التشكيل في الثلاجة… والتفلت عنوان المرحلة المهددة بالفتنة
تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي بتشكيل حكومة جديدة، فكأن الجميع اصبحوا متيقنين من ان الحكومة باتت حلماً بعيد المنال، بسبب صراع المسؤولين والاحزاب والتيارات السياسية على الحقائب والاشخاص. لقد اعتاد الكل على عدم وجود حكومة، خصوصاً وان حكومة تصريف الاعمال هي الحاضر الغائب فلا تقوم باي دور مهما صغر حجمه. ولو لم يدخل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم على الخط لتوقفت الحركة المتعلقة بالتشكيل. ويلعب اللواء ابراهيم ليس فقط دور الوساطة بل وايضاً هو يقترح بعض الاسماء في محاولة لحل عقدة الوزيرين المسيحيين موضوع الخلاف بين المسؤولين. في هذا الوقت لا يزال اللقاء الرابع عشر بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف معلقاً ريثما تظهر ايجابيات تستدعي اللقاء. ورغم كل هذا الجمود، ورغم الضغوط الخارجية التي بلغت حدها الاقصى، لا يزال المسؤولون على مواقفهم. فكل طرف من الاطراف السياسية متمسك بوجهة نظره وموقفه حتى ولو بلغ الانهيار قعر الهوة السحيقة.
وسط هذه الاجواء وفي غياب المسؤولية، تفلتت الامور من عقالها فارتفع سعر صرف الدولار حتى لامس العشرين الفاً، وارتفعت معه اسعار السلع والمواد الغذائية حتى فاقت القدرة الشرائية للمواطن. كيف لا والمحتكرون والمتاجرون بلقمة الفقير لا يجدون من يواجههم. فهم يحددون الاسعار على هواهم، بعد ان يكونوا قد احتكروا المادة او السلعة. وتفلتت اسعار المحروقات التي باتت تباع في السوق السوداء، حيث الحصول عليها اسهل من الوقوف في طوابير الذل، ساعات وساعات امام المحطات للحصول على ليترات قليلة من البنزين. وتفلتت فواتير المولدات بحيث بلغت حداً اصبح من غير الممكن الاستمرار معه، وبات كثيرون يفضلون العتمة على النور الذي ينحر سعره الناس.
كل شيء تفلت في البلد، والمسؤولون غائبون عن الرؤية والسمع. ولكن التفلت الاخطر هو التفلت الامني الذي بدأ ينتشر ويتنقل من منطقة الى اخرى، مهدداً بفتنة طائفية قد تطيح البلد كله. وكان اخر الاشتباكات تحت ستار الحصول على المحروقات، في بلدتي مغدوشة وعنقون، ولولا تدخل العقلاء وانتشار الجيش بكثافة، ووضع حد لهذه الفتنة، لكانت تطورت بشكل دراماتيكي، لا يعلم الا الله مداها والى اين يمكن ان تؤدي. وفي كل يوم نسمع عن اشتباكات واطلاق نار وسقوط جرحى امام المحطات.
هذا التفلت ما كان من الممكن ان يحصل لو كانت هناك حكومة ترعى شؤون الناس وتتدبر امورهم. ولكن المسؤولين لا يبالون الا بمصالحهم الخاصة والا لكانوا شكلوا حكومة منذ سنة.
وعلى الرغم من كل ما يجري يقول الرئيس المكلف انه لن يعتذر، رغم مرور اسبوع من الشهر الثاني للتكليف. وهو القائل بان تكليفه ليس مفتوحاً. فماذا يجري والى اين نحن سائرون؟ ان العلم عند الله وحده.