الجزائر تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب والرباط ترفض القرار
قرّرت الجزائر الثلاثاء قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب «الاعمال العدائية» للمملكة بعد أقل من أسبوع من إعلان إعادة النظر في علاقاتها المتوترة منذ عقود، مع الجارة الغربية.
واعلن وزير الخارجية رمطان لعمامرة القرار في مؤتمر صحافي، حيث تلا بياناً رسمياً «باسم السيد رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، وباسم الحكومة الجزائرية».
وقال لعمامرة «قررت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية ابتداء من اليوم (الثلاثاء)» لكن «قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني ان يتضرر المواطنون الجزائريون والمغاربة. القنصليات تباشر عملها بصفة طبيعية».
وأضاف «نطمئن المواطنين الجزائريين في المغرب والمغاربة في الجزائر أن الوضع لن يؤثر عليهم. قطع العلاقات يعني ان هناك خلافات عميقة بين البلدين لكنها لا تمس الشعوب».
وفي معرض تقديم الأسباب التي أدت الى هذا القرار قال وزير الخارجية الجزائري «لقد ثبت تاريخياً، وبكل موضوعية، أن المملكة المغربية لم تتوقف يوماً عن القيام بأعمال غير ودية وأعمال عدائية ودنيئة ضد بلدنا وذلك منذ استقلال الجزائر» في 1962، سارداً الأحداث منذ حرب 1963 إلى عملية التجسس الاخيرة باستخدام برنامج بيغاسوس الإسرائيلي.
وذكر أن هذا «العداء الموثق بطبيعته الممنهجة والمبيتة، تعود بداياته إلى الحرب العدوانية المفتوحة عام 1963 التي شنتها القوات المسلحة الملكية المغربية ضد الجزائر الحديثة الاستقلال. هذه الحرب التي عرفت استعمال المغرب لأسلحة ومعدات عسكرية ثقيلة وفتاكة خلفت ما لا يقل عن 850 شهيداً جزائرياً».
الصحراء الغربية
وسبق للمغرب ان قطع علاقاته مع الجزائر سنة 1976 بعد اعتراف الجزائر بقيام الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية. ولم تُستأنف العلاقات إلا في 1988 بعد وساطة سعودية.
وكان من بين التزامات المغرب في هذا الصدد «حل عادل ونهائي لنزاع الصحراء الغربية عبر تنظيم استفتاء حر ونزيه يسمح للشعب الصحراوي بتقرير مصيره» كما ذكر لعمامرة.
والنزاع في الصحراء الغربية سبب رئيسي في توتر علاقات الجارين منذ عقود بسبب دعم الجزائر لجبهة بوليساريو التي تطالب باستقلال الاقليم الذي يعتبره المغرب جزءاً لا يتجزأ من أرضه ويعرض منحه حكماً ذاتياً تحت سيادته.
كما حمل «قادة المملكة مسؤولية تعاقب الأزمات التي تزايدت خطورتها (…)»، معتبراً أن «هذا التصرف المغربي يجرّ إلى الخلاف والمواجهة بدل التكامل في المنطقة» المغاربية.
واتهم لعمامرة «أجهزة الأمن والدعاية المغربية» بشن «حرب إعلامية دنيئة وواسعة النطاق ضد الجزائر وشعبها وقادتها، دون تردد في نسج سيناريوهات خيالية وخلق شائعات ونشر معلومات مغرضة».
وأشار خصوصاً إلى «قيام أحد المفوضين للمملكة بانحراف خطير جداً وغير مسؤول من خلال التطرق إلى ما سماه «حق تقرير المصير لشعب القبائل الشجاع»» في دعم لحركة استقلال منطقة القبائل التي صنفتها الجزائر كمنظمة إرهابية.
وتبعاً لذلك استدعت الجزائر في 16 تموز (يوليو) سفيرها في الرباط للتشاور. وجاء التصريح المغربي ردّاً على إثارة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قضية الصحراء الغربية في اجتماع لحركة عدم الانحياز.
إسرائيل
ورغم ذلك «أبانت الجزائر عن ضبط النفس من خلال المطالبة علنًا بتوضيح من سلطة مغربية مختصة ومؤهلة. إلا أن صمت الجانب المغربي (…) يعكس بوضوح الدعم السياسي من أعلى سلطة مغربية لهذا الفعل»، وفق الوزير.
واذ اشار إلى ان المغرب تخلى عن قواعد ومبادئ «تطبيع العلاقات بين البلدين» اعتبر لعمامرة ان «المملكة المغربية جعلت من ترابها الوطني قاعدة خلفية ورأس حربة لتخطيط وتنظيم ودعم سلسلة من الاعتداءات الخطيرة والممنهجة ضد الجزائر».
و«آخر هذه الأعمال العدائية تمثل في الاتهامات الباطلة والتهديدات الضمنية التي أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلي خلال زيارته الرسمية للمغرب، بحضور نظيره المغربي، الذي من الواضح أنه كان المحرض الرئيسي لمثل هذه التصريحات غير المبررة».
وكان يشير الى تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، حول قلق بلاده من التقارب بين إيران والجزائر، ورفضها قبول إسرائيل في الاتحاد الإفريقي بصفة مراقب.
وكانت الجزائر قرّرت الأربعاء «إعادة النظر» في علاقاتها مع المغرب الذي اتّهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت شمال البلاد، وهو ما أعاد لعمامرة التذكير به.
كما قرر مجلس الأمن الذي ترأسه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون «تكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية».
المغرب يرفض
وأعربت المملكة المغربية عن أسفها لقرار الجزائر، الثلاثاء، قطع العلاقات معها. وقال بيان لوزارة الخارجية إن «المملكة المغربية أخذت علماً بالقرار الأحادي للسلطات الجزائرية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب ابتداء من هذا اليوم».
وأضاف البيان أن المغرب «يعرب عن أسفه لهذا القرار غير المبرر تماماً بيد أنه متوقع بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة».
ورفض البيان «بشكل قاطع المبررات الزائفة بل العبثية التي انبنى عليها» القرار.
وجاء في البيان أيضاً أن الرباط ستظل شريكاً موثوقاً ومخلصاً للشعب الجزائري وستواصل العمل بكل حكمة ومسؤولية من أجل تطوير العلاقات بين الدول المغاربية».
فرانس24/ رويترز