الأزمة الأفغانية تعزز النفوذ القطري على الساحة الدولية
يتوافد وزراء خارجية الدول الغربية واحداً تلو الآخر إلى قطر فيما قررت دول عدة نقل سفاراتها إلى الدوحة التي تبذل جهوداً لإعادة فتح مطار كابول في ظل دورها كوسيط محايد ومؤثر في الأزمة الأفغانية.
وتتوسط قطر بين طالبان والدول الغربية في أعقاب انسحاب القوات الأجنبية من هذا البلد بعد حرب استمرت عقدين. كما أنها تستضيف مكتباً للحركة وقد سهلت المحادثات بين الجماعة الأفغانية والولايات المتحدة.
وبدأ القطريون بالتحدث مع طالبان عام 2013 بطلب من الرئيس الأميركي في حينه باراك أوباما. واستضافت قطر بعدها محادثات بين إدارة دونالد ترامب وطالبان التي توصلت عام 2020 إلى اتفاق على انسحاب القوات الأميركية، ثمّ مفاوضات مباشرة بين المتمردين السابقين والحكومة الأفغانية السابقة.
وتقود قطر إلى جانب تركيا المناقشات الصعبة لإعادة فتح مطار كابول المغلق منذ مغادرة الأميركيين.
يقول الباحث كولين كلارك من معهد صوفان في نيويورك إن «القطريين اكتسبوا سمعة وسطاء نزيهين على استعداد لمساعدة الأطراف المتحاربة على إيجاد طريقة لإنهاء» النزاع.
وبحسب كلارك فإن القطريين «حصلوا على اعتراف متنام بأن الدوحة هي المكان المناسب للتوصل إلى اتفاق. أصبحت (الدوحة) بمثابة جنيف الشرق الأوسط حيث يمكن للأطراف المتحاربة الاجتماع على أرض محايدة» للتوصل إلى اتفاق.
واستقبلت الإمارة الخليجية الثرية خلال 8 أيام وزراء خارجية ألمانيا وهولندا وبريطانيا وسيزورها أيضاً وزير خارجية ايطاليا الأحد.
وأعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي يصل الإثنين عن «امتنانه العميق» لقطر لدورها في إجلاء الأجانب من أفغانستان وكذلك الأفغان المعرضين لخطر الانتقام من جانب طالبان.
وأقام الجيش الأميركي جسراً جوياً ضخماً في كابول منتصف آب (أغسطس)، ما سمح بإجلاء نحو 123 ألف شخص حتى تاريخ انسحابه الكامل من أفغانستان، وقال وزير الخارجية إن 75 إلى 80% من هؤلاء هم «أفغان كانوا معرضين للخطر».
وجدد وزير خارجية بريطانيا دومينيك راب الخميس التأكيد في الدوحة على أهمية إعادة تشغيل المطار الذي أجلت لندن عبره نحو 17 ألف شخص.
وقررت كل من الولايات المتحدة وهولندا وبريطانيا تعليق وجودها الدبلوماسي في أفغانستان ونقل عمليات سفاراتها من كابول إلى العاصمة القطرية الدوحة.
استمرارية
وقام السفير القطري في أفغانستان سعيد بن مبارك الخيارين شخصياً بمرافقة مواطنين أميركيين وفتيات أفغانيات كانوا في مدرسة داخلية، إلى المطار، في بادرة قوية.
ويأتي الدور المحوري الذي تلعبه قطر حالياً على الساحة الدولية بعد انتهاء في كانون الثاني (يناير) الماضي نزاع إقليمي نشب إثر قطع السعودية وحليفاتها البحرين والإمارات ومصر العلاقات مع الدوحة في حزيران (يونيو) 2017 بسبب اتهامها بالقرب من إيران ودعمها جماعات متطرفة.
لكن في كانون الثاني (يناير) اتفقت هذه الدول على إعادة علاقاتها مع قطر بعد جهود دبلوماسية بذلتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
ويتساءل محللون حول استمرارية الوساطة القطرية على المدى الطويل.
ويقول الاستاذ المساعد في كلية كينغز في لندن ديفيد روبيرتس «أتساءل وأخشى إن كان محاورو طالبان في الدوحة سيتمكنون من الاحتفاظ بمكانة مهمة في جهاز طالبان» في كابول مشيراً الى أن هذا الأمر «سيحدّ» من الدور القطري.
ولكنه أوضح لفرانس برس «أعتقد أن خطوط الهاتف بين واشنطن والدوحة كانت حامية للغاية في الأيام الماضية» مشيراً الى أن الأميركيين يعرفون أن «قطر لديها سنوات من الاتصالات التي يمكن استخدامها الآن والاستفادة منها». وأكد أن قطر تلعب «دوراً متخصصاً مهماً ومفيداً» لصالح الولايات المتحدة.
في المقابل، انتقد آخرون الدور الذي لعبته قطر مع طالبان. ويرى مايكل روبين من معهد «اميركان انتربرايز» المحافظ أن الدوحة منحت طالبان شرعية دولية و«سمحت لهم بالوصول إلى النظام المالي العالمي».
وبحسب روبين فإن «قطر مدمنة على جذب الاهتمام ودولة تبحث دائماً عن دور ما».
ا ف ب