سياسة لبنانيةلبنانيات

سنة مرت فلا الحكومة تشكلت ولا العدالة ظهرت فماذا بعد؟

رفع الدعم عن المحروقات وفتح اعتماد لها على اساس سعر السوق مجزرة انسانية

سنة مرت على انفجار المرفأ واستقالة حكومة حسان دياب. فلا الحقيقة في الجريمة النكراء ظهرت، ولا حكومة الانقاذ تشكلت، مع العلم انه لو اقدم المعنيون على التشكيل، لما كانت وقعت كل هذه الويلات على رأس المواطن اللبناني. ولكانت الامور تسير اليوم في الطريق الصحيح. فهل من المعقول ان يضحي المسؤولون بشعب ووطن من اجل مصالح خاصة؟ ثم لو ان السياسيين لم يتدخلوا في العدالة ويعرقلوا سيرها هل كان يحصل ما يحصل اليوم. ان المعرقلين ناشطون من كل حدب وصوب وهم اقدر في تحركهم من المسؤولين وكذلك، توقفت العدالة وساد الفراغ السلطة التنفيذية.
والكارثة الكبرى التي تحل باللبنانيين والتي يتوقع ان تؤدي الى الانفجار الكبير، هي في ما تردد عن رفع الدعم على المحروقات وفتح اعتمادات لها على اساس سعر السوق. وهذا يعني ان صفيحة البنزين ستصبح بثلاثماية الف ليرة لبنانية واكثر. ولكن هل يدرك المسؤولون ما هي ذيول هذا الارتفاع الجنوني؟ اولاً انه سينعكس على اسعار المواد الغذائية والسلع الاخرى الضرورية لحياة الانسان فترتفع بنسبة لن يتمكن 80 بالمئة من الشعب الحصول عليها، خصوصاً وان السلطة تفكر بكل الزيادات دون ان تحول نظرها مرة واحدة الى زيادة الاجور. فكيف يمكن تحقيق التوازن في هذا الامر؟ ثم ان ارتفاع اسعار البنزين بهذه النسبة، سيجعل الموظفين، كل الموظفين دون استثناء، غير قادرين على التوجه الى اعمالهم، لان اجورهم لا تكفي عندها حتى لشراء المحروقات لسياراتهم، خصوصاً وان الدولة لم تهتم يوماً بالنقل المشترك، ولا انشأت المترو والقطارات وغيرها من وسائل النقل فكيف يمكن المواطن ان يتوجه الى مركز عمله؟ وكيف ستواجه الدولة هذه المجزرة الانسانية؟
وهناك انعكاسات اخرى سيتركها ارتفاع اسعار المحروقات على الحياة العامة فتجعل استمرارها من المستحيلات. فهل فكرت الدولة في كل ذلك قبل ان تطرح رفع الدعم؟
لقد تحدثوا طويلاً عن البطاقة التمويلية، وعقدت الاجتماعات لذلك، وانهالت التصاريح تبشر وتهلل، ثم انطفأ الموضوع كما في كل المشاريع. فهل مسموح رفع الدعم، مع كل المحاذير التي ذكرنا، قبل توزيع البطاقة التمويلية؟ ولو فرضنا ان الدولة باشرت بتوزيع البطاقة فمن اين تأتي بالتمويل؟ ان القرارات التي تصدر هذه الايام كلها عشوائية ينقصها الدرس والخبرة والتطلع الى المستقبل. وهذه امور غير موجودة عند الطبقة السياسية المتحكمة برقاب العباد. فالى متى؟
ونعود الى العدالة حيث يعقد المجلس النيابي جلسة اليوم لتطويق التحقيق العدلي ومنعه من الوصول الى المشتبه بهم. باختصار ان المجلس النيابي يجتمع لمنع التحقيق مع اعضائه. فهو يعلم انه في حال فتح الباب وحضر نائب واحد امام العدالة فان الشبهات بالفساد والهدر وتبديد اموال الدولة ستطاول الكثيرين من السياسيين ويصبحون مرغمين على المثول امام القضاء وهذا ما يحاول المجلس النيابي تداركه.
والمستغرب ان المشتبه بهم يصرحون يومياً بانهم ابرياء ولا دخل لهم بالقضية، فممن يخافون؟ ولماذا؟ هل رأيتم بريئاً صفحته بيضاء يخشى العدالة، ام انه يذهب طوعاً اليها لاظهار براءته؟
لا شيء طبيعياً في البلد ويبقى هم المواطن كيفية مواجهة الازمات المتلاحقة التي تنهال عليه، في غياب عام للمسؤولين. فكأن هذا المواطن هو من بلاد بعيدة ولا يعنيهم امره. لذلك يتوقع ان يكون التحرك الشعبي اليوم الذي ينفذه اهالي ضحايا المرفأ وفئة كبيرة من اللبنانيين المقهورين، ساخطاً غاضباً. ونأمل الا يترافق مع اعمال عنف، خصوصاً انه تم استنفار القوى الامنية لخنق وشل اي تحرك. فكأن هذه القوى وجدت فقط لحماية السياسيين ومواجهة كل من يعترض سبيلهم. فهل تحولنا الى دولة بوليسية قمعية؟
سنة مرت لا الحكومة تشكلت، ولا العدالة ظهرت، فما هو المصير ولمن نلجأ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق