الأسبوع الثقافيرئيسي

«النبوّة في الإسلام بين الأمس والغد» محاضرة ثنائيّة الصوت في اليسوعيّة

تحت عنوان «النبوّة في الإسلام بين الأمس والغد»، وضمن إطار سلسلة محاضرات «ثلاثاء الكليّة» التي تنظمها كليّة العلوم الدينيّة في جامعة القدّيس يوسف، استضافت الكليّة كلاً من الدكتور رضوان السيّد والشيخ محمد زراقط في محاضرة ثنائيّة الصوت، حضرها عميد الكليّة الأب مارك تشاشليك اليسوعيّ، ومدير المعهد العالي للعلوم الدينيّة الأب إدغار الهيبي وحشد من الأساتذة والأكاديميين والمهتمين والطلاّب.
بدايةً قدّمت الدكتورة رولا تلحوق (منسقّة الماستر في كليّة العلوم الدينيّة ومديرة مركز التوثيق والأبحاث الإسلاميّة – المسيحيّة) الدكتور رضوان السيّد وهو أستاذ محاضر في جامعات لبنانيّة وعالميّة مرموقة على سبيل المثال لا الحصر: هارفرد وشيكاغو وسالزبورغ وهامبرغ، إضافة الى مؤلفاته العديدة والمتنوّعة في الفكر الإسلاميّ والإصلاح إلى جانب الترجمات والتحقيقات، وقصدت تلحوق الإيجاز نظراً إلى السيرة المهنيّة الحافلة بالنجاحات والإنجازات.
تناول الدكتور رضوان السيّد النبوّة في الإسلام من خلال مرحلتين: القديمة أي التأسيسيّة والحديثة، شارحًا كيفيّة تطوّرها، متوقفاً على ما جاء عند المتكلمين أي علماء الكلام السُنّة، وعدّد ثلاثة شروط واجب توفّرها للإقرار بالنبوّة:
أولاً: أن تعتمد على الوحي، بمعنى أن الله عزّ وجلّ يصطفي شخصاً محدّداً، أي يختاره  ويتصلّ به في شكل لا يُخلُّ بالوحدانيّة والتنزيه.
ثانياً: أن النبيّ يكون مرسلاً للإنذار والتبشير، فإذا صارت الرسالة مكتوبةً وتتضمّن عباراتٍ وشرائح صارت رسالةً وصار هو رسولاً.
ثالثاً: ضرورة حدوث معجزات لكي يصدّق المُرسل إليهم ما يخبرهم به النبيّ ينبغي أن تكون لديه معجزات، وهي من الأمور الخارقة للعادة، والملائمة للغرض، والقابلة للتحدّي.
واعتبر الدكتور السيّد أن كُبرى معجزات النبيّ محمد (عليه الصلاة والسلام) هو القرآن الكريم. بعد ذلك انتقل الى الكلام على الرسالة التي أظهرها النبيّ محمد بين سنوات 610 و613 ميلاديّة، وقد ركّز في دعوته على أربعة أمور تُختصر كالاتي:
– الإرسال من الله والاصطفاء من أجل الهداية.
– مضمون الرسالة الرئيسيّ: الوحدانيّة واقتراب اليوم الأخير والحساب.
– وأنّ الدين واحدٌ، وأنه على نهج إبراهيم أبي الأنبياء.
– وأنّ معجزته هي القرآن المتلوّ الذي لا يأتيه الباطل.
ثم توقّف الدكتور رضوان السيّد على إفهام المسلمين الأوائل للنبوّة، وميّز بين طريقة فهمهم للنبيّ، فكانوا أن رأوا فيه:
النبيّ رجل الدولة والإمامة، والنبيّ الفاتح، والنبيّ المنافس لأنبياء أهل الكتاب أي اليهود والمسيحيين، والنبيّ الشارع أي المشترع، والنبيّ مُنشء العقيدة القويمة، والنبيّ الفيلسوف، وأخيرًا النبيّ المتصوّف.

الشيخ محمد زراقط: أحكام النبوّة العامّة لم تتغيّر
في الجزء الثاني من المحاضرة قدّمت الدكتورة تلحوق الشيخ محمد زراقط الذي درس في حوزة قُم وهو أستاذ في الفلسفة والمنطق وصاحب مؤلّفات متعدّدة وترجمات متنوّعة إلى جانب مجموعة من المقالات والدراسات  المتخصّصة.
استهلّ الشيخ زراقط كلامه بالتوقّف على مفهوم النبوّة مميّزاً بين نوعين: النبوّة الخاصّة والنبوّة العامّة، محدّدًا كلّ منهما، ومعتبرًا  أن النبوّة العامّة «هي مفهوم النبوّة وكلّ ما يرتبط بهذا المفهوم من نقاشات وشروط وحاجة إلى إرسال شخص يكلّف حمل رسالة من الله والناس» وحصر كلامه بهذا المفهوم العامّ إلاّ حين يقصد نبوّة النبيّ محمد (ص) فيشير إلى ذلك.
كما عرّف المحاضر بكلمة النبيّ لغوياً، مستنداً إلى ما جاء عند الأصفهاني، وذكّر بما جاء عند المتكلمين الشيعة ورأى أنها «تختلف في ألفاظها وتتقارب في معناها»، فالمتكلمون يستندون إلى ثلاثة مصادر: القرآن الكريم، والحديث أو ما يسمّى في الأدبيّات الإسلاميّة بالسُنّة، والمصدر الثالث والأخير هو العقل شارحاً أن المقصود به هو «الاستناد إلى الإدراك البشريّ لتحليل مفهوم النبوّة وما يتناسب مع هذا المفهوم ولا ما يتناسب»، وأعطى مثالاً على ذلك الجدل الدائر حدود العصمة والدليل عليها، شارحاً مصطلحَيْ  «الغلو» و«التقصير».
ركّز الشيخ زراقط في مداخلته على تطوّر اللغة في معالجة مفهوم النبوّة، في حين أن الأسئلة الكبرى لم تتغيّر وما تزال هي نفسها من الأزمنة الغابرة إلى يومنا هذا، وختم مداخلته قائلاً إن: السؤال حول الحاجة إلى النبوّة ما يزال قائماً وقد أضيف إليه سؤال:  ما مدى الحاجة إلى الديّن؟
بعد ذلك ردّ المحاضران على أسئلة الحضور ودارت بغالبيتها حول مفهوم الدولة والخلافة في الإسلام، والإلحاد المعاصر، وأسباب نشوء التطرّف وغيرها.
في الختام شكر عميد الكليّة المحاضريَنْ وقدّم لكلّ منهما هدية تذكاريّة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق