لو كان صحيحاً ان العقد حلت فلماذا التأخير في تشكيل الحكومة؟
شاعت امس اجواء ايجابية وصفتها وسائل الاعلام بانها جدية وانها ستفضي الى تشكيل حكومة جديدة بعد هذا التعثر الطويل. هذه الاجواء بدأت تتراجع صباح اليوم من خلال انباء عن عودة الى الحصص والاسماء التي كانت وراء عدم التشكيل على مدى سنة وشهر.
قالوا ان العقد حلت كلها، وان اللواء عباس ابراهيم الذي استأنف وساطته، استطاع ان يقرب وجهات النظر، وكانت له حركة مكوكية شملت اوساطاً سياسية معنية ودبلوماسية تعمل على ترتيب الوضع اللبناني. فهل لا يزال التفاؤل قائماً؟ هنا تبدأ الشكوك وتطرح الاسئلة. اذا كانت الوساطات قد بددت الخلافات، فلماذا لم يتم تشكيل الحكومة بعد، خصوصاً وان بعض وسائل الاعلام ذكر ان التشكيل قد يكون مساء امس ولكن شيئاً من ذلك لم يتحقق؟ اذاً ان هذا التأخير لا يزال سببه وجود عقد حول الحقائب والاسماء وهي العقد ذاتها القائمة منذ اشهر واسابيع.
نحن نتمنى ان تزول كل الخلافات وتبصر الحكومة النور اليوم قبل الغد، وتنهي هذا الفراغ الطويل الذي دمر البلد والمؤسسات واغرق المواطنين في قعر جهنم، ولكن ما يظهر للعيان يؤكد ان هناك اموراً لا تزال عالقة، رغم ان مصادر بعبدا تحاول اشاعة موجة من التفاؤل، لابعاد اي تهمة بالعرقلة عنها، ولكن ذلك لا يهم احداً من الناس، فاما ان تولد الحكومة واما ان المسؤولية تقع على المعنيين كلهم. لقد مل المواطنون من تقاذف التهم وهم يعلمون كل الحقيقة وليس نصفها، وكل الامور باتت مكشوفة امام الجميع. ثم لو ان الخلافات ذللت كلها ماذا ذهب يفعل الرئيس المكلف عند الرئيس نبيه بري المعني بالتشكيل، من خلال مبادرات ووساطات قام بها، وهو صاحب اقتراح حكومة الـ 24 وزيراً.
اليوم يوم حداد، واللبنانيون السياسيون والشعب منشغلون بوداع رئيس المجلس الشيعي الاعلى الامام عبد الامير قبلان. فلا نتائج ظاهرة اذاً للتشكيل. الا ان الاتصالات البعيدة عن الاضواء وخصوصاً تحركات اللواء عباس ابراهيم فانها لم تتوقف، على امل الوصول الى خواتم سعيدة تنهي هذه المأساة التي حلت بلبنان واللبنانيين، على ايدي المنظومة السياسية التي لم تهتم يوماً الا بمصالحها الخاصة. فتخلت عن واجباتها واهملت الناس وتكاثرت الازمات والويلات، فعم الفقر والجوع والبؤس، وقد اصبحنا حديث العالم الذي يصدر الاحصاءات والبيانات فنتصدر لوائح العوز والفقر والانهيار.
قالوا ان الاتصال الذي جرى بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والرئيس الايراني ابرهيم رئيسي تطرق الى الوضع في لبنان وبالتحديد الى موضوع تشكيل الحكومة، هذا فضلاً عن الاهتمام الاميركي بالموضوع. فلماذا ننتظر الخارج ليحل مشاكلنا؟ فلو كنا على قدر المسؤولية ومتمسكين بولائنا لهذا الوطن، فلماذا لا نأخذ المبادرة بانفسنا؟ الدول التي تحترم نفسها لا تقبل بان تصبح ورقة يستخدمها الغريب، اياً كان هذا الغريب للتلاعب بمصيرنا. فاما ان المسؤولين على قدر المسؤولية وعليهم ان يسرعوا الى وضع حد لهذا اللغط القائم، والا نحن دولة مارقة فاشلة لا مكانة لها بين الدول. فهل هذا ما تريده المنظومة؟