كفوا عن التستر وراء الحصانات واذهبوا الى القضاء ما دمتم ابرياء
احتدمت المعركة بين فريق من السياسيين يدافعون عن القانون، وفريق اخر يتشبث بالحصانة كدرع واق لهم. وقبل الغوص في الاحداث نعود ونذكر ان الحصانة هي بدعة اخترعها السياسيون والنافذون لحماية انفسهم والهروب من العقاب. من قال ان الذين يعملون في الحقل العام هم فوق القانون وفوق البشر؟ فالدستور والقوانين ساوت بين المواطنين ولا يحق لاحد ان يميز نفسه عن الاخرين. فالغوا هذه الحصانات.
بالامس سقطت عريضة العار التي وقعها عدد من النواب، والغاية منها كف يد القضاء ومنعه من ملاحقة الطبقة السياسية. فهم يعلمون ان اليوم هو دور مجموعة منهم للمثول امام القضاء، وفي حال كرت السبحة سيأتي دورهم عاجلاً ام آجلاً بتهم وشبهات متعددة. لذلك فهم يخوضون هذه المعركة الشرسة دفاعاً عن انفسهم وعلى حساب اكثر من مئتي ضحية، سقطوا في جريمة انفجار المرفأ التي صنفت عن حق جريمة العصر. وبعد انسحابهم وسحبهم تواقيعهم على العريضة انهارت الامال. ففي عملية حسابية يتبين ان عدد المؤيدين للقانون وللقضاء هم اكثر من المحاولين التملص من المحاسبة.
لماذا هذا التهرب. لقد صرح جميع المشتبه بهم ومرجعياتهم بأنهم ابرياء وبانه ليس لديهم ما يخافون منه، وانهم على استعداد للمثول امام المحقق العدلي القاضي طارق بيطار. واكدت مرجعياتهم انها لن تغطي مرتكباً او مقصراً. فما دام الامر على هذا الشكل لماذا الخوف من القضاء ولماذا التمسك بالحصانات؟ ارفعوا الحصانات عن انفسكم واذهبوا طوعاً الى المحقق وادلوا بمعلوماتكم وما دمتم ابرياء فلماذا تخافون؟ على العكس اثبتوا براءتكم امام الناس.
هل يعلم موقعو عريضة العار ان العيون شاخصة نحوهم، وهي تتحين الفرصة لمحاسبتهم، بعدما اثبتوا ان رسالتهم هي حماية انفسهم لا الدفاع عن حقوق الذين انتخبوهم. ماذا يريد هؤلاء؟ انهم يريدون نقل الملف من القضاء العدلي الى مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء؟ ولكن ماذا يعني ذلك؟ ان التمسك بما يسمى مجلس الرؤساء والوزراء يعني نقل المحاكمة الى انفسهم اي انهم هم الذين يحاكمون انفسهم وعندها يطمئنون الى ان «حكم البراءة» سيصدر بحقهم، بعيداً عن القضاء الذي حملوا عليه ما ان ادعى عليهم. فهل من المعقول ان يحاكم انسان نفسه ويدينها؟ هل سمع احد من اللبنانيين يوماً بوجود هذا المجلس؟ وهل اجتمع مرة واحدة لمحاكمة احد من السياسيين؟ بالطبع لا ولكن وجوده هو ايضاً لحماية السياسيين اشبه بالحصانة التي يتسترون خلفها.
وما يثير المواطنين المتمسكين بالمحاسبة تصاريح سياسية تصدر من هنا وهناك وحملات تشن ضد القضاء. لقد ثاروا على المحقق العدلي فادي صوان والفوا له الملفات، ومارسوا الضغوط الهائلة عليه حتى اجبروه على التنحي، وها هم يستخدمون الاسلوب عينه ضد القاضي طارق بيطار، الذي شهد له الجميع بنزاهته وحياديته وتمسكه بالقانون، وتصميمه على انصاف الضحايا الابرياء الذين سقطوا نتيجة التآمر والاهمال والتقصير. ولم يكتفوا بذلك بل بدأوا يحاولون تحويل الانظار عن مرجعياتهم الى الجيش اللبناني، متناسين ان صفحة الجيش الناصعة البياض هي فوق خزعبلاتهم واكاذيبهم واكبر من ان يلوثها فساد الطبقة السياسية. لقد اكدوا ان ملف القاضي بيطار فارغ ليس فيه اي شيء، وما داموا متأكدين من ذلك لماذا لا يذهبون الى التحقيق، وهنا يكون التحدي الحقيقي. لقد اثبت هؤلاء ان مصلحة مرجعياتهم هي فوق مصلحة الوطن والمواطنين، لان مصالحهم هم هي من مصلحة هذه المرجعيات. فكفوا عن الاستخفاف بعقول الناس، الذين لم تعد تنطوي عليهم هذه الالاعيب. وبدل التمسك بالحصانة تمسكوا بوطنيتكم فهي اضمن لكم ولحقوقكم، فالدفاع عن الغير لن يجدي نفعاً. وان تهربكم من القضاء يؤكد الشبهات عليكم. اذهبوا الى التحقيق واظهروا براءتكم التي تؤكدونها في كل تصاريحكم.
والى القاضي طارق بيطار نقول تابع مهمتك النبيلة بالجرأة عينها التي تعمل بها فالشعب كله يقف وراءك ولن تؤثر فيه حفنة من المتنفعين.