندما اشتبك العسكريون المتقاعدون مع القوى الامنية التي اضطرت الى نقل الوزراء بالملالات لحضور جلسة مجلس الوزراء، دون ان ننسى انه مضت اشهر طويلة على الاضراب العام الذي ينفذه موظفو القطاع العام، وتعطلت معه مصالح اللبنانيين. فلا الادارات الرسمية تعمل، ولا المحاكم. فقصور العدل تشهد تململ القضاة من الوضع المعيشي الذي وصل اليه البلد، وكذلك يطلقون الشكوى من تدخل السياسيين في شؤون القضاء، فتعطل سير العدالة. الدوائر العقارية التي تدر المال على خزينة الدولة الفارغة مضى على توقفها عن العمل سنوات. واما النافعة ومصلحة تسجيل السيارات فليست افضل حالاً. معلمو المدارس الرسمية في معظم اشهر السنة هم خارج الصفوف، بسبب الاضرابات وغيرها وغيرها، واذا اردنا ان نكمل التعداد نرى ان لا شيء يعمل ومع ذلك فالطبقة السياسية في استراحة دائمة غير شاعرة بما يتهدد البلد واهله، ولم يعد شيء ينفع للخروج من هذا الجحيم، الا بالتغيير الشامل وابعاد هذه المنظومة كلها عن اي قطاع في الدولة وعندها يمكن العمل على ان تستقيم الامور وينتظم عمل المؤسسات وتعود الدولة دولة حقيقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق