افتتاحية

لماذا هذا الركوع المذل امامها؟

من قال ان اسرائيل بحاجة الى ذريعة لتوقف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين؟ فهي منذ زرعها في هذه المنطقة، كانت ولا تزال اداة حرب وعداء مع جميع الشعوب المحيطة بها. وبامكانها ان تخلق الذرائع ساعة تشاء ولا تعدم الوسيلة لذلك، خصوصاً وان العالم يساندها اما عن تآمر واما عن جهل بطبيعة هذا الكيان العدائي.
فما ان اعلنت السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس عن توصل حركتي «فتح» و«حماس» الى مصالحة تعيد الوحدة واللحمة الى الشعب الفلسطيني، وتجعله اكثر قوة في مواجهة ما يتهدده من رفض لحق العودة الى ارضه، الى العيش بسلام ضمن دولة آمنة، حتى ثارت ثائرة اسرائيل متذرعة بذرائع شتى، معلنة بلسان رئيس وزرائها انها ستوقف محادثات السلام مع الفلسطينيين لانها «لا تتفاوض مع حكومة فلسطينية مدعومة من «حماس» وهي منظمة ارهابية (كذا) تدعو الى تدمير اسرائيل».
ويأتي هذا الموقف العدائي رغم تصريح كبير المفاوضين صائب عريقات، ومن بعده تصريحات لغيره من المسؤولين الفلسطينيين، وكلها تؤكد على ان «حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية ستلتزم بجميع الاتفاقات الموقعة» التي تشمل بدورها الاعتراف بحق اسرائيل بالوجود وبنبذ العنف.
ولم تقف اسرائيل عند هذا الحد، بل تطرقت الى الخطوات الفلسطينية حول الانضمام الى اتفاقات دولية كان عباس قد اعلن عنها سابقاً واثارت حفيظة الدولة العبرية.
وفي تشويه كبير للحقائق قال نتانياهو ان اسرائيل قبل اتفاق المصالحة كانت تبذل الجهود لتقدم المفاوضات مع الفلسطينيين، «مشيراً الى ان هذا استمرار للرفض الفلسطيني التقدم في عملية السلام».
ولكن هل سأل نتانياهو نفسه من اوقف عملية السلام مراراً ومن سد طريقها ووضع العقبات امامها؟
الم تعمد اسرائيل في كل مرة تلوح في الافق بوادر سلام، كانت دائماً اشبه بالسراب، الى الاعلان عن بناء مئات الوحدات السكنية في خطة ترمي الى توسيع المستوطنات لقطع الطريق على الفلسطينيين ومنعهم من استعادة ارضهم المسلوبة والمغتصبة والحؤول دون اقامة دولة لهم؟
الم يحمّل الجانب الاميركي وهو الذي يرعى مفاوضات السلام اسرائيل بلسان وزير الخارجية الاميركية جون كيري مسؤولية سد طريق السلام وتعطيلها؟
وهل كانت المفاوضات اكملت طريقها في احيان كثيرة لولا تنازل الفلسطينيين امام التعنت الاسرائيلي في محاولة لدفع عملية السلام الى الامام؟
الم تسمح حكومة نتانياهو ببناء آلاف الوحدات السكنية في القدس وفي الضفة وفي اماكن متعددة لتقطيع اوصال الاراضي الفلسطينية ومنع الفلسطينيين من بناء دولة لهم وفق خريطة الطريق التي اقترحها الجانب الاميركي ويدعي انه يعمل على تنفيذها؟
الم يصف جون كيري رغم نفيه اللاحق تحت الضغوط الذي لم يأخذه احد على محمل الجد، اسرائيل بالدولة العنصرية؟ وهذا امر واضح ويعرفه العالم كله رغم تجاهله له؟
النوايا العدائية لاسرائيل باتت معروفة لدى القاصي والداني. ولكن المستغرب كثيراً هو موقف الغرب، ومعه روسيا، المؤيد دائماً وابداً للرغبات الاسرائيلية على حساب الفلسطينيين والعرب جميعاً.
هل من المعقول ان تنتقد الولايات المتحدة هي التي تنادي ليلاً ونهاراً بالسلام، وبحقوق الانسان، وبكل الشعارات الزائفة التي عودنا عليها العالم، مصالحة شعب مع بعضه البعض مما يخفف من اجواء التوتر ويقود الى السلام الحقيقي الذي يدوم ابداً، اذا صادف لدى الطرف المقابل من يريد حقاً هذا السلام؟
نحن نعلم ان اسرائيل ترفض المصالحة الفلسطينية لان في الاتحاد قوة، وهذه القوة ستوظف في مواجهة مطامع الدولة العبرية، ولكن ما حجة الولايات المتحدة، التي تدعي انها ترعى السلام وتعمل من اجله، في رفض هذه المصالحة؟ ولماذا هذا التخاذل العالمي امام اسرائيل، ولماذا هذا الخضوع، وما سر هذا التأييد للمطامع الصهيونية رغم علم العالم كله بخطأ هذه المطامع؟باختصار لماذا هذا الركوع المذل امامها؟
ان الجواب ابعد من ان يكون في متناولنا، ولعله يأتي يوم يكشف التاريخ الخبايا، ويجيب على كل هذه الاسئلة؟

«الاسبوع العربي»
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق