رئيسيسياسة عربية

اليمن: تحالفات انتحارية لتفجير الحوار الوطني المتعثر

رسائل كثيرة، ومتعددة، ترسلها الحكومة اليمنية في جميع الاتجاهات، مفادها ان الحوار الوطني يسير في الاتجاه الصحيح، وان اطراف الحوار قادرون على تجاوز الخلافات، والتغلب على جميع الاشكالات التي تعترض رغبتهم في تحقيق منجزات يمكن تحويلها الى ارضية صلبة تحتمل الهزات الخلافية الكبرى التي تشكل لب الخلاف اليمني المتجذر منذ ما يزيد عن ربع قرن.

في الصورة المقابلة، هناك قوى متعددة الافكار والطروحات تتوقع ان تكون خسارتها كبيرة فيما اذا نجح الحوار، وتتمسك بموقفها الرافض لكل مشاريع الطروحات الوفاقية. وترى – في المحصلة – ان الحل الذي يناسبها ينحصر في تفكيك الدولة، وتقسيم الارض، وصولاً الى صيغة ما قبل الوحدة. ومن بين القوى مدار الحديث، من يطالب بتقسيمات جديدة بعضها طائفي – كما يطمح الحوثيون – وبعضها قبلي  – كما يرى بعض شيوخ القبائل، ومنها سياسي كما يرى الجنوبيون. وبين هذه وتلك، هناك محاولات تلامس حدود اليأس، تبذلها مؤسسات وطنية من بينها رئاسة الدولة التي لم تفقد الامل بعد بحدوث التوافق، والوصول الى حالة اصلاحية يمكن ان تؤسس ليمن قوي.
وفي المنتصف ايضاً، هناك شبه قناعات بان قرار تقسيم اليمن اتخذ خارجياً، وان جميع المجريات تصب في ذلك الاطار. وبالتالي فكل المحاولات الجارية قد لا تكون مرشحة للوصول الى نتائج ايجابية.
ومع ان الملف بات مفتوحاً على كل تلك الاحتمالات، والتقديرات، الا ان المتابعين لـ «الحدث» يتوقفون عند بعض التطورات المستجدة، وفي مقدمتها العودة الى اسلوب التفجيرات الانتحارية من اجل استهداف قيادات امنية، ومؤسسات ومشاريع اقتصادية واستراتيجية وامنية.
ومع ان الظاهرة ليست جديدة، وتعود الى سنوات خلت، الا انها تعطلت فترة من الوقت قبل ان تنطلق من جديد، ولكن بصورة اكثر كثافة. وفي هذا الصدد، يقول متابعون انه لا يكاد يمر يوم دون ان تشهد المناطق الجنوبية – تحديداً – عملية انتحارية او اكثر، ودون ان تؤدي تلك العمليات الى سقوط قتلى وجرحى.

دائرة الاستهداف
الجديد هنا، ان الدائرة الجغرافية لتلك العمليات اتسعت، وان اساليبها تنوعت، ودائرة الاستهداف تطورت بعض الشيء. بمعنى ان الدائرة امتدت الى العاصمة صنعاء، ومن بعدها الى منطقة صعدة التي اعتبرت حتى وقت قريب واحدة من مناطق نفوذ الحوثيين، والتي شهدت معارك حامية بين المتمردين الحوثيين والجيش اليمني، والتي تسعى تبعاً لموقف اغلبيتها الى تحقيق الحكم الذاتي – بالحد الادنى – وان تمهد للانفصال في ما بعد. وجرى التركيز على استهداف مشاريع اقتصادية يمكن اعتبارها العصب الرئيسي للدولة.
في هذا الصدد، اشارت تقارير اخبارية مصدرها الساحة اليمنية الى مقتل مدنيين، واصابة 11 شخصاً بجروح، في عملية انتحارية نفذت في مدينة صعدة شمال اليمن، التي اعلن عنها الحوثيون انها صارت معقلاً لجماعة «انصار الله»، وهي الجماعة الحوثية التي اطلقت على نفسها هذا الاسم، اقتداء بحزب الله، وفي اشارة واضحة الى تبعية تلك الجماعة الى ايران.
وبحسب مصادر مقربة من حركة التمرد الحوثي، فقد نفذ الاعتداء بواسطة دراجة نارية مفخخة في سوق شعبية في المدينة.
ويشارك ممثلو الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني الذي بدأ في اذار (مارس) لمناقشة المشكلات الرئيسية في اليمن وصياغة دستور جديد والتحضير لانتخابات عامة في شباط (فبراير) 2014. في حين يرى بعض المحللين ان استهداف هذه المنطقة يؤشر على رغبة في تفجير الحوار وافشاله. وبالتوازي، وفي حادثة اخرى، اعلنت سلطات صنعاء اكتشاف وتفكيك سيارة مفخخة قرب مركز بدر، وهو مركز ديني للزيديين – الحوثيين – في العاصمة يشرف عليه احد قادة التمرد الحوثي. وجاء هذا الاعلان على خلفية التوتر بين السلطة والمتمردين اثر مقتل 13 من انصار الله الاسبوع الماضي لدى قمع تظاهرة قام بها مئات الزيديين امام مقر الاجهزة الامنية للمطالبة باطلاق سراح عناصر منهم معتقلين.
والزيدية مذهب شيعي يقيم معظم اتباعه في اليمن حيث يشكلون اقلية في بلد يتألف من اكثرية سنية. ومنذ بضع سنوات، بدأ الزيديون التعبير عن مطالبهم السياسية بزعامة قائدهم عبد الملك الحوثي.
وفي هذه الاثناء، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية عن ضبط عنصرين ينتميان الى تنظيم القاعدة كانا يخططان لتنفيذ عملية إرهابية بمحافظة عدن جنوبي اليمن. وقالت الوزارة في بيان صحافي أن السلطات الأمنية بمدينة الشيخ عثمان في محافظة عدن ضبطت خلال عملية دهم قامت بها لأحد المنازل اثنين من عناصر القاعدة، أحدهما سعودي والآخر يمني وبحوزتهما عبوتان ناسفتان جاهزتان للتفجير. وذكرت الوزارة أن العبوة الأولى تزن 1،5 كيلوغرام والأخرى تزن كيلوغراماً واحداً، مشيرة الى أن العبوتين اللتين ضبطتا بحوزة المتهمين مكسوتان بحديد صلب وموصولتان بأسلاك وصواعق كهربائية وبطاريات.

خلية ارهابية
وكانت الداخلية اليمنية اوقفت قبل ذلك بايام، خلية ارهابية كانت تخطط لتنفيذ عمليات انتحارية في محافظة عدن تستهدف عدداً من المنشآت الحيوية والشخصيات العسكرية والأمنية. كما احبطت القوات اليمنية هجوماً انتحارياً بسيارة مفخخة كان يستهدف الانبوب الاستراتيجي الذي ينقل الغاز من وسط اليمن الى ميناء بلحاف في الجنوب، واسفر ذلك عن مقتل الانتحاري. وذكر مصدر عسكري ان انتحارياً كان يقود سيارة مفخخة اقترب من محطة تقع شمال غرب ميناء بلحاف، تم رصده من قبل قوات الجيش، وتم اطلاق النار على السيارة التي انفجرت وقتل سائقها الانتحاري. واشتبك مسلحون مجهولون مع قوات الجيش بالقرب من محطة اخرى قريبة، من دون ان يسفر ذلك عن خسائر في صفوف الجيش. وتوقع المسؤول العسكري ان يكون تنظيم القاعدة قد حاول تنفيذ هجوم منسق في المحطتين.
ويعتبر هذا الانبوب اهم خط استراتيجي لليمن اذ ينقل الغاز من حقول صافر في وسط البلاد الى بلحاف على الساحل الجنوبي حيث يتم تسييله وتصديره.
الى ذلك، دعا رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة الدول المانحة إلى زيادة دعمها المالي والتنموي من أجل تمكين اليمن من التغلب على التحديات التنموية التي تواجه الشعب اليمني وأهمها التحديات الأمنية والإرهابية والتنموية وتحقيق الانتقال السياسي الكامل.
وأعرب عن أمله من المانحين الاسراع في تنفيذ تعهداتهم التي التزموا بها في مؤتمري الرياض ونيويورك.

صنعاء – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق