سياسة لبنانيةلبنانيات

لماذا خسرت المعارضة ولماذا فاز اهل السلطة في انتخابات مجلس النواب؟

بعض الذين ادعوا انهم مستقلون تخلوا عن وعودهم وانحازوا الى مرشحي المنظومة

طويت امس مرحلة جديدة من الانتخابات التشريعية بانتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي، والياس بوصعب نائباً له. ماذا جرى ولماذا فاز مرشحو السلطة وهم اقلية، رغم عدم اعترافهم بهذا الواقع، ولماذا خسرت المعارضة وهي الاكثرية. ففي قراءة متأنية لما جرى يتبين الاتي: قبل الانتخابات العامة صدرت تصريحات عن التيار الوطني الحر بانه لن ينتخب الرئيس بري لرئاسة المجلس، وتكررت التصريحات على ألسنة عدد من النواب المحازبين. وفجأة تحالف التيار مع الثنائي الشيعي فكان واضحاً ان اتفاقاً حصل بين الطرفين. وبالفعل اثمر هذا التحالف فوزاً لاكثر من ستة نواب محتسبين للتيار، باصوات الثنائي الشيعي، فكان لا بد للتيار من ان يرد الجميل، فوقف الى جانب الرئيس بري وامن له 65 صوتاً ليفوز بالدورة الاولى، وانتخبت كتلة التنمية والتحرير النائب الياس بوصعب.. فضلاً عن وقوف الحزب الاشتراكي الى جانب بري.
يضاف الى ذلك ان عدداً من النواب الذين ادعوا انهم مستقلون خلال حملاتهم الانتخابية، لم يلتزموا بما صرحوا به، وسارعوا للوقوف الى جانب مرشحي السلطة، وهؤلاء على الشعب الذي انتخبهم ان يحاسبهم، لقد تراجعوا عن وعودهم وتعهداتهم، باعتبار ان المحاسبة بعيدة اي في الانتخابات المقبلة بعد اربع سنوات، فأمنوا مصالحهم على حساب ناخبيهم. وهكذا تضامنت احزاب السلطة واستمالت عدداً من ادعياء الاستقلالية، وامنت فوزها.
ان فوز الرئيس بري بـ 65 نائباً نالها بعد تطبيقات فوق الطاولة وتحتها، وهو الذي اعتاد خلال الدورات الست الماضية ان يفوز بما يفوق المئة صوت، واحياناً اكثر، لا يعتبر نصراً، بل تراجع، وبات عليه ان يعيد حساباته ونصف المجلس النيابي ضده. اما النائب بوصعب فقد فاز بالدورة الثانية، لانه لم يستطع ان يؤمن الاكثرية المطلقة في الدورة الاولى اي 65 صوتاً. وفاز ايضاً باصوات التيار الوطني الحر، وكتلة التنمية والتحرير وعدد من الذين ادعوا الاستقلالية. ثم ان الياس بوصعب اعلن انه ليس مرشح التيار الوطني الحر، وانه رشح نفسه مستقلاً وهو على علاقة جيدة مع كل الاطراف. كما انه لعب دوراً بارزاً في تقريب وجهات النظر بين بري والتيار. وكان قد تردد ان بوصعب وابرهيم كنعان فازا في الانتخابات النيابية بجهدهما الشخصي، لان التيار صب اصواته الى النائب السابق ادي معلوف، وهذا ما جعلهما يعتبران نفسيهما مستقلين عن التيار، وان كانا لا يزالان يعملان من داخله.
لماذا خسرت المعارضة وهي الاكثرية، رغم حسابات كتل السلطة؟ لقد تكرر مشهد 14 اذار في هذه الانتخابات. فنالت القوى السيادية وقوى التغيير والمستقلون الاكثرية، وان كانت اكثرية لا تخول اي طرف الادعاء انه يملكها. فسارت على خطى 14 اذار ولم تعرف كيف تتوحد وتعمل يداً واحدة، كما فعلت قوى السلطة، فتشرذمت وتشتتت اصواتها. فكان هذا الواقع افضل هدية تقدم للمنظومة التي ربحت بفضل عدم قدرة خصومها على التوحد والوقوف صفاً واحداً. لن نقول ان ذلك حصل عن جهل وعدم ادراك للمسؤولية، لان في صفوف المعارضة فئات ضالعة في السياسة وتعرف كيف تدير الامور، ولكنها فشلت في جمع الكل تحت راية واحدة، وقد تبين ان ممثلي 17 تشرين كانت تنقصهم الخبرة وكان عليهم ان يدركوا ان الشعبوية وحدها لا تؤدي الى نتيجة، بل كان يجب ان يسارعوا منذ اليوم الاول لفوزهم، للعمل على توحيد صفهم والاتفاق مع الاخرين على برنامج عمل واحد يضمن لهم النجاح. لقد كان فوز بري مؤمناً لانه المرشح الوحيد، بلا منازع، فصوتوا باوراق بيضاء تدليلاً على رفضهم. ولكن في انتخاب نائب الرئيس هل كانوا يعلمون ان كل ورقة بيضاء او ملغاة، كانت تصب في مصلحة خصومهم. فخسر انصارهم هذه الاصوات وربحها اهل السلطة.
انها خسارة لم يكن وارداً ان تحصل لو عرفت المعارضة ان تعمل، اما وانها خسرت الجولة ومنيت بالهزيمة، فيجب ان يؤثر ذلك على تصميمها، بل عليها ان تتعلم من الدرس القاسي وتحاول اصلاح ما فسد في الاستحقاقات المقبلة وفي طليعتها تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس للجمهورية. فهل تكون على قدر المسؤولية وعلى قدر الثقة التي وضعها الشعب فيها، اما انها ستبقى متفرقة كل فريق يعمل لوحده، فينكب عليها اهل السلطة ويحصدون كل النتائج؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق