صورة داخلية داكنة سوداء واخرى خارجية ناصعة بيضاء فلمن الغلبة؟
صورتان تطبعان الوضع الكارثي في لبنان. الاولى داخلية وهي سوداء قاتمة ابطالها المسؤولون اللبنانيون والطبقة السياسية الذين فشلوا في تشكيل حكومة تنقذ البلاد. فهم يتفرجون على الوطن ينهار ولا يحركون ساكناً. لقد اثاروا استغراب العالم وسخطه عليهم وعلى صمتهم ولا مبالاتهم، دون ان يقوموا ولو بجهد بسيط يشير الى اهتمامهم بتأليف حكومة يكون اعضاؤها بعيدين عنهم، يتولون تدبير شؤون الناس التي وصلت الى حد الكارثة. وكأنه لا تكفينا العتمة السياسية التي ينشرونها في كل مكان وهي تشبههم، بل انهم اوصلونا الى العتمة الضوئية ومن يصدق ذلك ونحن في العام 2021.
هل سأل احد من المسؤولين الذين يفترض بهم تدبير حاجات المواطنين، وهي مهمتهم في الاساس، وقد جاءوا الى السلطة على اساسها، اين ذهبت المليارات الخمسة والاربعون التي صرفت على الكهرباء، حتى انه لم يتحقق مشروع واحد في هذا القطاع وبقى الوضع على حاله؟ هل سألوا اين ذهبت الملايين التي انفقت على السدود التي بح صوتهم من كثرة ما طبلوا وزمروا لها، وها اننا نعيش في بيروت، عاصمة النور بلا كهرباء ولا ماء؟
كيف يطاوعهم ضميرهم ان يتركوا الاطفال بلا حليب وبلا ادوية دون ان يطل مسؤول واحد يشرح لنا ماذا يحدث. ان الامور متروكة للقدر. فالكهرباء يتولى امرها اصحاب المولدات الذين يرون الفرصة سانحة لنحر المواطنين وابتزازهم، يفرضون الفواتير التي يريدونها في غياب تام للمساءلة المسؤولة. فوزارة الاقتصاد لا يهمها سوى ان ترفع لهم التسعيرة التي يطلبونها، والدواء يتقاذفون التهم بشأنها مع المستوردين ومصرف لبنان والشركات وغيرها. حقاً اننا نعيش في فوضى لم يشهد لها مثيل في العالم كله، والمسؤولون غافلون عن كل ما يجري، دون اتخاذ خطوة واحدة تريح الناس ولو قليلاً. هذا فضلاً عن البنزين والمازوت والمواد الغذائية التي باتت نسبة عالية جداً من الاسر اللبنانية عاجزة عن تأمين عيشها. وفي كل يوم تطل وزارة الاقتصاد علينا لتبشرنا بخفض وزن ربطة الخبز ورفع سعرها بالمقابل. وهي تعلم ان الخبز بات وحده طعام الفقير.
الصورة الثانية بيضاء وهي صورة خارجية تتجلى بابهى ضيائها من خلال اهتمام العالم بلبنان على عكس سياسييه، بدءاً من الفاتيكان والجهود الكبيرة التي يقوم بها البابا فرنسيس، الى الاهتمام الفرنسي – الاميركي – السعودي – الاوروبي.
فبعد الزيارة التي قامت بها السفيرتان الاميركية والفرنسية في لبنان دوروثي شيا وآن غريو الى المملكة العربية السعودية لبحث الوضع في لبنان تتابع الاتصالات بجدية ولكن بصمت. واستكمل البحث امس في لقاء السفيرتين بالسفير السعودي في لبنان وليد البخاري. صحيح لم يصدر بيانات وتصريحات جوفاء كما يفعل السياسيون اللبنانيون، ولكن الاهتمام بحل الازمة المأساوية للشعب اللبناني واضح وجلي. وتابع السفير البخاري تحركه فزار الهيئات الاقتصادية وجرى البحث في قضايا اقتصادية وصناعية. وكان اللقاء الاهم في معراب مقر حزب القوات اللبنانية بحضور رئيسها الدكتور سمير جعجع حيث التقى السفير ممثلين عن المزارعين وتم الاتفاق على «اعادة تصدير الامل» بعد وقف التهريب وهذه بادرة جديدة تسجل للمملكة السعودية وللسفير بخاري.
ويقابل الجمود الرسمي اللبناني ولا مبالاة المسؤولين بما يعاني منه اللبنانيون تخوف اوساط دبلوماسية من انفجار كبير يطيح الجميع. لقد تحولت الدولة الى عبء على الشعب، حتى يكاد يفقد القدرة على تحملها، فهل ان المسؤولين واعون لهذا الامر ام انهم يتركون الخارج بتدبر شؤون البلاد والناس. ان ما يجري اليوم يجعلنا نتحسر على رجال غابوا وكم كان مهماً ان يكونوا اليوم حاضرين لوقف هذا المسلسل المرعب من الانهيارات. فالى متى الصبر؟