هل ينجح التحرك الدولي في تأمين تشكيل حكومة تتولى انقاذ لبنان؟
بدأت الامور تتكشف شيئاً فشيئاً والمواقف تتضح. فبعدما وصل لبنان الى الانهيار الكبير، تحرك العالم كله لانقاذ هذا البلد الصغير المعذب على ايدي بعض ابنائه وهم الطبقة السياسية التي لا ترى ولا تسمع ولا تحرك ساكناً الا اذا تعرضت مصالحها للخطر.
انطلاقاً من اهتمام العالم بنا من فرنسا الى الفاتيكان الى الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، تسافر اليوم الى المملكة العربية السعودية السفيرتان الاميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو في محاولة لضم السعودية الى الجهود الدولية الرامية الى انقاذ لبنان. والسعودية ليست بحاجة الى من يدفعها للوقوف الى جانب لبنان فهي طالما وقفت الى جانبه في الملمات منذ ايام المغفور له الملك عبد العزيز حتى اليوم ولكنها في كل مرة كانت تمد اليد الى بلد الارز كانت تقابل بحملة شعواء من بعض الفئات دون ان تحرك السلطة اللبنانية ساكناً، فاثرت الابتعاد.
حتى التحرك الفرنسي – الاميركي – الفاتيكاني اليوم يزعج البعض في لبنان رغم كل ما يتعرض له الشعب من عذابات وصفت بانها الاسوأ منذ اكثر من 150 سنة؟ وماذا يضيرهم اذا كان هذا التحرك يصب في المصلحة الوطنية. نعم ان لبنان بلد العجائب والغرائب. والولاءات فيه متعددة. وليست على مستوى واحد.
نعود الى الطبقة السياسية التي لم يحفزّها الاهتمام الغربي بلبنان ولم تخط خطوة في سبيل تشكيل حكومة انقاذ، هي الشرط الوحيد لمد يد المساعدة الينا، فتعود الاموال وينتعش الاقتصاد، الا ان السياسيين يرون ان مصالحهم هي اهم من كل ما يجري الكلام عنه.
تحرك السفيرتين اليوم هو نتيجة اللقاء الذي عقد قبل ايام في ايطاليا بين وزراء خارجية فرنسا جان – ايف لودريان والولايات المتحدة انتوني بلينكن والسعودية الامير فيصل بن فرجان وكان الملف اللبناني الموضوع الرئيسي على طاولة البحث. والهدف من الزيارة هو الضغط على المسؤولين اللبنانيين لتشكيل حكومة انقاذ كان من المفترض ان تشكل منذ اكثر من تسعة اشهر، نظراً للوضع الدقيق الذي يمر به البلد، الا ان الطبقة السياسية لم تتبين مدى خطورة الفراغ وراحت تتلهى بالحفاظ على مصالحها الخاصة، متذرعة بتعابير وشعارات وامور لا تهم المواطن لا من قريب ولا من بعيد ولا تطعمه خبزاً. ولولا ذلك ولو كانت الطبقة السياسية على قدر المسؤولية وتشكلت حكومة في حينه لكنا اليوم قطعنا شوطاً بعيداً على طريق الانتعاش. ولكن ما العمل ولبنان يتحكم به سياسيون ليسوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
ان مهمة السفيرتين المشاركة مع المملكة العربية السعودية في الحض على تشكيل حكومة سريعاً وسريعاً جداً لا تتعدى المهلة اياماً قليلة وتأمين المساعدات للشعب الذي اوصلوه الى الفقر والجوع والحرمان بفعل سياساتهم الخاطئة. وكذلك تقديم المساعدات للجيش اللبناني المؤسسة الوحيدة الباقية على الارض بكامل جهوزيتها، رغم ان عناصرها يعانون من الحرمان عينه الذي يعاني منه الشعب كله. كيف لا والجيش هو من هذا الشعب. على امل ان تثمر الاتصالات ونرى الحكومة تتشكل في الايام المقبلة فتبادر سريعاً الى اجراء الاصلاحات.