رئيسيسياسة عربية

السعودية توسع منطقتها العازلة مع العراق: بغداد ترفع منسوب التنسيق مع المملكة، و«داعش» تحرض ضدها طائفياً

في تفسيرات منطقة متداولة على مستويات سياسية وامنية واسعة النطاق، ثمة فرضية تقول ان تشديد الأمن في المملكة العربية السعودية، زاد من صعوبة استهداف تنظيم «داعش» للمملكة. وانه – تبعاً لذلك – يحاول المتشددون التحريض على صراع طائفي عن طريق مهاجمة الأقلية الشيعية.

وفي هذا السياق، دعا زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الى شن هجمات على «الحكام» في السعودية التي أعلنت أن تنظيم داعش ارهابي وشاركت في الضربات الجوية التي يشنها تحالف دولي كما سعت لتعبئة كبار علماء الدين للتنديد بالتنظيم.
وتحدث البغدادي بعد هجوم على مدنيين من الشيعة هو الأول من نوعه منذ 2006 شنه متطرفون داخل المملكة.
وفي السياق، قال اللواء منصور التركي المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية، ان «داعش والقاعدة تبذلان قصارى جهدهما للقيام بأعمال أو جرائم إرهابية داخل السعودية». واتهم التركي التنظيمين بانهما يحاولان استهداف النسيج الاجتماعي وخلق صراع طائفي داخل البلاد.
وقال التركي إن صعوبة اجتياز مقاتلي تنظيم الدولة لقيود الامن ودخولهم الى المملكة دفعتهم الى محاولة تحريض المتعاطفين داخل البلاد لتنفيذ هجمات.
وعلى خلاف حملة تنظيم القاعدة في العقد الماضي فان هجوم الاحساء لم يكن يستهدف أهدافا حكومية او اجنبية او البنية التحتية – التي تنعم الآن بحماية افضل من جانب قوات الأمن – لكنه ضرب قرى شيعية عزلاء.
وأضاف التركي ان ذلك يظهر الطبيعة الطائفية المتزايدة للعقيدة ويؤكد ايضا على ان تشديد اجراءات الامن قلل من عدد الاهداف الواضحة التي تركز عليها هجمات المتشددين.
الى ذلك، وسعت السعودية المنطقة العازلة على طول حدودها الشمالية مع العراق حيث يشن تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة عمليات قصف جوي ضد مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية.

توسيع الحدود
ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن المتحدث باسم قيادة حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية محمد الفهيقي قوله انه تمت زيادة عمق منطقة الحدود البرية الى 20 كلم من خط الحدود ولمدة عام. واضافت ان قيادة حرس الحدود في منطقة الحدود الشمالية دعت المواطنين والمقيمين بالابتعاد عن المناطق الحدودية المحظورة وعدم التجول بالقرب منها سواء لغرض صيد أو رعي أو غيره.
وفي ايلول (سبتمبر) دشنت السعودية سياجاً امنياً على حدودها الشمالية كخطوة في الجهود التي تبذلها لمنع التسلل والتهريب عبر حدودها المترامية الاطراف
وتمتد حدود السعودية مع العراق مسافة 800 كلم. ووقعت الرياض العام 2009 اتفاقا مع شركة الدفاعات الاوروبية «اي ايه دي اس» لتشييد سياج امني متطور جداً تكنولوجيا يغطي جميع حدود المملكة البالغ طولها تسعة الاف كلم. وتشارك السعودية في التحالف الدولي الذي يشن حرباً على تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا.
في الاثناء، رفعت كل من السعودية والعراق منسوب التنسيق في ما بينهما. حيث اجتمع رئيس مجلس النواب العراقي الدكتور سليم الجبوري بمقر إقامته في الرياض – الاربعاء – مع الأمير مقرن بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وبحضور رئيس مجلس الشورى السعودي وعدد من مسؤولي المملكة حيث تم بحث العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها في جميع المجالات السياسية والأمنية والإقتصادية.
وأكد الجبوري على رغبة العراق الصادقة في الانفتاح على محيطه العربي وخاصة المملكة العربية السعودية. مشيراً الى ما تتمتع به المملكة من مكانة خاصة على المستوى العربي والاقليمي والدولي. واضاف ان الدولة العراقية بقياداتها الجديدة تؤمن بان «استقرار المنطقة يتطلب تعاون جميع دولها لمواجهة كل التحديات».
من جانبه أعرب الأمير مقرن عن سعادته لزيارة الرئيس الجبوري للمملكة العربية السعودية مؤكدًا أنّ العلاقة مع العراق علاقة وثيقة ومن الضروري ان تاخذ مداها الحقيقي. وشدد على أنّ المملكة حريصة على هذه العلاقة بما يخدم أمن وستقرار وازدهار البلدين.

الجبوري يشيد الملك
وفي وقت سابق ثمن الجبوري الجهود الكبيرة والمساعي الحثيثة التي يبذلها «رجل السلام» العاهل السعودي الملك عبدالله، وحرصه على تحقيق السلام والأمن والاستقرار والرخاء لكافة شعوب العالم. وأكد ان العراق والسعودية يمثلان القوة الأهم في المنطقة لمواجهة الاٍرهاب وتحجيمه والقضاء عليه لما تمتلكان من مقدرات مادية ومعنوية وجغرافية وتاريخية تضعهما في مقدمة الركب لتحمل هذه المسؤولية الحرجة والحساسة والخطيرة. وبحث رئيس مجلس النواب العراقي في الرياض مع رئيس مجلس الشورى السعودي عبدالله آل الشيخ التعاون بين المؤسستين التشريعيتين في البلدين. وقال آل الشيخ «اننا راغبون في التعاون مع مجلس النواب العراقي وعلى جميع الصعد حيث افتقدنا في المملكة العربية مثل هذه الزيارات طويلاً» معرباً عن أمله بان تتطور مثل هذه اللقاءت بما يخدم مصلحة البلدين الشقيقين.
ومن جانبه اشاد الجبوري بدعوة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز للرئيس العراقي فؤاد معصوم والتي جرى خلالها بحث تطورات الأحداث على الساحة الإقليمية ومجمل المستجدات الدولية إضافة إلى آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها.
وقال الجبوري في كلمة بمجلس الشورى السعودي «نثمن بكل تقدير واعتزاز الجهود الكبيرة والمساعي الحثيثة التي يبذلها رجل السلام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وحرصه الدؤوب على تحقيق السلام والأمن والاستقرار والرخاء لكافة شعوب العالم مؤكدين اهتمام الجمهورية العراقية قيادة وشعبا بدعم وتعزيز علاقاتها مع المملكة العربية السعودية بما يحقق المصلحة المشتركة بين البلدين الشقيقين».
وأشار إلى أنّه لبى دعوة مجلس الشورى السعودي لزيارة المملكة من اجل مناقشة الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين وتبادل وجهات النظر حول سبل توطيد العلاقات الثنائية وتبادل الخبرات البرلمانية.
وشدد على أن «محاربة الاٍرهاب والوقوف بوجهه أولى اولوياتنا وهذا يتطلب تعاوناً غير محدود وتواصلاً غير مقطوع من شأنه ان يضع الساعد على الساعد والجهد على الجهد والفكرة على الفكرة لتتكامل مقدراتنا وتتضأمن عزيمتنا».
وأشار إلى أن «مشكلة داعش تجاوزت الحدود بين بلداننا وكسرت الأسوار الدبلوماسية وهي تحاول جاهدة ربط اطرافها ببعضها وهذا سيكلفنا عملاً مضاعفاً على الصعد العسكرية واللوجستية والمعلوماتية بل وحتى الثقافية والاجتماعية».
وأضاف قائلاً «تأتي هذه الزيارة في سلسلة التواصل المتصاعد الوتيرة لإذابة الجليد في العلاقات بين البلدين والتي خلفتها مرحلة الدكتاتورية وكانت تنتظر مبادرة مشتركة لتطويرها وتعزيزها بما يحقق المصلحة ويدفع بالبلدين نحو تفاهم أكثر وتكاتف أقوى».

زيارة معصوم
وتأتي زيارة الجبوري إلى السعودية بعد ايام من زيارة مماثلة قام بها الرئيس العراقي فؤاد معصوم على رأس وفد حكومي رسمي كبير بحث خلالها مع كبار القادة والمسؤولين السعوديين يتقدمهم العاهل السعودي الملك عبدالله تطوير العلاقات الثنائية ووضع أسس لعلاقات سياسية وأمنية لمواجهة الارهاب وتكثيف عمليات تبادل المعلومات في هذا المجال إضافة إلى التأكيد على ضرورة الاسراع بفتح السفارة السعودية في العراق وهو أمر أكده وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل. وقال الفيصل في تعليقه على زيارة معصوم أنها «أولى الخطوات لعودة العلاقات الطبيعية وانها ستكون فاتحة خير لتليها لقاءات بين المسؤولين تثمر عن تطوير العلاقات بين البلدين».
يذكر أنّ العلاقات السعودية العراقية شهدت توتراً خلال فترة ترؤس نوري المالكي للحكومة العراقية حيث دأب وقادة ائتلافه دولة القانون كيل الاتهامات إلى السعودية بدعم الارهاب في العراق وتسهيل دخول مسلحي التنظيمات الارهابية إلى اراضيه وهو الامر الذي نفته الرياض بشدة مؤكدة انخراطها في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق