أبرز الأخبار

الدوري يبشر بقرب «تحرير» بغداد: مقاتلو الامارة يحتلون «الضلوعية»، وكردستان تتمسك بمكاسبها

رغم كل التقاطعات الدولية والاقليمية والمحلية في ما يخص الملف العراقي، تبدو عملية «الترسيم» واضحة من خلال ما بين السطور. ويبدو المشهد اكثر وضوحاً باتجاه التقسيم. فالرفض الاميركي المعلن لتقسيم العراق، يتواكب مع ترتيبات تجري على الارض موضوعها استكمال تنفيذ مشروع اقل ما يمكن ان يوصف به ان معطيات داخلية فرضته، ومهدت لها اجراءات خارجية.

الصمت الذي تبديه تركيا ازاء دولة كردستان لا يمكن ان يكون مجرد عدم ممانعة في تحقيق الحلم الكردي. والاتصالات التي تجري على قدم وساق بين مسؤولين دوليين وفي مقدمتهم خبراء وساسة اميركيون وبين اعضاء في الحكومة الكردية لا يمكن ان توصف بانها مجرد محاولات لاقناع المالكي بالتراجع عن ترشحه. وحتى اصرار المالكي نفسه على الترشح لا يمكن ان يكون مجرد مشروع وطني او نزعة حكم فقط.
اما الاهم من ذلك كله فإن التقدم الذي يحرزه مقاتلو «دولة الخلافة» لا يمكن ان يكون مستنداً الى عوامل عسكرية او ميزان قوى، وانما تنفيذاً لمشروع التقسيم الذي بات الساسة يتحدثون عنه كامر واقع، مع انهم يرفضونه في تصريحاتهم المعلنة.
من هنا يمكن التوقف عند بعض المحطات الفاصلة في ما يخص تطورات الملف العراقي. فالرفض المطلق التنازل من قبل المالكي الذي يلتقي مع خلافات حادة في التشكيلة القيادية العراقية ينظر اليها البعض كبذرة اساسية من بذور التقسيم. ومبرر من المبررات التي تدفع في هذا الاتجاه.
غير ان المستجدات الاخرى يمكن ان تكون اكثر تعبيراً عن المدى المحتمل الوصول اليه. والتقاطعات التي تشهدها الساحة، بما فيها من تداخلات خارجية بعضها ايجابي وبعضها الاخر سلبي قد يكون لها تأثير بسيط على تداعيات الملف.

تأجيل ثانٍ
فبعد ان اخفق البرلمان العراقي المنتخب للمرة الثانية في الالتزام بالمهل الدستورية لاختيار الرؤساء الثلاثة قرر تاجيل ثاني جلساته الى 12 اب (اغسطس) في تمديد اضافي للازمة السياسية المتفاقمة في العراق.
وعكس قرار تأجيل الجلسة الى ما بعد شهر رمضان عمق الخلاف الذي يحول دون تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على الوقوف في وجه مسلحين متطرفين يسيطرون منذ نحو شهر على مناطق واسعة تنازع القوات الحكومية لاستعادتها.
في الاثناء، اقترح وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي وصل إلى بغداد عقد مؤتمر تحضره أطراف الازمة العراقية، برعاية عربية ودولية. والتقى شكري رئيس الوزراء نوري المالكي ونائبه المكلف مهام وزير الخارجية حسين الشهرستاني، وبحثوا، مسالة اعادة اللحمة الوطنية والوفاق بين ابناء الشعب العراقي لمواجهة التهديدات الخطيرة لأمنه ووحدة أراضيه. لكن مصدراً حكومياً قال ان شكري اقترح عقد مؤتمر مصالحة تحضره أطراف الأزمة برعاية عربية ودولية.
ولم يشر الى رد الحكومة، إلا انه أكد ترحيب بغداد بأي دور مصري لتوحيد الجهود في محاربة الإرهاب.
وكان شكري اكد قبل ذلك، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كلفه التوجه الى بغداد لاستكمال المشاورات التي اجراها مع المالكي في مكالمة هاتفية الثلاثاء الماضي.
وقال الشهرستاني الذي كلف إدارة وزارة الخارجية، بعد انسحاب الوزير هوشيار زيباري مع كل الوزراء الاكراد من بغداد، خلال مؤتمر صحافي مع شكري إن وجهات النظر كانت متفقة تماماً حول الاوضاع في المنطقة، مبيناً ان العراق وسوريا بشكل خاص يعانيان من هجمة إرهابية، وانه لا بد من أن تتضافر الجهود العربية والاسلامية لمواجهتها ومنع التكفيريين من الانتشار في المنطقة. وقال، لقد ناقشنا بالإضافة إلى ذلك سبل التعاون الاقتصادي بين البلدين ومساهمة الشركات المصرية بإعمار العراق.
وبالتوازي، جاء في بيان للسفارة الأميركية في بغداد أن الولايات المتحدة ستقف بقوة وراء كل الشعب العراقي من خلال تدابير ديبلوماسية وسياسية وأمنية مكثفة، للمساعدة في الحاق الهزيمة بداعش وتعزيز رؤية عراق فدرالي موحد.
ودعا البيان جميع القادة السياسيين الى تحمل مسؤولياتهم بجدية، مشيراً الى ان أي جهد لتأخير تشكيل الحكومة او استغلال هذه الأزمة من خلال آليات خارج الاطار الدستوري والقانوني ستكون لصالح تنظيم داعش.
وتابع انه ما زال الوضع في العراق خطيرا للغاية. والمزيد من التأخير او التصعيد من أي طرف، تحت أي ذريعة لا يمكن تبريره.


خلاف مع كردستان
الى ذلك، اتسعت هوة الخلاف بين الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان بعدما بادرت الاخيرة الى تغيير الطاقم الإداري لحقول نفطية أساسية جنوب كركوك، تمهيداً لربطها بخط التصدير الى تركيا.
وأكدت السلطات الكردية سيطرتها على الحقول، معلنة أن عناصر من قوات حماية نفط كركوك تقدمت لتأمين حقول النفط في منطقتي باي حسن ومخمور. وأضافت أن الانتاج في الحقول الجديدة تحت سلطة حكومة الإقليم سيوظف بشكل اساسي لتعويض النقص في السوق المحلية.
وتابعت ان هذا التحرك جاء بعد وصول معلومات عن أوامر أصدرها مسؤولون في بغداد لإحداث أعمال تخريب في الأنابيب. وحذرت وزارة النفط الإقليم من خطورة هذا التصرف الذي وصفته بـ «غير المسؤول» وانه يعد تجاوزاً للدستور والثروة الوطنية وتجاهلاً للسلطة الاتحادية وتهديداً للوحدة الوطنية. ودعت «العقلاء» من الأكراد إلى ضرورة تفهم خطورة الموقف والايعاز الى المسؤولين عن هذا الاجراء غير المنضبط، بالإنسحاب من هذه الحقول واخلائها فوراً.
ولا تواجه مواقع انتشار قوات البيشمركة الكردية، بدءاً من شمال الموصل وانتهاء ببلدات في محافظة ديالى، أي وجود لقوات الجيش العراقي، حيث تحيط بمناطق غرب اقليم كردستان وجنوبه مساحات جغرافية وبلدات تقع اليوم تحت سيطرة المسلحين السنة، يتقدمهم تنظيم «الدولة الاسلامية».

تعاون اميركي – ايراني
في الاثناء، ورغم معلومات اشارت الى محاولة ايران اقناع الاكراد بان الوقت غير مناسب لتغيير رئيس الوزراء نوري المالكي، فقد اكد الرئيس الايراني الاسبق اكبر هاشمي رفسنجاني استعداد بلاده للتعاون مع الولايات المتحدة في ملف العراق.
وقال رفسنجاني في تصريحات صحفية، ان ايران تشارك الولايات المتحدة المشاكل نفسها بشان العراق، وانه لا توجد عقبة امام تعاوننا «اذا اقتضى الامر».
واضاف، انه اذا اتخذت الولايات المتحدة قراراً بشان العراق واذا كانوا في حاجة الى تعاوننا فاننا «سنتفاوض» بشأن هذا التعاون، مشيراً الى مجالات ممكنة مثل تقاسم المعلومات والخبرات والدعم المتبادل في مجال التمويل والتكنولوجيا.
وشدد الرئيس الاسبق على ان البلدين يتقاسمان وجهات النظر بشأن الوضع في العراق رغم وجود بعض الخلافات السياسية بين طهران وواشنطن بشأن الوضع في سوريا.
في الميدان، شهدت الساحة تطورات مثيرة، حيث أعلنت مصادر رسمية عراقية ان مسلحين سيطروا على جزء كبير من ناحية «الضلوعية» ذات الغالبية السنية والواقعة الى الشمال من بغداد بعد هجوم بدأ فجر الأحد وأسفر عن مقتل ستة من عناصر الشرطة.
وقال قائمقام ناحية الضلوعية مروان متعب ان مسلحين هاجموا «الضلوعية» وسيطروا على قسم كبير من الناحية بينها مركز الشرطة والمجلس البلدي ومديرية الناحية، ووصلوا الى مسافة تبعد 90 كلم شمال بغداد.
واضاف ان ستة من عناصر الشرطة قتلوا وجرح 12 شخصاً اخرين بينهم ستة من الشرطة خلال الاشتباكات مع المسلحين التي ما زالت متواصلة حتى لحظة اعلان البيان.
واوضح ان المسلحين فجروا جسر الضلوعية الرئيسي الواقع الى الغرب من الناحية والمؤدي الى قضاء بلد (70 كلم شمال بغداد).
وتقع الضلوعية في منطقة استراتيجية بين بغداد وسامراء (110 كلم شمال بغداد)، وتعتبر اقرب نقطة من العاصمة يسيطر عليها المسلحون منذ بدء هجومهم الكاسح، علما انهم يسيطرون منذ بداية العام ايضا على الفلوجة (60 كلم غرب بغداد).

تحرير العراق
وفي الاثناء، بشرت رسالة صوتية نسبت الى عزت الدوري بقرب «تحرير العراق». ودعت الرسالة كل العراقيين إلى توحيد الجهود لتحرير البلاد وأشاد بالمسلحين الذي قادوا الهجوم الذي حدث الشهر الماضي عبر شمال العراق.
وقيل إن هذا التسجيل الصوتي الذي بث على موقع على الإنترنت لعزت إبرهيم الدوري أكبر مسؤول من مساعدي صدام ما زال هارباً بعد ا طاحة صدام في احتلال قادته الولايات المتحدة.
وقال الصوت الوارد في التسجيل والذي يشبه الصوت الذي ورد في التسجيلات السابقة التي بثت بإسم الدوري «يا ابناء شعبنا الابي ان بلدنا قد تعرض لاجتياح فارسي صفوي تدميري وخصوصاً بعد هروب الجيش الاميركي من ميادين الصراع وقدمت الادارة الاميركية هذا البلد لقمة سائغة لايران الصفوية لو تعرض بلدنا لاستعمار ايراني صفوي استيطاني سرطاني ادعو جيمع المشتركين والمتلونين بهذه العملية القذرة ان ينفضوا ايديهم منها ويتبرأوا من صاغها ويتوبوا الى الله ويلتحقوا بصفوف الثوار وقد تحرر نصف بلدهم وتحرير بغداد بات قاب قوسين او ادنى ساهموا كل على قدر طاقته وامكاناته لاستكمال تحرير بلدنا».
وأشاد الصوت الوارد في التسجيل الذي بلغت مدته 15 دقيقة بمقاتلي القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بالإضافة إلى الجماعات الآخرى التي تقاتل ما وصفه بـ «الاستعمار الفارسي الصفوي» للعراق في إشارة إلى حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي يقودها الشيعة.
ولكنه المح أيضاً إلى الانقسامات الواضحة على نحو متزايد بين الجماعات المختلفة التي تقاتل قوات المالكي قائلاً إن من المهم تنحية خلافاتها جانباً والتوحد.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق