سياسة لبنانيةلبنانيات

الاستحقاق الرئاسي بعيد المنال ولودريان يتعثر قبل العودة المنتظرة

لا تلوح في الافق اي بوادر انفراج تؤشر الى امكانية انتخاب رئيس للجمهورية، يكون منطلقاً للحل الشامل لكل الازمات التي تعصف بالبلد، والتي تهدد بسقوطه نهائياً. والمسؤولية في هذا التعثر لا تقع على المنظومة وحدها، بل على الشعب الخانع المستسلم الذي بات عمله الوحيد متابعة التواصل الاجتماعي والتعليق عليها. ان هذا الشعب هو نسخة عن الطبقة الحاكمة، وهو مثلها لا يحمل مسؤولية، وينتظر الفرج من الخارج. دولارات يتعب اقرباؤه في تحصيلها في دنيا الاغتراب فيتلقفها وينفقها بلا حساب على مطربين يأتون من الخارج فيجمعون دولارات السوق ويعودون الى بلدانهم. لذلك يعيد هذا الشعب انتخاب الاشخاص اياهم الذين لا يحملون مسؤولية بلد.
الجميع ينتظرون عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان الى لبنان، وقد تردد انه قد يرجىء زيارته الى الاسبوع الثالث من ايلول، على امل ان تغير المعارضة موقفها، وتسير في الحوار الذي رفضته اللجنة الخماسية التي اجتمعت في الدوحة واوصت بتطبيق الدستور والتوجه الى المجلس النيابي وعقد دورات متلاحقة حتى يتم انتخاب رئيس للجمهورية. ولكن ماذا يمكن ان يحمل لودريان بعدما سقط في الامتحان، وتبين انه لا يزال متمسكاً بالمبادرة الفرنسية، دون ان يعلن ذلك. لقد سقط ليس عند المعارضة اللبنانية وحدها، بل في فرنسا ايضاً. لقد حمل نواب فرنسيون على توجيهه رسالة الى اللبنانيين، كانت بمثابة اسئلة على امتحان يجريه لتلاميذه. وقال احد النواب الفرنسيين لماذا يعامل لودريان لبنان وكأنه مستعمرة فرنسية، انه بلد مستقل حر فكيف ينتهك سيادته وكرامة اهله؟ انطلاقاً من كل ما تقدم لا يمكن ان يحمل لودريان الحل معه، وان زيارته المقبلة ان تمت، فلن تكون مختلفة عن سابقتيها. يقابل ذلك تمسك قوى الممانعة بمواقفها المتصلبة تريد حواراً لاقناع الاخرين بمرشحها الذي يزداد معارضوه اصراراً على رفض انتخابه.
من يدفع ثمن كل هذه المواقف؟ بالطبع لن نقول الشعب لانه لو كان يشعر بالظلم الذي يمارس عليه لتحرك وانتفض. ان الخسارة تقع على البلد الذي خسر دوره وعلاقاته الخارجية، وخسر دعم الدول الشقيقة والصديقة، وبات يصنف بين الدول الفاشلة التي لم يعد يعول عليها.
نعود الى مماحكات الداخل، والى السياسة الفاشلة التي تتبعها الحكومة، ولقد شرحها احد الخبراء الاقتصاديين فقال ان الدولة رفعت تعريفات كل الخدمات من الكهرباء الى الهاتف بشقيه الخليوي والثابت الى الانترنت الى المياه عشرات اضعاف المرات، فيما الرواتب لم ترتفع اكثر من ثلاثة او اربعة اضعاف. فهل فكرت الحكومة كيف يمكن لرب العائلة ان يبني موازنته، ام انها تريد ان تكون موازنة العائلة شبيهة بموازنة الدولة، تقوم على عجز كبير ويسقط هو وعائلته؟ ان الحكم يحتاج الى رجال يكونون اهلاً له. فهل ان المسؤولين عن السلطة هم على هذا القدر من المسؤولية؟
الامثلة على السياسة العشوائية كثيرة. فقد وقع خلاف لا يزال قائماً بين وزير المال يوسف خليل ووزير الطاقة وليد فياض، الذي اقدم على استيراد سفينة فيول لزوم معامل توليد الكهرباء، وتتبعها سفينة اخرى بعد ايام. ورفض خليل صرف الاموال اللازمة لها باعتبار ان الخزانات ملأى والفيول العراقي على الطريق. كما ان المصرف المركزي سبق واعلن انه غير مستعد للانفاق من الاحتياطي الالزامي. وكل وزير قدم حججه لن ندخل في شرحها. ولكن نعطي مثلاً على عمل الوزراء في ما بينهم، بحيث ان التعاون مفقود وكل وزير يعمل وفق ارائه، دون استشارة احد، واحياناً كثيرة وفق مصلحته الخاصة. وسيعقد اجتماع اليوم في السرايا برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لحل ازمة الفيول والكهرباء التي سددت الفئة التي تدفع فواتيرها، العجز الناجم عن تمنع البعض عن الدفع، بالاضافة الى النازحين واللاجئىن. لذلك فاقت الفواتير كل التوقعات وتجاوزت فواتير المولدات ولن نقول ان المواطنين سيتحركون لان لا امل يرتجى منهم، ولكن نحذر من ارتفاع عدد الذين لا يدفعون عندها يصبح لا قدرة للبعض على الدفع. راعوا وضع الاسر الفقيرة وقد اصبح معظم الشعب فقيراً، قبل الوصول الى الارتطام الكبير في ظل هذا التفلت الامني والمعيشي، والا فانكم كلكم ستدفعون الثمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق