سياسة لبنانية

بري – عون: معركة مكشوفة على الحكومة وقيادة الجيش

فتح الرئيس نبيه بري ناره السياسية على العماد ميشال عون، كشف الخلاف كما هو مسمياً الأشياء بأسمائها وأعلنها معركة مفتوحة.
نقل عن الرئيس بري قوله أمام زواره: «إنهم يفعلون مع الحكومة، الشيء ذاته الذي فعلوه مع مجلس النواب، إذ وكما أنهم عطّلوا جلسات التشريع بحجة عدم إدراج هذا القانون او ذاك على جدول الأعمال علماً أنه ليس من صلاحيتي إدراج قانون غير منجز في اللجان النيابية، ها هم يتجهون الى تعطيل عمل الحكومة ما لم تتخذ القرار الذي يريدونه. ولكن الحكومة تبقى ميثاقية ومستمرة، وأقول بصراحة إنني شخصياً لن أتضامن مع العماد عون في شل العمل الحكومي».
ويكمن موقف بري الأساسي ليس في رفضه تعطيل الحكومة من جانب عون والذي نقله عنه إعلاميون بعد نزهته الأسبوعية معهم في حديقة مقره في عين التينة، بل في الكلام الذي لم يخرجه الى الإعلام وأفصح عنه أمام زواره بأن عون يريد أن يطيح البلد من أجل حساباته، ولذلك يرفض هو من موقعه كرئيس لمجلس النواب الذي يمثل السلطة التشريعية في البلاد، أن يتفرج على الفراغ المنهجي للمؤسسات، بحيث يؤدي تعطيل عون للحكومة الى انسحاب الفراغ عليها وعلى السلطة التنفيذية الى جانب الفراغ الرئاسي بمفاعيله على البلاد والمؤسسات.
ويتابع بري أمام زواره بأن مسؤوليته كرئيس سلطة تشريعية وكذلك رئيس لقوة سياسية (حركة «أمل») لن يقبل بتعطيل البلاد من جانب عون الذي يستطيع الانتظار حتى اقتراب موعد استحقاق نهاية خدمة قائد الجيش العماد جان قهوجي في أيلول (سبتمبر) حيث يريد تعيين قائد فوج المغاوير العميد الركن شامل روكز خلفاً له، وعليه يكمل بري قرر عدم التضامن مع عون في خياره التعطيلي للحكومة، وهو لن يسحب وزراء حركة «أمل» ولن يستقيل ولن يعلق مشاركته في الحكومة ويماشي رئيس تكتل التغيير والاصلاح في خياره، وإن اتخذ وزراء حزب الله الموقف ذاته الذي سيلجأ إليه حليفهم في الحكومة، لكون البلاد أمام تحديات تقتضي مواجهتها عدم التسرع.
ويردد بري أمام زواره بأنه من غير الممكن تعيين روكز منذ اليوم لكون مهمة قهوجي لم تنته بعد، ومن الأفضل التريث حتى أيلول (سبتمبر) لا سيما أن ثمة عدم رفض لروكز والذي يشيد به قائد الجيش رغم كل ما يتعرض له من حملات تطلق عليه من جانب عون وفريقه السياسي، إذ حتى حينه يتابع بري وفق الزوار تجاوب كثيراً في محطات عدة مع عون، لكن الأخير لا يراعي واقع البلاد ولا المواقع ولذلك لن يتضامن معه لأنه سيكون على خطأ إذا ما أراد تعطيل البلاد من خلال شل الحكومة.
العلاقة بين «الحليفين الخصمين» لم تكن يوماً مستقرة، ولكن في الآونة الأخيرة زادت اضطراباً وتوتراً. كان العماد عون قال قبل أيام إنه والرئيس بري «متفقان استراتيجياً ونختلف أحياناً بالتكتيك». وكان الرئيس بري جدد قبل أيام التأكيد أمام زواره أن «لا خلاف بيننا حول بعض المصالح في إدارة الدولة، وهذا أمر يحصل بين وزراء الصف الواحد أحياناً»… ولكن هذه الإشارات الى الجانب الاستراتيجي تشير الى اضطراب في العلاقة بين الطرفين لم تنفع في إخفاء المشكلة التي كانت تتفاعل عبر انتقادات متبادلة في الكواليس تشمل ملفات سياسية ومالية وإدارية…
فالعلاقة بين عون وبري ليست حسب مصادر مطلعة «رمانة بل قلوب مليانة»، ولا يتوانى نواب التيار الوطني الحر عن اتهام الرئيس بري بأنه وراء تطيير صفقة شامل روكز لقيادة الجيش وعماد عثمان لمديرية قوى الأمن الداخلي، وأن النائب غطاس خوري كان أبلغ عون بأنه عليه إقناع بري بهذه المعادلة، فيما يأخذ نواب حركة «أمل» على عون بأن مطالبه متشعبة وعالية ولا يمكن الوصول معه الى قاسم مشترك، إضافة الى اتهامه بتعطيل التشريع، في حين يرتاب عون في تأخير إقرار قانون الجنيسة في مجلس النواب (بري يؤكد أن المشروع لا يزال عالقاً في اللجان المشتركة وأنه لا يستطيع إدراجه على جدول أعمال الجلسة العامة ما لم تنجز اللجان درسه).
يضاف الى ذلك الخلاف حول ملف الاغتراب وحيث للرئيس بري مآخذ على الوزير جبران باسيل في هذا الملف وعلى طريقة تعاطيه مع المدير العام للمغتربين هيثم جمعة (الذي حيّده عن المؤتمر الاغترابي الذي أعده باسيل).
وفي هذا الإطار تعبّر المصادر المتابعة عن خوفها من أن يتطور الخلاف بين بري وفريق عمله من جهة والوزير باسيل من جهة ثانية وتصل شظاياه الى الرابية، لا سيما وأن العماد عون لم يكن يوماً «سمناً وعسلاً» مع الرئيس بري على رغم الحلف الذي يجمعهما في قوى 8 آذار، وهو الأمر الذي يدركه جيداً السيد حسن نصرالله الذي فاتح عون بضرورة تنقية الأجواء بينه وبين بري خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي تتطلب تماسكا ووحدة في فريق 8 آذار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق