دوليات

استعراض قوة ايراني بصواريخ مداها الفا كيلومتر

بينما يتوقف المتابعون للشأن الايراني عند حالة انفراج معلنة بين الجمهورية الاسلامية الايرانية ودول الغرب وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تشير التقارير الى حالة من الصراع الداخلي بين من اطلق عملية التواصل مع الغرب الرئيس الجديد حسن روحاني، والتيار المحافظ بما في ذلك قيادات عسكرية متشددة.

المؤشرات على تلك الازمة كثيرة جداً، الا ان ابرزها ما حدث في مطار طهران عندما عاد الرئيس روحاني من نيويورك، وشارك في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، حيث احتشد انصاره لاستقباله، بينما احتشد معارضوه للتنديد بسياسته، واقدم احد معارضيه على قذفه بالحذاء تعبيراً عن رفض التيار المحافظ لفكرة التقارب مع الغرب التي يقودها روحاني، والتي تحظى بدعم من التيار الاصلاحي الذي يشير بعض المصادر الى انه يتنامى كثيراً.
المتابعون لما يجري على خط طهران – واشنطن وطهران – نيويورك، يتوقفون عند جملة من المعطيات، ابرزها تنظيم استعراض عسكري، ومناورات تم خلالها الكشف عن صواريخ بالستية جديدة مداها الفا كيلومتر. وهي الخطوة التي كشفت عن مدى التناقض في مواقف تلك الدولة، وما يتم استخلاصه من بين عناصر الحراك المتعددة الاشكال والجوانب، بما في ذلك تلك الخطوة التي اعتبرها محللون تعبيراً عن رفض سياسة اصلاحية يتولاها روحاني.
فقد عرضت القوات المسلحة الايرانية عشية موعد سفر روحاني الى نيويورك 30 صاروخاً بالستياً من طراز «سجيل» و«قدر»، يبلغ مداهما الفي كيلومتر وهما قادران نظرياً على الوصول الى اسرائيل، والقواعد العسكرية الاميركية في المنطقة. وظهر اثناء الاستعراض العسكري في جنوب العاصمة الايرانية طهران 12 صاروخاً من طراز «سجيل» و18 صاروخاً من نوع «قدر» تعمل بالوقود الصلب. وهذه المرة الاولى التي تعرض فيها ايران هذا العدد الكبير من الصواريخ البالستية بهذا المدى.

حضور اضطراري
واللافت هنا ان الرئيس روحاني حضر الاستعراض، وسط معلومات متباينة مفادها انه كان مضطراً للمشاركة في ذلك الحفل بهدف عدم افساح المجال للتيار المتشدد توجيهه في الاتجاه الذي يتقاطع مع مشروعه. حيث القى روحاني كلمة قال فيها ان بلاده لم تقم بالاعتداء على أي بلد خلال المائتي سنة الاخيرة. مضيفاً «ان القوات المسلحة للجمهورية الاسلامية والنظام لن يبدأا اي عدوان في المنطقة، لكنهما سيقاومان دوماً المعتدين بعزم ونجاح».
وهناك معلومة اخرى تشير الى ان روحاني اراد استباق سفره الى نيويورك بتوجيه رسالة مفادها ان بلاده تملك بعضاً من عناصر القوة لكنها لا ترغب باستخدامها. وانا على استعداد للتوجه نحو مسار السلام.
واياً كانت نوايا الرئيس روحاني، الا ان العملية – كما يبدو – ما زالت محكومة بجملة من العناصر الداخلية، ابرزها ان الجمهورية الاسلامية لا يمكن ان تتغير بين ليلة وضحاها، وان ما هو مطروح راهناً لا يتجاوز مسألة حسن النوايا. وان الرئيس روحاني قد يكون مضطراً للسير في اجراءات تبدو وكأنها تتقاطع مع المشروع الاساس الذي يبني عليه برنامجه. وفي الوقت نفسه هناك قناعات يصر على التمسك بها ومنها ان بلاده لن تتخلى عن برنامجها النووي وعن حقها في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية، وان كل ما يمكنه تقديمه هو تسهيل مهمة المفتشين الدوليين من اجل الوصول الى المواقع كافة، والتأكد من سلمية برنامجها النووي.
وفي هذا السياق، وفي خطوة وصفت بانها نوع من «التحرش» بالغرب أعلن رئيس أركان قوات الدفاع الجوي في الجيش الايراني فارزادة اسماعيل عن اجراء تدريبات للدفاع الجوي باستخدام منظومة صواريخ جديدة في بداية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وقال اسماعيل: إن التدريبات ستشمل استعمال أحدث الأنظمة الصاروخية وطائرات بلا طيار وآخر الابتكارات في الدفاع الجوي. وأضاف: ان ايران ستجري اختبار أنظمة وتقنيات مجمع الدفاع الجوي للمسافات البعيدة «بافار-373» خلال هذا العام حسب التقويم الفارسي  (حتى آذار  – مارس 2014)». كما اشار الى أن ايران انتجت نظاماً لاسلكياً «سيبيخر» سيتم وضعه في خدمة القوات المسلحة بأقرب وقت. بالتزامن، وعلى خلفية حملة دبلوماسية قامت بها حكومة الرئيس روحاني، من على منصة الامم المتحدة، استأنفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مباحثاتها مع ايران حول برنامجها النووي المثير للجدل.
ووصفت الوكالة الدولية المحادثات بأنها «بناءة جداً»، واعلنت عن اجتماع جديد في 28 تشرين الاول (اكتوبر). واعلن كبير مفتشي الوكالة هرمان ناكايرتس في ختام الاجتماع في فيينا عن اتفاق على بدء المحادثات الاساسية لحل المشاكل العالقة. ووصف المباحثات بانها كانت بناءة جداً.

تعاون ايراني
من جانبه قال السفير الجديد لايران لدى الوكالة رضا نجفي ان الجانبين اجريا مباحثات بناءة حول مختلف المواضيع. وسمح اللقاء باقامة اتصالات بين فريق المفاوضين الايرانيين الجديد وخبراء الوكالة، فيما اكدت طهران ارادتها القوية في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبالتزامن، اعلن مسؤول ايراني ان ايران مستعدة لمناقشة الحد من مستوى تخصيب اليورانيوم، لكنها لن تعلق ابداً بشكل كامل هذه الانشطة التي تثير مخاوف الدول الغربية. وصرح نائب وزير الخارجية الايراني عباس اراقشي ان بلاده ترفض منذ عشر سنوات قبول تعليق كامل لتخصيب اليورانيوم. غير ان اراقشي الذي يلعب دوراً مركزياً في فريق المفاوضين النوويين، اوضح انه يمكن التطرق الى الاطار والمستوى وشكل ومكان التخصيب خلال المفاوضات المقبلة شرط الا يطعن في التخصيب وحق ايران فيه.
واشار بذلك الى المناقشات المتوقعة بين ايران ومجموعة خمسة زائد واحد (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا) في 15 تشرين الاول (اكتوبر) في جنيف. في الوقت نفسه، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري ان واشنطن قد ترفع العقوبات عن إيران خلال الأشهر المقبلة في حال وافقت طهران على اتخاذ اجراءات سريعة للسماح بالمراقبة الدولية لبرنامجها النووي. واقترح كيري في تصريحات صحافية، ان تفتح ايران مركزها النووي في فوردو امام المفتشين الدوليين كي يتمكنوا من التحقق من مستوى تخصيب اليورانيوم فيه.                                                                                      
وقال: «ان الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات طالما لا توجد عملية شفافة يمكننا ان نعرف من خلالها بالتحديد ماذا تنوي ايران فعله بهذا البرنامج؟» واعرب عن اعتقاده بانه من الممكن التوصل الى اتفاق خلال اقل من ثلاثة اشهر.

عواصم – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق