سياسة لبنانيةلبنانيات

العدو يخرق قواعد الاشتباك في الجنوب فيرفع نسبة الخطر باندلاع حرب شاملة

ميقاتي يواصل جولته العربية وانتخاب رئيس للجمهورية هو القضية الاكثر الحاحاً

يمر لبنان في ظروف صعبة وقاسية، واسوأ ما فيها وحتى اسوأ من الحرب، هي الانقسامات الداخلية التي تعطل كل المسارات وتكاد تقضي على كل شيء. فقد انقسمت الاراء حول خطاب الامين العام لحزب الله. فالبعض ايده بلا تحفظ، ووصف مواقفه بانها حكيمة، وراعت الوضع الداخلي الذي يعاني كثيراً، والبعض الاخر انتقد تفرده في اتخاذ قرار مصيري يتعلق بمستقبل البلد واللبنانيين جميعاً. هذه الانقسامات والخلافات كانت ولا تزال السبب في انقضاء عام كامل على الشغور الرئاسي، ورغم دقة الظروف لم يتخلَ الاطراف عن مصالحهم الخاصة، فعطلوا انتخابات الرئاسة وتركوا الشغور يتمدد، حتى بلغ مراكز كبيرة ومهمة جداً في هذه المرحلة.
ولم يتبدل الوضع على الحدود الجنوبية بعد خطاب الامين العام لحزب الله، وبقيت الاشتباكات اليومية على حالها تعنف احياناً وتخف احياناً اخرى، الا انها بقيت مضبوطة تراعي قواعد الاشتباك وهذا دليل على عدم الرغبة في توسيع رقعة الحرب. الا ان العدو الاسرائيلي لا يمكن الركون الى مواقفه التي تُعرف بالغدر والتفلت من كل الضوابط الاخلاقية. لذلك تبقى الامور مرهونة بتطوراتها، خصوصاً بعد قصف العدو سيارة مدنية سقط فيها ثلاثة اطفال بنات وجدتهن في مجزرة استدعت تقديم شكوى الى مجلس الامن ورد عنيف من حزب الله. وهذا يهدد بالانزلاق نحو الحرب الشاملة.
في هذا الوقت واصل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اتصالاته وجولاته على الدول العربية، طالباً العمل على منع اسرائيل من الاستمرار في اعتداءاتها على لبنان، وكذلك وقف القصف الوحشي على غزة. فبعد قطر زار الاردن والتقى المسؤولين فيه، كما التقى وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن الذي انتقل من اسرائيل الى الاردن للبحث مع الزعماء العرب الوضع في غزة. اللقاء حضره سفير لبنان في عمان ومساعدة وزير الخارجية الاميركية توم سوليفان. واكد ميقاتي اولوية العمل للتوصل الى وقف العدوان على لبنان وسياسة الارض المحروقة التي يتبعها العدو، باستخدام الاسلحة المحرمة دولياً للامعان في المزيد من الخسائر البشرية وتدمر المناطق والبلدات الجنوبية.
وشدد ميقاتي على ان لبنان الملتزم الشرعية الدولية وتطبيق القرار 1701، وبالتنسيق مع اليونيفيل، يطالب المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لوقف التعديات والانتهاكات اليومية على ارضه وسيادته براً وبحراً وجواً.
بدوره شدد بلينكن على انه يبذل جهده لوقف العمليات العسكرية لغايات انسانية، على ان يترافق ذلك مع بدء البحث في معالجة ملف الاسرى.
وانتقل ميقاتي الى القاهرة للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وقد عبر عن تقديره لوقوف مصر الدائم الى جانب لبنان ودعمها له على الصعد كافة. وقال ان مصر التي تحمل دوماً هموم العالم العربي، تبذل جهداً لوقف العدوان على غزة ووقف المجازر التي ترتكب في حق الفلسطينيين، ونحن ندعم موقف الرئيس المصري برفض تهجير الفلسطينيين من ارضهم، وسعيه لايجاد حل يبدأ بوقف اطلاق النار وحماية المدنيين، والعمل تالياً على ايجاد حل دائم للقضية الفلسطينية، يحفظ حقوق الفلسطينيين في ارضهم ودولتهم المستقلة. بعدها عاد ميقاتي الى الاردن والتقى نظيره الاردني، ثم الملك عبدالله الثاني وكانت دعوة مشتركة لوقف العدوان.
هذا وتلقى الرئيس ميقاتي اتصالاً هاتفياً من نظيره الهولندي مارك روته، وبحث معه الوضع في لبنان وغزة، والمساعي الجارية لاحلال السلام. وكرر ميقاتي المطالبة بوقف العدوان على غزة والجنوب اللبناني، لان استمرار التدهور يهدد بتمدد الحرب الى كل المنطقة. وسيزور ميقاتي السعودية نهاية الاسبوع للمشاركة في القمة العربية الطارئة التي ستعقد في 11 الجاري بدعوة من المملكة.
قائد الجيش العماد جوزف عون، استقبل من جهته نائب الامين العام للامم المتحدة للامن والحماية جيل ميشو على رأس وفد مرافق، بحضور المنسقة الخاصة للامين العام للامم المتحدة يوانا فرنتسكا، وتناول البحث الاوضاع العامة في البلاد والتطورات على الحدود الجنوبية، والتنسيق الدائم مع قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان. ومساء امس زار العماد جوزف عون البطريرك الراعي الذي ندد في عظة الاحد بالحملة المغرضة التي تشن ضد قائد الجيش وتطالب باسقاطه، وهدف هذه الحملة الوحيد سياسي بامتياز. بعدها زار بكركي رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي قال بعد اللقاء انه مستعد للتعاون مع اي رئيس يتم انتخابه في جلسة مفتوحة للمجلس النيابي وليفز فيها من يفوز.
الوضع في لبنان اصبح في مرحلة خطرة ومحرجة جداً، فيما اهل الحل والربط صامتون يتفرجون على ما يجري ويشهدون على سقوط البلد، فيما المصلحة الوطنية تفرض على الجميع تحمل مسؤولياتهم. ان انتخاب رئيس للجمهورية امس قبل اليوم من اكثر القضايا الحاحاً، وانتظار تطورات الحرب سيؤدي الى تدمير لبنان وتفكيكه، لان الشغور بدأ يزحف الى جميع المراكز الحساسة وبصورة خاصة الى قيادة الجيش هذه المؤسسة التي لولاها لسقط لبنان. فمتى يدعى المجلس النيابي للقيام بواجبه، ومتى يسارع النواب الى انتخاب رئيس يكون منطلقاً لاعادة بناء المؤسسات واطلاق عجلة الدولة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق