الخارجية التونسية تطمئن الاتحاد الأوروبي وتركيا والأمم المتحدة: الحفاظ على المسار الديمقراطي
حان وقت التغيير ولا مكان للديكتاتورية وحكم العسكر
كشفت وزارة الخارجية التونسية الثلاثاء أن عثمان الجرندي وزير الخارجية أجرى محادثات هاتفية مع نظرائه في تركيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والمفوضية الأممية لحقوق الإنسان طمأنهم خلالها بشأن مرحلة ما بعد قرار الرئيس قيس سعيّد تجميد البرلمان وإقالة رئيس لحكومة مؤكداً أن البلاد ستواصل مسارها الديمقراطي.
قالت وزارة الخارجية التونسية الثلاثاء إن وزير الخارجية اتصل هاتفياً بنظرائه في تركيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان لطمأنتهم بعد قرار الرئيس تجميد البرلمان إقالة رئيس الحكومة، بأن تونس تعتزم المضي قدماً في المسار الديمقراطي.
وأضاف البيان أن الوزير عثمان الجرندي شرح لهم أن الإجراءات الاستثنائية مؤقتة، وأن نظراءه تعهدوا بمواصلة دعم الديمقراطية الناشئة.
وحسب البيان، فإن الجرندي وضح لنظرائه «الطبيعة الاستثنائية لهذه التدابير التي تهدف إلى التنظيم المؤقت للسلطة إلى حين زوال حالة الخطر الداهم على الدولة مؤكداً حرص سيادة رئيس الجمهورية على ضمان جميع الحقوق والحريات وعدم المساس بها».
على صعيد متصل، استقبل الرئيس التونسي الثلاثاء وزيري خارجية المغرب ناصر بوريطة والجزائر رمطان لعمامرة محملين برسالة من زعيمي البلدين لكن بياني وزارة الخارجية بشأن اللقائين لم يشيرا البتة إلى الأزمة السياسية القائمة.
«حان وقت التغيير»
وعلى الرغم من اختلاط الشعارات الديموقراطية بالأسلحة، عادت عجلة الحياة اليومية إلى الدوران في العاصمة التونسية حيث يعرب كثر عن تفاؤلهم بأن الخطوات التي اتّخذها الرئيس قيس سعيد «ستنقذ» البلد المأزوم، إنما بعيداً من الثقة العمياء به.
ومنذ أن أعلن سعيد الأحد تعليق عمل البرلمان وأقال رئيس الوزراء، تعوق آلية مدرّعة الوصول إلى قصر باردو الذي يضم مقر البرلمان.
ولهذا الأمر رمزية كبيرة في بلد صغير يعد منارة للديموقراطية في المنطقة و«مهد الربيع العربي»، بعدما شهدت تونس في العام 2011 تظاهرات حاشدة ضد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وفي حين حذّرت دول عدة من مخاطر تحوّل البلاد إلى نموذج استبدادي، تأمل نجاة بن غربية بمستقبل أفضل.
تؤكد أنها كانت تتوقع قراراً حازماً «منذ زمن»، وتوضح أن الفقر متفش والناس بائسون بعد مرور عشر سنوات على الانتفاضة الشعبية.
«السلطات محصورة بالرئيس»
وفاقمت الجائحة وسلسلة القيود التي فرضت لاحتوائها الأوضاع.
واعتبرت بن غربية أن الأولوية للتحرك وليس المماطلة، ويشاطرها الرأي آلاف التونسيين الذي احتفلوا في الشارع بعد القرارات التي أعلنها الرئيس.
وتشدد بن غربية على أن سعيد أستاذ في القانون «وليس سياسياً»، مضيفة «نحن نثق به، هو ليس مثل بن علي، ليس ديكتاتوراً».
واستطلعت وكالة فرانس برس آراء عدد من التونسيين وافقوها الرأي لكنّهم تخوّفوا من أن يتحوّل سعيد إلى «ديكتاتور».
وبعد صدامات سجّلت الإثنين أمام البرلمان بين مناصرين للرئيس ومؤيدين لحزب النهضة ذي المرجعية الاسلامية وأكبر الأحزاب التونسية تمثيلاً في البرلمان، ساد الهدوء الثلاثاء.
وتكاد الحواجز التي تعوق الوصول إلى جادة الحبيب بورقيبة تكون الدليل الوحيد على الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.
لكن الهدوء لا يمكن وصفه بأنه «شيك على بياض» لسعيد. فقبله كان بن علي قد استند إلى الدستور في العام 1987 لإحكام قبضته على السلطة، ومصادرتها لاحقاً.
ويقول مرتضى السعيدي (19 عاماً) «نحن نخشى بعض الشيء مما قد يحصل، ومن خطر أن نكون عدنا إلى عهد بن علي، خطر أن تنحصر السلطة التنفيذية والسلطة القضائية بالرئيس».
«حان وقت التغيير»
لكن بإزاء الأزمة الصحية والاقتصادية والشلل السياسي الناجم عن السجال بين الرئيس وحزب النهضة، يعتبر البعض أن المواقف الحازمة مطلوبة.
ويقول منير مبروك (57 عاماً) «أظن أن ما قام به قيس سعيّد هو موضع ترحيب من الشعب. لماذا؟ لأن النتيجة ستكون لصالح الشعب مهما كانت الظروف».
ويتابع مبروك «في تونس لا مكان للديكتاتورية وحكم العسكر، هذا غير ممكن بالنسبة للشعب التونسي طالما أن القرار هو للشعب».
لكنه يبدي قلقه إزاء إغلاق قوات الأمن مكاتب قناة الجزيرة ويعتبره عملاً «غير مسؤول»، مشدداً على ان حرية الصحافة مصدر فخر لتونس.
ويضيف مبروك «لو رأى الشعب أن قيس سعيد يحب أن يكون ديكتاتوراً، ويحب أن يتصرف ضد الثورة، فبالطبع سينتفض ضده وسيثور عليه».
بدوره، لا يبدي الناشط في المجتمع المدني مهيب الماجد قلقاً حيال قرارات الرئيس ويقول «أرى أنه إنقاذ وحقيقةً إنقاذ، لأن جميع التونسيين في الفترة الأخيرة يشهدون على تدهور الأحوال الاجتماعية والاقتصادية كثيراً، في ظل سياسات الدولة القائمة منذ سنوات والتي لم تستجب لطموحات هذا الشعب وتطلعاته»، ويضيف «لذلك حان وقت التغيير».
من جهتها تقول صونيا دالي وهي صاحبة محل «نأمل خيراً بمستقبل جيدٍ وزاهٍ. قام (سعيّد) بخطوة جيدة وإيجابية جداً، نأمل خيراً وفي أن يكون الآتي أفضل».
فرانس24/ رويترز