طبول الحرب تقرع في ليبيا حفتر يصعد كلامياً والسراج يهدد
اردوغان وترامب يتفقان على العمل «بشكل اوثق» لايجاد حل
يمارس معسكر المشير خليفة حفتر التصعيد الكلامي بعد فشل حملته العسكرية على العاصمة الليبية، مع تأكيده الثلاثاء تأييده لتدخل عسكري مصري بمواجهة النفوذ المتزايد لأنقرة التي تدعم حكومة الوفاق الوطني.
والأطراف كثر في النزاع الليبي فمن جهة تدعم روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة، المشير حفتر، ومن جهة أخرى تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة.
ومنيت قوات حفتر بهزائم كبيرة في شرق ليبيا، بعدما حاولت التمدّد غرباً والاستيلاء على العاصمة طرابلس التي تسيطر عليها حكومة الوفاق المعترف بها من قبل الأمم المتّحدة.
واخفق هجوم حفتر على طرابلس الذي استمر 14 شهراً بعد أن ألقت تركيا خلال الأشهر الأخيرة بثقلها العسكري خلف حكومة الوفاق الوطني.
وبمساندة أنقرة، حقّقت حكومة طرابلس انتصارات عسكرية وأجبرت قوات حفتر على الانسحاب إلى سرت، المدخل الرئيسي لآبار النفط في شرق ليبيا، لتشكل المدينة وهي مسقط الزعيم الراحل معمر القذافي مجدداً محور النزاع بين السلطتين المتنافستين.
«المحتل» التركي
ومساء الإثنين، أعلن مجلس النواب الليبي المؤيّد لحفتر، أنّه أجاز لمصر التدخّل عسكرياً في ليبيا «لحماية الأمن القومي» للبلدين، مشدّداً على أهمية تضافر جهودهما من أجل «دحر المُحتلّ الغازي» التّركي.
وقال البرلمان ومقرّه طبرق (شرق) في بيان إنّ «للقوات المسلّحة المصرية حق التدخّل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت أنّ هناك خطراً داهماً وشيكاً يطاول أمن بلدينا».
ودعا البيان إلى «تضافر الجهود بين الشقيقتين ليبيا ومصر بما يضمن دحر المُحتلّ الغازي ويحفظ أمننا القومي المشترك ويُحقّق الأمن والاستقرار في بلادنا والمنطقة».
وذكّر البرلمان في بيانه بما «تمثّله جمهورية مصر العربية من عمق إستراتيجي لليبيا على الأصعدة كافة، الأمنية والاقتصادية والاجتماعية على مرّ التاريخ، وبما تمثّله المخاطر الناجمة عن الاحتلال التركي من تهديد مباشر لبلادنا ودول الجوار، وفي مقدمتها الشقيقة» مصر.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حذّر في 20 حزيران (يونيو) من أنّ تقدّم القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي تسيطر على طرابلس والمدعومة من تركيا نحو الشرق سيدفع بلاده الى التدخّل العسكري المباشر في ليبيا.
وقال في كلمة عقب تفقده وحدات الجيش المصري في المنطقة العسكرية الغربية في كلمة بثها التلفزيون المصري «إذا كان يعتقد البعض أنه يستطيع أن يتجاوز خط سرت أو الجفرة فهذا بالنسبة الينا خط أحمر».
والسبت نفّذ الجيش المصري مناورة عسكرية باسم «حسم 2020»، ضمّت تشكيلات من القوات البحرية والجوية والخاصة، في المناطق الحدودية الغربية بين مصر وليبيا.
وقال الجيش المصري في بيان نشره المتحدث باسمه العميد تامر الرفاعي على صفحته «تأتي هذه المناورة على الاتجاه الاستراتيجي الغربي نظراً لما تمر به المنطقة من متغيرات حادة وسريعة».
وفي حين اعتبرت حكومة الوفاق ما أعلنه السيسي بمثابة «إعلان حرب»، أعربت السعودية والإمارات والبحرين والمملكة الأردنية عن تأييدها له.
«طبول الحرب»
والثلاثاء، حذّرت الإمارات على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية انور قرقاش من «طبول الحرب التي تقرع» من قبل حكومة والوفاق حول سرت، معتبراً انها «تهدد بتطور جسيم وتبعات إنسانية وسياسية خطيرة».
ودعا في تغريدة إلى «الوقف الفوري لإطلاق النار وتغليب الحكمة، والدخول في حوار بين الأطراف الليبية وضمن مرجعيات دولية واضحة، وتجاهل التحريض الإقليمي وغاياته».
وكان قرقاش دعا مساء الاثنين إلى «عودة إنتاج النفط في ليبيا في أقرب وقت ممكن»، في ظل «ضمانات لمنع العائدات النفطية من إطالة وتأجيج الصراع».
والثلاثاء جاء في تغريدة أطلقها المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق العقيد محمد قنونو «نبشر كل الليبيين الشرفاء، أننا ماضون إلى مدننا المختطفة، ورفع الظلم عن أبنائها، وعودة مهجريها، وسنبسط سلطان الدولة الليبية على كامل ترابها وبحرها وسمائها».
واعتبر الباحث في معهد كلينغنديل في لاهاي جلال حرشاوي أن «النية السياسية لدى القاهرة بتدخل مصري ظاهر ورسمي تبقى ضعيفة»، مقللاً من أهمية التصعيد الكلامي، ومؤكداً أن «مصر لديها مشاكل أخرى حالياً».
وتابع حرشاوي أن المرتزقة الروس والسوريين المنتمين لمجموعة فاغنر (مجموعة أمنية سرية خاصة، يعتقد أنها مقربة من بوتين) يشكلون العمود الفقري للمنظومة التي وضعت (من قبل المؤيدين لحفتر) لحماية سرت، بمساندة وثيقة من بعثة إماراتية تنشط بشكل كبير على الصعيد اللوجستي.
واعتبر حرشاوي أن حكومة الوفاق وإن أعلنت أنها جاهزة لاستعادة سرت «ليست حقاً جاهزة» لأنه يتعين قبل ذلك «اجتياز حقل ألغام مضادة للأفراد غرب سرت».
إردوغان وترامب
أعلنت الرئاسة التركية أن الرئيس رجب طيب إردوغان توافق الثلاثاء مع نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال محادثة هاتفية على العمل «بشكل أوثق» من أجل إيجاد حل للنزاع الدائر في ليبيا.
وجاء في بيان الرئاسة التركية أن إردوغان وترامب «اتفقا على التعاون بشكل أوثق كحليفين… من أجل إرساء استقرار دائم في ليبيا».
وتدعم تركيا حكومة الوفاق الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة، وقد عزّزت مساندتها العسكرية لها في مواجهة الرجل القوي في الشرق الليبي المشير خليفة حفتر الذي شنّت قواته العام الماضي هجوما للسيطرة على طرابلس.
وتدعم الولايات المتحدة رسميا حكومة الوفاق، لكن حفتر يحظى بدعم مصر والإمارات والسعودية، حلفاء واشنطن.
وتشهد ليبيا الغارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، نزاعاً مسلحاً اندلع في نيسان (أبريل) العام الماضي بين قوات حفتر والقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني.
وبعدما شنّت قوات حفتر في نيسان (أبريل) 2019 هجوماً للسيطرة على طرابلس، تمكّنت قوات حكومة الوفاق المدعومة عسكرياً من تركيا من استعادة السيطرة على كامل غرب ليبيا، ودفعت قوات حفتر الى التراجع إلى سرت التي تبعد 450 كلم شرق طرابلس.
ا ف ب