أبرز الأخبار

«الهيئة الإنتقالية» تفجر «جنيف – 2» والملفات الإنسانية ملاذ المتفاوضين.

بعد ساعات من إنتهاء الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر جنيف – 2، أجمعت الرسائل الإخبارية على فشل المؤتمر، وعلى صعوبة الملفات، وعدم إمكانية التوصل الى حلول وفاقية، الأمر الذي أوقع القائمين على ذلك اللقاء بالحرج الشديد. ووسط إتهامات لمنظمي تلك الإحتفالية بعدم الإعداد الجيد لها، وتوفير عناصر النجاح لها، تفتقت أذهان الدبلوماسيين المعنيين بمتابعة تفاصيلها عن مشروع يقضي بتأجيل الملفات الشائكة، وفي مقدمتها موضع «الهيئة الإنتقالية» التي تتمسك المعارضة بها، ويدعمها في ذلك المطلب غالبية الوفود المشاركة في لقاء جنيف – 2 الذي يعتقد انه ما زال مهدداً بالتفجير، وبالتالي، بالفشل.

المشروع التفاوضي بنسخته الدبلوماسية التي باركها الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الأممي والعربي لسوريا، وأكدها وزراء الخارجية لكل من روسيا والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، وشارك في رسمها الوزير الصيني الذي حاول ان يكون فاعلاً في تلك المفاوضات الشاقة، وبما يعطي انطباعاً بأن لدى بكين القدرة على تذليل الصعوبات وصولاً الى قدر من التوافق الذي يؤسس لحلول طويلة الأمد، هذا المشروع التفاوضي الذي إتفقت عليه الأطراف يقوم على فكرة الدخول في مباحثات تتعلق بوقف المواجهات المسلحة، وصولاً الى الملفات الإنسانية بما في ذلك مسألة السماح بتدفق المساعدات الغذائية وغيرها، والبدء بإطلاق سراح المعتقلين والموقوفين. وهو الملف الذي يعتقد محللون بأنه لا يحتاج الى وقت طويل.
ويبدو ان ذلك التقويم كان دقيقاً، حيث تقدم كل طرف بما لديه من مطالعات، وما يمتلك من معلومات وأرقام يريد إدماجها في أي مشروع إتفاق يمكن التوصل اليه. فقد تقدم كل طرف بما لديه من مطالب تتعلق بوقف المواجهات، وخصوصاً في مجالات لها علاقة بمدى التشابك القائم بين أطراف المواجهة، وكذلك مسألة تحديد الإختصاصات.

العقدة
وبحسب معلومات خاصة حصلت عليها «الأسبوع العربي» من متابعين في موقع المفاوضات، وفي الكواليس، تمثلت «العقدة» التي واجهت المفاوضات بتعدد الجهات التي تنتمي الى المعارضة، وبالتالي تشعب مطالب النظام وتعدد المرجعيات المسؤولة عن تلك المطالب.
وفي هذا السياق، يشير بعض المصادر الى أن النظام طالب بالإفراج عن قائمة أسماء لمعتقلين لا يعرف الوفد الممثل للمعارضة عنهم أي شيء، الأمر الذي فتح الباب أمام ثغرة مهمة تتمثل بعدم شمولية التمثيل من قبل وفد المعارضة، إلا أنه، وأياً يكن الأمر، فقد حظي وفد المعارضة بدعم كبير من قبل غالبية الدول المشاركة.
ميدانياً، بدا واضحاً ان الهروب الى الملفات الإنسانية والبدء بمناقشتها كان بمثابة خطة ناجحة للهروب من تفجر المؤتمر وإعلان فشله منذ البدايات. كما نجح في محاولة ترطيب الأجواء ـ جزئياً ـ وإخراج المؤتمر من أزمته، إلا ان المدققين في تفاصيل المشهد لا يستبعدون الوصول الى النقطة الحرجة وبالتالي «الدخول في الحائط». ذلك أن النقطة التي تتعلق بـ «الهيئة الإنتقالية» والتي يتمسك بها وفد المعارضة ويرفضها وفد النظام تشكل النقطة الحرجة.

وجهاً لوجه
ميدانياً، عقد طرفا الصراع السوري أول اجتماع مباشر بينهما يوم السبت في بداية محادثات تستهدف إنهاء الصراع المستمر منذ نحو ثلاث سنوات والذي أدى إلى مقتل زهاء 130 ألف شخص وزعزعة الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وبعد يوم من التأجيل وتبادل الإتهامات جلس وفدا الحكومة والمعارضة وجهاً لوجه على طاولة تفاوض في مقر الأمم المتحدة في جنيف في حضور مبعوث السلام الدولي الأخضر الإبراهيمي.
ودخل الوفدان الغرفة وغادراها من بابين مختلفين وجلسا صامتين لمدة نصف ساعة فيما حدد الإبراهيمي خططه التي تعتمد على التركيز المباشر على المساعدات الإنسانية التي وصفها دبلوماسيون بأنها إجراء لبناء الثقة تتبعها محادثات سياسية لحل الصراع.
وبحسب معلومات سربتها المعارضة، أبلغ الإبراهيمي الجانبين أن «جنيف – 2» مؤتمر سياسي ويعتمد على مؤتمر «جنيف – 1» في إشارة إلى إعلان جنيف الصادر في حزيران (يونيو) عام 2012، الذي يدعو إلى تشكيل هيئة حكم إنتقالية في سوريا بالإتفاق بين الجانبين، ورد أعضاء وفد النظام بأنهم يقبلون بشكل عام إعلان «جنيف  – 1» لكنهم أكدوا من جديد معارضتهم لتشكيل هيئة إنتقالية قائلين إنها غير ملائمة وغير ضرورية.
وفي هذا الصدد، قال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي إن الحكومة لديها تحفظات شديدة على هذه الفكرة، مشبهاً إياها بالحكومة الإنتقالية التي شكلتها القوات الأميركية في العراق بعد اطاحة صدام حسين عام 2003، مضيفاً أن سوريا دولة لها مؤسساتها وأن تشكيل هيئة حكم إنتقالية يتم حين تتفكك الدولة أو تخلو من المؤسسات.

إطلاق سراح سجناء الرأي
وقالت متحدثة بإسم الأمم المتحدة إن الوفدين اجتمعا ثانيةً وناقشا إتفاقاً محتملاً على وقف إطلاق النار لفترة قصيرة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في حمص. وقال متحدث بإسم وفد المعارضة إن التركيز خلال اليومين المقبلين سينصبّ على الأوضاع الإنسانية والسماح بدخول الأغذية إلى المناطق المحاصرة. وأن الوفدين سيناقشان إطلاق سراح سجناء الرأي مشيراً إلى أن هناك أعداداً كبيرة منهم، مضيفاً أنه سيتم البدء بالنساء والأطفال أولاً.
وبحسب المعلومات المتسربة قد يؤدي الإقتراح – الذي يشمل منح المدنيين ممراً آمناً – إلى وقف إطلاق النار في مدينة حمص لمدة أسبوع أو أسبوعين وهو أمر قد يمتد في حال نجاحه الى باقي المحافظة الواقعة في وسط سوريا وهي ساحة رئيسية للصراع. وخصصت جلسة التفاوض المشتركة التي إنعقدت قبل ظهر الأحد في قصر الأمم برعاية الإبراهيمي للبحث في موضوع المعتقلين والمخطوفين في سوريا منذ بدء النزاع في منتصف آذار (مارس) 2011. وإنفصل الوفدان بعد الظهر في غرفتين يتنقل بينهما الإبراهيمي لبدء البحث في الموضوع السياسي.
وطالب وفد المعارضة بالإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون النظام، وبينهم نساء وأطفال، وشدد على ضرورة فصل موضوع النساء والأطفال عن باقي المعتقلين، وعلى ضرورة الإفراج عن هذه الفئات فوراً. وبحسب معلومات مصدرها وفد المعارضة فإن لدى الوفد قائمة بحوالي 47 ألف إسم تقريباً اصحابها معتقلون في سجون النظام يتم التحقق منها بدقة. وان الوفد تقدم بقائمة بأسماء ألف إمرأة و1300 طفل.
 
ضغوط دولية
وبحسب تسريبات من المعارضة تعامل وفد النظام بـ «عدائية» مع هذه المطالب. خصوصاً مطلب الإفراج عن الدكتورة رانيا محمد العباسي المعتقلة مع اطفالها الستة أصغرهم لا يتجاوز العامين من العمر. وبحسب التسريبات ايضاً هناك ضغوط دولية تجري خارج قاعة المفاوضات لكي يتجاوب النظام مع هذه المسألة الإنسانية.
المتابعون لما يجري في مونترو، يعتقدون بأن المفاوضين الذين يناقشون الملفات الإنسانية يدركون سهولة التواصل في الكثير من العقد وإمكانية التسليم في بعض النقاط. إلا ان عيونهم متجهة نحو الموضوعات السياسية وخصوصاً ملف الهيئة الإنتقالية التي من غير المستبعد ان تفجر المفاوضات ما لم ينجح الوسطاء في تقريب وجهات النظر وتحديد طروحات وسطية يمكن اللقاء حولها، او ان ينجح الوفد السوري ـ بدعم روسي ـ من الهروب منها.
فالمعارضة تصر على الدخول سريعاً في مباحثات حول تشكيل حكومة إنتقالية. ويلوّح وفدها باللجوء الى مجلس الأمن الدولي في حال فشلت المفاوضات في الوصول الى هذه النقطة. ويستند وفد المعارضة في ذلك ـ بحسب أحد الأعضاء ـ  الى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118 في بنده رقم 21  الذي ينص على العودة  الى مجلس الأمن تحت الفصل السابع. ويؤكد الوفد أنه جاء الى «جنيف – 2» بدعم من مظلة  دولية. بينما وفد النظام يرفض الدخول في أية محادثات بهذا المضمون ويحاول التهرب من أية إستحقاقات تتعلق بهذا البعد.
الى ذلك، وفي موضوع مواز، تشير التقارير الميدانية الى ان المعارضة السورية فتحت  حوارات متعددة مع جماعات معارضة مسلحة اخرى  تنشط  في جميع أنحاء البلاد في الوقت الذي تحاول المعارضة الإعداد  لإقتراح وقف إطلاق نار شامل لتقديمه إلى الحكومة السورية من خلال مؤتمر جنيف.
ويهدف الإئتلاف الوطني السوري المعارض من خلال سلسلة الإجتماعات التي يعقدها ويعود تاريخها إلى الأسبوع الماضي إلى التوصل إلى توافق في  الآراء مع الجماعات المعارضة حول إنهاء الأعمال العدائية.
وستعرض النتائج على وفد الحكومة السورية في جنيف في إطار مؤتمر  السلام المنعقد هناك .
وفي إطار ذلك الحوار، التقى مسؤولو أعضاء الإئتلاف الوطني السوري والجيش السوري الحر مع ممثلي الجبهة الثورية السورية والجبهة الإسلامية السورية وجيش المجاهدين و جبهة النصرة،
إلا ان المشكلة التي تواجه المعارضة السورية هي أنها لا تملك سوى تأثير محدود على الجماعات المسلحة المنقسمة  الناشطة في البلاد.

احمد الحسبان
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق