تجري إيران الجمعة انتخابات رئاسية لاختيار خلف للمعتدل حسن روحاني، في اقتراع يبدو ابراهيم رئيسي المرشح الأوفر حظاً للفوز به، ويمكن أن يعزز إمساك المحافظين بمفاصل هيئات الحكم، وسط توقع تسجيل امتناع واسع عن المشاركة.
وتعززت أفضلية رئيسي الأربعاء مع انسحاب ثلاثة مرشحين، أبدى اثنان منهم تأييدهما له، بينما كرر المرشد الأعلى آية الله خامنئي دعوة مواطنيه الى المشاركة بكثافة في الاقتراع.
وتأتي الانتخابات في ظل صعوبات اقتصادية واجتماعية زادتها حدة العقوبات الأميركية وجائحة كوفيد-19.
ومنح مجلس صيانة الدستور الأهلية لسبعة مرشحين للتنافس، هم خمسة من التيار المحافظ المتشدد (المعروف بـ «الأصولي»)، واثنان من التيار الإصلاحي. لكن العدد انخفض الى أربعة الأربعاء مع انسحاب الإصلاحي محسن مهر علي زاده، والمحافظَين المتشددين علي رضا زاكاني وسعيد جليلي اللذين أيّدا رئيسي.
ويعد رئيس السلطة القضائية البالغ 60 عاماً الأوفر حظاً للفوز بولاية رئاسية من أربعة أعوام بعدما خاض انتخابات 2017 ونال 38 بالمئة من الأصوات.
فاز روحاني يومها بولاية ثانية، لكن فرصة رئيسي تبدو أكبر في استحقاق 2021 الذي يخوضه بغياب أي منافس جدي.
وستطوي الانتخابات عهد روحاني (2013-2021) الذي لا يحق له الترشح للدورة المقبلة بعد ولايتين متتاليتين. وهو اعتمد سياسة انفتاح نسبية على الغرب توجت بابرام الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، والذي بات في مهب الريح منذ انسحاب الولايات المتحدة أحادياً منه العام 2018.
ويتوقع أن تشهد الانتخابات امتناعاً واسعاً عن التصويت، وهو ما يصبّ عادة في صالح التيار المحافظ. وشهدت آخر عملية اقتراع (الانتخابات التشريعية 2020)، امتناعاً قياسياً بنسبة 57%.
وبعدما استبعد مجلس صيانة الدستور حينها آلاف المرشحين غالبيتهم من الإصلاحيين والمعتدلين، انتهت الانتخابات بفوز عريض للمحافظين أتاح لهم الهيمنة على مجلس الشورى.
وتختتم الحملة الانتخابية رسميا عند السابعة من صباح الخميس (02،30 ت غ)، قبل 24 ساعة من فتح صناديق الاقتراع. وهي امتدت زهاء ثلاثة أسابيع دون صخب، لكن باستثناء الصور العائدة لرئيسي، ندر حضور صور المرشحين في طهران.
وفي حين أن الاجراءات الوقائية المرتبطة بكوفيد-19 حدّت من التجمعات العامة، يسود انطباع بأن الانتخابات المقبلة تثير حماسة أقل من سابقاتها.
وقال وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي الأربعاء إن «ضعف المنافسة هو سبب (لاحتمال انخفاض نسبة المشاركة) ووضع فيروس كورونا هو (سبب) آخر»، مضيفاً «لكن شعبنا حقق دائماً مفاجآت كبرى وكان دائم الحضور».
أهمية «حضور الناس»
وقدرت استطلاعات الرأي نسبة المشاركة بحدود 40 بالمئة. وكانت عملية الاقتراع الأخيرة التي شهدتها إيران (انتخابات مجلس الشورى 2020) شهدت نسبة امتناع قياسية بلغت 57 بالمئة.
وخاض المرشحون ثلاث مناظرات تلفزيونية بقيت غالبيتها دون نقاش مباشر حول البرامج وندرت فيها الأسئلة المشتركة.
ويتولى الرئيس في إيران السلطة التنفيذية ويشكّل الحكومة، الا أن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود الى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.
وكان خامنئي دعا في الآونة الأخيرة مواطنيه للاقتراع بكثافة، وذلك بعد حملات على مواقع التواصل الاجتماعي خارج إيران لحضّهم على الامتناع.
وكرر هذا الموقف اليوم بقوله في كلمة متلفزة «في الجمهورية الإسلامية، إن لم يكن الجمهور حاضراً، فلن تتحقق هذه الجمهورية الإسلامية. هذا هو السبب في أن مراكز القوى الشيطانية كلها في العالم، أولئك الذين يعادون الجمهورية الإسلامية ويعارضونها، أيضاً يعارضون الانتخابات خصوصاً».
وبينما اعتبر أن «وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية تبذل قصارى جهدها لجعل الإقبال على صناديق الاقتراع باهتاً»، رأى أن «لا أداةَ قوة تعزّز قدرات البلاد مثل حضور الناس. نرى أنّ الأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية معزِّزة ومنتجة لقوة البلاد، لكنّ أيّاً منها لا يضاهي حضور الناس. إن حضور الناس يقوّي نظام الجمهورية الإسلامية بالمعنى الحقيقي للكلمة».
وتأتي الانتخابات في ظل امتعاض جراء الأزمة الاقتصادية والمعيشية العائدة بشكل أساسي الى العقوبات الأميركية.
وأبرمت إيران في عهد روحاني العام 2015 اتفاقاً مع الدول الكبرى بشأن برنامجها النووي، أتاح رفع الكثير من العقوبات المفروضة عليها، مقابل خفض أنشطتها وضمان سلمية البرنامج.
لكن نتائج الاتفاق باتت في حكم الملغاة منذ قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الانسحاب أحادياً منه في 2018، وإعادة فرض عقوبات انعكست سلباً على الاقتصاد الإيراني.
وتترافق الانتخابات مع مباحثات في فيينا بين إيران والقوى الكبرى سعياً لإحياء الاتفاق. وتأمل حكومة روحاني في ابرام تفاهم بشأن ذلك قبل تسليمه السلطة للرئيس الجديد في آب (أغسطس).
وخلال الأعوام الماضية، شهدت مدن إيرانية موجتي احتجاجات في شتاء 2017-2018 وتشرين الثاني (نوفمبر) 2019 على خلفية اقتصادية، اعتمدت السلطات الشدة في التعامل معها.
الاقتصاد مدماك أساسي
وسبق لخامنئي أن حضّ المرشحين أيضا على التركيز على الوضع الاقتصادي في حملاتهم وبرامجهم.
وهو أبدى اليوم تفهمه لـ «شكاوى» قد تبديها طبقات اجتماعية من الوضع الاقتصادي، لكنه أكد رفضه «عدم المشاركة بسبب هذه الشكاوى».
وبعد استبعاد مرشحين بارزين يتقدمهم الرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني، رأت وسائل إعلام محلية أن الطريق بات ممهدا أمام رئيسي الذي يرأس السلطة القضائية منذ العام 2019، ويعتبر من المقربين من خامنئي.
والى رئيسي، تضم قائمة من تبقى من المرشحين المحافظين المتشددين القائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي الذي يخوض محاولته الانتخابية الرابعة، وأمير حسين قاضي زاده هاشمي.
أما الإصلاحي الوحيد الباقي في السباق فهو عبد الناصر همتي الذي تولى منصب حاكم المصرف المركزي منذ عام 2018 وإلى حين تقدمه للانتخابات.
وفي حال عدم نيل أي مرشح الغالبية المطلقة، تجرى دورة اقتراع ثانية في 25 حزيران (يونيو) بين المرشحين اللذين نالا أعلى عدد من الأصوات.
وإضافة الى انتخاب رئيس جديد، يقترع الإيرانيون لتجديد المجالس البلدية، كما تجري انتخابات فرعية لمجلس الشورى، ومثلها لمجلس الخبراء الذي تعود إليه صلاحية اختيار المرشد.
ا ف ب