سياسة لبنانية

جنبلاط عاد مُحبطاً من باريس

جاءت زيارة النائب وليد جنبلاط الى باريس حيث التقى الرئيس فرانسوا هولاند في سياق عرض المستجدات السورية والإستحقاق الرئاسي اللبناني بحسب المصادر، في ظل شعور جنبلاط أن التوسع الإيراني من اليمن إلى سوريا والعراق بدأ يشمل لبنان ويفرض أجندته السياسية. وقالت معلومات ديبلوماسية أن باريس أبلغت زعيم المختارة أن الرئيس هولاند لم يغيّر مواقفه من النظام السوري، وقد أبلغ ذلك إلى الوزير جون كيري خلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا، بالإضافة إلى استمرار التواصل بين باريس وواشنطن، وذلك في إطار التأكيد على مقررات مؤتمر «جنيف – 1».
وقالت مصادر فرنسية مطلعة على اللقاء إن هولاند طرح أسئلة كثيرة على جنبلاط في شأن الأوضاع في لبنان. وأكد الرئيس الفرنسي لجنبلاط أنه لن يستعيد أي حوار مع بشار الأسد، كما أكد له أن المخابرات الفرنسية لا تتعاون مع النظام السوري. وقال إن ما صرح به وزير الخارجية الأميركي جون كيري «أحرج فرنسا وأحرج أيضاً الإدارة الأميركية، لأن الجميع يرى أنه لا تمكن إعادة الحوار مع الأسد». كذلك أعرب هولاند عن مخاوفه إزاء سياسة إيران في المنطقة.
الزيارة في نتائجها السياسية باهتة. فاللقاء في الإليزيه كان مجرد تشاور وتبادل للأفكار من دون أن يظهر هولاند قدراته للتأثير على الوضع في لبنان، ومن دون أن يعطي أجوبة مريحة… واللقاء لم يغيّر  قتامة المشهد لدى جنبلاط، فخلال 45 دقيقة من المحادثات لم يخرج جنبلاط بأي «بارقة أمل» يمكن أن تخفف عنه حالة القلق المتصاعد ازاء التطورات السياسية والأمنية. فلا تأكيدات الرئيس الفرنسي بأنه لن يستعيد أي حوار مع بشار الأسد، ولا تطميناته بأن الاستخبارات الفرنسية، لا، ولن تتعاون مع النظام السوري، حملت في طياتها أي تطمينات يمكن التعويل عليها لرسم المشهد الاستراتيجي في المنطقة، فالأميركيون غير مهتمين بالاستماع الى أصوات حلفائهم الأوروبيين، ولا يقيمون وزناً للأصدقاء العرب. وإذا كان هولاند أظهر تطابقاً في الموقف مع جنبلاط ازاء تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري ازاء التفاوض مع الرئيس الأسد، ووصفها «بالمحرجة» لفرنسا والإدارة الأميركية، فإن إعراب الرئيس الفرنسي عن مخاوفه وقلقه إزاء سياسة إيران في المنطقة، زاد من حدة التوتر عند جنبلاط الذي سمع في الإليزيه الكثير من الشكوى والعتب على الحلفاء، والكثير من الامتعاض والغضب من التمدد الإيراني، من دون الحصول على أجوبة شافية حول سبل المواجهة، وشعر بنوع من الاستسلام والتسليم بالقدر الذي تفرضه السياسة الأميركية، وبالوقائع التي تفرضها الاستراتيجية الإيرانية.
القلق الجدي لدى جنبلاط والفرنسيين معا هو من تطور العلاقات الإيرانية – الأميركية إذا ما حصل التفاهم النووي. أما مصدر القلق الأول لدى جنبلاط فيبقى الأحجية الكبيرة حيال الموقف الأميركي من نظام الرئيس بشار الأسد، فالإدارة الفرنسية لا تملك إجابات واضحة عن النوايا الأميركية المضمرة في الانفتاح على الأسد، وحتى الآن لا تعرف السبب الحقيقي الذي دفع بالأميركيين لرفض تقديم مساعدة جادة وفاعلة لقوى «المعارضة المعتدلة» رغم كل المطالبات الفرنسية الملحة قبل نحو عامين، لكن تم تفويت الفرصة الآن ولم تعد المعطيات الميدانية تسمح بتحقيق أي إنجازات بعد اضمحلال قوة المعارضين «المعتدلين».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق