سياسة لبنانيةلبنانيات

حملات سياسية متدنية المستوى تفقد المنظومة اخر ذرة احترام كانت باقية لها

لماذا الغيت جلسة المجلس حول محاكمة وزراء الاتصالات وهل يكون مصيرها شبيهاً بانفجار المرفأ؟

تصاعدت حدة الصراع السياسي الداخلي وتدنى مستواه الى درجة يفقد لبنان معها اخر ما تبقى له من احترام في الخارج. بالطبع احترام الشعب اللبناني باق ويتعزز، ولكن الطبقة السياسية اصبحت سمعتها على كل شفة ولسان، وقد تظهّر ذلك في البيانات التي تصدر بين الحين والاخر عن مؤسسات دولية كالبنك الدولي والامم المتحدة وصندوق النقد الدولي وغيرها. غير ان السياسيين لا يبالون. فسمعتهم لم تعد تهمهم بل ان الاهم عندهم مصالحهم ومكاسبهم التي تضخمت على حساب الخزينة وجيوب المواطنين.
الحرب بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وصلت الى مستويات غير مسبوقة، عبر حملة قاسية شنها رئيس التيار على رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ولم يوفر حليفه حزب الله، الذي اتهمه بانه يعطل انتخاب رئيس للجمهورية. فالى اي مدى يمكن ان يصل هذا الخلاف؟ وما مصير اتفاق مار مخايل؟
تقول مصادر مراقبة ان التيار الوطني بمؤسسه ورئيسه لا يمكنه الابتعاد عن حزب الله، لان الخسارة ستكون كبيرة جداً عليه، بعدما فقد تأييد كل الاطراف اللبنانية من القوات الى الكتائب الى حركة امل والحزب التقدمي الاشتراكي والمردة. فمن يبقى له اذا اختلف مع الحزب؟ لذلك تضيف المصادر ان الحملة الباسيلية اليوم هدفها استعادة تأييد الحزب الكامل، خصوصاً في ما يتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية.
لمصلحة من كل هذا الكباش، وما هي الفائدة التي يجنيها لبنان؟ هل يسهل ذلك انتخاب رئيس للجمهورية وقد دخل الفراغ القاتل شهره الثاني ولا مؤشرات جدية على قرب الحل، وهل يحل ازمة اللبنانيين الذين وصلوا الى ادنى درجات البؤس والفقر والجوع؟ هل يعلم المتقاتلون من اجل مكاسب ومصالح خاصة ان الشعب لا يعيرهم اي اهتمام، بعدما فقد ثقته بهم؟ اليس من الافضل ان يتخلوا عن انانياتهم ويلتفتوا الى الشعب الذي اوصلهم الى مراكزهم التي يستغلونها، لا لخدمة الناس بل لانفسهم؟ ماذا يضيرهم لو التقوا ولو لمرة واحدة على مصلحة البلد، فيسارعون الى انتخاب رئيس للجمهورية يتمتع بالكفاءة العالية، ويكون صاحب قرار لا يتراجع ولا يستسلم امام الصعاب، فينطلق بمسيرة اعادة البناء وانقاذ البلد؟ هل هذا كثير على شعب اعطاهم كل ما يملك واوصلهم الى ما هو عليه اليوم؟
غداً يلتئم المجلس النيابي في جلسة تاسعة لانتخاب رئيس للجمهورية، اصبحت اشبه بمسرحية تعرض في حلقات اسبوعية ودون ان يلوح في الافق ان لها خاتمة. فهل يتعظ النواب من كل ما يجري على الارض ويقدمون على انتخاب رئيس؟ الامل ضعيف جداً، لان معظم هؤلاء النواب هم من اتباع المنظومة التي عملت على تدمير البلد، من اجل مصالحها ومكاسبها. والوقائع كثيرة ولا تدعو الى التفاؤل. فقد كان مقرراً ان يعقد المجلس النيابي جلسة اليوم للنظر في محاكمة وزراء تعاقبوا على وزارة الاتصالات، وقد تبين ان هناك حوالي السبعة مليارات دولار ضائعة ويحاول التحقيق كشفها. مسكين اللبناني ان كان يعتقد ان المجلس النيابي سيوصله الى الحقيقة، ويعيد الى الخزينة اموالها الضائعة، وهي اصلاً من جيوب الناس. هناك قرار غير معلن اتخذته المنظومة وهو يحرّم على اي جهة محاسبة احد اعضائها. هل استطاع القضاء ان يصل الى نتيجة في تفجير المرفأ؟ وهل سمحت المنظومة بمثول الذين استدعاهم القضاء للتحقيق في جريمة، وصفت بانها من اكبر جرائم العصر؟ ان ما اصاب التحقيق في انفجار المرفأ، سيطبق على جريمة تبديد الاموال في اوجيرو. فلا تعلقوا الامال العريضة. لقد نسفت الجلسة وارجئت الى اجل غير مسمى، بحجة ان هيئة المجلس «تمنت» على الرئيس نبيه بري تأجيلها، حتى يؤمن حضور جميع الكتل النيابية، بعدما اعلنت القوات والكتائب مقاطعتهما للجلسة. على كل حال سواء عقدت الجلسة ام لم تعقد فالنتيجة واحدة: اياكم ان تمسوا باحد افراد المنظومة.
من كل ما تقدم يمكن استخلاص عبرة واحدة لا خلاص ولا اصلاح ولا تغيير، طالما ان هذه المنظومة جاثمة على صدور اللبنانيين. ونكرر دائماً ان الحل هو بيد الشعب وامام صندوق الاقتراع، ولكنه لا يقدم، وهو حتى الساعة مستنكف ورافض ان يستعيد ما سلب منه. فعلى امل ان يستفيق يوماً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق