تشكيل الحكومة مهمة مستحيلة فهل دقت ساعة الاعتذار؟
الخلافات على المصالح الضيقة والقرارات العشوائية تؤسس للفتنة
اين اصبح تشكيل الحكومة المنتظرة منذ سنة بالتمام والكمال؟ ولماذا لم يتم تشكيلها حتى اليوم. الاحداث والوقائع تشير الى ان ولادة الحكومة اصبحت شبه مستحيلة وكل ما يروج من شائعات تحمل في طياتها ايجابيات لتمويه الحقيقة، هو عار عن الصحة تماماً. حتى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وهو المعروف عنه الهدوء في معالجة الامور وفكفكة العقد، وصف الوضع في حديث تلفزيوني بانه صعب للغاية وقال ان امامه جبال ووديان ومحيطات يجب اجتيازها للوصول الى النتيجة المتوخاة، وهذا يدل على ان المهمة اصبحت شبه مستحيلة. فلماذا يستمر اذاً في المحاولات اليائسة وهو يدرك ان النجاح في تشكيل حكومة حلم يصعب، لا بل يستحيل تحقيقه. لقد سبق وصرح منذ اليوم الاول لتكليفه بان المهلة ليست مفتوحة ولن تستمر اسابيع واشهراً. وها هو الشهر الاول ينتهي ولم تتحقق خطوة واحدة الى الايام.
لقد غاب عن بال المسؤولين الذين يتلهون في اضاعة الوقت، فيما البلد يغرق اكثر فاكثر نحو الهوة السحيقة، ان الازمات بدأت تخرج عن السيطرة وهي تتسبب باشكالات سرعان ما تتحول الى فتنة طائفية، تماماً كما حصل بين بلدتي مغدوشة وعنقون، وقد ترك المسؤولون الامور تتطور الى الاسوأ قبل ان تحرك القوى الامنية لاعادة ضبط الوضع وهذا طبيعي لانه لا وجود لحكومة تواجه. ويقول احد الذين دخلوا على خط التهدئة لمنع الفتنة والحيلولة دون امتدادها: «ليس في كل مرة تسلم الجرة». فهل يدرك المسؤولون خطورة هذه الاحداث؟ ان القرارات العشوائية غير المبنية على خطة واضحة المعالم، تقود الى الحل، سرعان ما تكون نتائجها عكسية. وهذا ما حصل بالنسبة الى رفع الدعم عن المحروقات وزيادة الاسعار بنسبة كبيرة فماذا كانت النتائج؟
لقد استمرت صفوف الذل امام محطات بيع المحروقات بالوتيرة ذاتها ولم تتبدل صفوف السيارات امامها، والسبب استمرار التهريب الذي يستنزف اموال اللبنانيين لمصلحة المهربين والمحتكرين، والمتسفيد الاكبر هي سوريا التي تستقبل يومياً كميات ضخمة من المحروقات والطحين والغاز وغيرها، وكلها على حساب الشعب اللبناني. والنتيجة الاسوأ كانت الثمن الباهظ الذي دفعه المواطن نتيجة ارتفاع اسعار السلع.
كل هذه المآسي والويلات لم تحمل المسؤولين بعد على تجاوز المصالح الشخصية الضيقة، وتشكيل حكومة قادرة وفاعلة هي وحدها تستطيع معالجة الازمات واصدار القرارات المدروسة غير العشوائية، التي يمكن ان تأتي بالحلول.
تردد ان الرئيس نجيب ميقاتي قدم تشكيلة حكومية من 24 وزيراً الى رئيس الجمهورية وهو ينتطر الرد عليها، فهل تنجح المساعي والضغوط في تجاوز العقبات، التي مهما كبرت وتضخمت، تبقى اصغر باشواط من المآسي التي تصيب البلاد والشعب. ان الحل بيد المسؤولين وهم قادرون بلحظة ان يبدلوا من حال الى حال. فهل يتجاوز الجميع المصالح الضيقة ويسيرون بحكومة تعيد وضع لبنان على طريق الحل؟ ان ما شهدناه على مدى عام من مناكفات وعقد سدت جميع ابواب التفاهم على صيغة مقبولة من الجميع، يجعلنا اليوم لا نتفاءل كثيراً. فهل يقدم الرئيس المكلف على الاعتذار؟ وفي حال اعتذر هل من السهل ايجاد شخصية سنية تقبل بالمهمة المستحيلة؟ ان المصير مجهول والبلاد مرشحة للمزيد من الانهيار، والشعب ضائع بعدما خدروه، فخفت صوته وترك الساحة للمنظومة تسرح وتمرح دون ان يكون هناك من يحاسبها. فالسرايا الحكومية يعشش فيها الفراغ في ظل حكومة مستقيلة من كل مهماتها حتى تلك التي حددها لها الدستور، فهل يتم ملء هذا الفراغ القاتل وتعود عجلة الحكومة الى الدوران، ام اننا امام فصل جديد من المأساة؟