أبرز الأخبار

احتلال الحديدة واب وذمار… مخطط بين علي عبدالله صالح والحوثيين

يبدو ان التطورات الاخيرة في اليمن قطعت الشك باليقين. واكدت – بحسب قراءات سياسية وامنية يمنية وغيرها – ان ما يجري في اليمن ما هو الا مخطط رسمت تفاصيله بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح. وبالتالي فإن اعداء الامس اصبحوا اصدقاء اليوم.

اللافت هنا هو التسليم الاقليمي والدولي بما يجري، وبحيث تسير الامور وكانها مقررة مسبقاً. وان ما تبقى منها هو عملية التطبيق على الارض. والتي لا تواجه اية صعوبات.
فالمعلومات المؤكدة المتسربة من هناك تؤشر على ان مناطق نفوذ الرئيس صالح يبادر قادتها الى تسليمها دون اية مقاومة. وهناك تسهيلات واضحة يحظى بها المقاتلون الحوثيون الذين باتوا يتقدمون في جميع المناطق اليمنية بكل يسر وسهولة. وبما يمكن ان يكون اكثر سهولة من كل ما كانوا يتخيلون.
وفي السياق ذاته، اتسعت دائرة اليقين لتمتد الى الاطار الاقليمي، وسط توقعات بان ما يجري على الساحة اليمنية انما هو استحقاق لمتطلبات الشرق الاوسط الجديد. وبحيث لا يكون مستبعداً ان يتم تقديم تنازلات للجانب الايراني مقابل اشياء غير واضحة حتى اللحظة، خصوصاً وان الجنوبيين اعادوا احياء مطالبتهم بالانفصال. ونفذوا سلسلة اعتصامات ترفع هذا المطلب. وفي المقابل تسير كل تلك الامور دون ان يكون هناك احتجاج دولي، باستثناء بعض التعابير الخجولة. يقابلها تأكيدات بان «اليمن يسير على الطريق الصحيح». وهي التأكيدات التي لا يتوانى الرئيس هادي نفسه على اطلاقها، متناقضاً مع ما كان يرفعه من شعارات قبل توقيع الاتفاق برعاية اممية. ورغم تجاوز ذلك الاتفاق من قبل الحوثيين الذين يواصلون تطويع المحافظات والسيطرة عليها واحدة تلو الاخرى. وبدعم من قبل بعض الوحدات العسكرية.

انقلاب عسكري
ما يجري على الارض اليمنية يشبه الى حد كبير الانقلابات العسكرية التي كانت تحدث في السابق. فالجيش هو من يقرر ما يجري على الارض. وهنا يبدو ان القرار تمثل بتسهيل مهمة الحوثيين في السيطرة على الارض. وبما يزيد عن نصف المساحة اليمنية حتى اللحظة.
ميدانياً، سيطر الحوثيون على مدينة الحديدة التي تعد من اكبر المدن اليمنية وعلى مينائها الاستراتيجي على البحر الاحمر في خطوة تؤكد استمرار المتمردين الشيعة المتهمين بتلقي الدعم من ايران في توسيع رقعة نفوذهم، فيما بدا الناشطون الجنوبيون تحركاً جديداً للمطالبة بالانفصال. واكدت مصادر امنية ان المتمردين الحوثيين سيطروا على المدينة الاستراتيجية من دون مقاومة تذكر من السلطات، وباتوا منتشرين في مطارها ومينائها ومرافقها الحيوية.
وبدأ الحوثيون منذ الاثنين الانتشار باللباس العسكري في الحديدة والمناطق المحيطة بها، وباتوا منتشرين في شوارعها الرئيسية بحسب مصادر امنية اضافة الى مصادر عسكرية ومحلية متطابقة واخرى من الحوثيين.
وتأتي هذه التطورات غداة تكليف خالد بحاح بتشكيل حكومة توافقية بموجب اتفاق السلام الذي وقعه الحوثيون في 21 ايلول (سبتمبر).
وتسهم السيطرة على الحديدة في تعزيز الشبهات بسعي المتمردين الحوثيين للحصول على منفذ بحري مهم على البحر الاحمر ما يؤمن لهم سيطرة على مضيق باب المندب، الامر الذي قد تستفيد منه ايران المتهمة من قبل السلطات في صنعاء بدعم الحوثيين. وتقع الحديدة على مسافة 230 كيلومتراً الى الغرب من صنعاء ويقطنها اكثر من مليوني نسمة وهي ثاني اكبر المدن بعد مدينة تعز في وسط البلاد.
وتذكر السيطرة على الحديدة بسيطرة الحوثيين على صنعاء في 21 ايلول (سبتمبر) من دون مقاومة تذكر من السلطات، اذ سيطر المتمردون على القسم الاكبر من مقار الدولة من دون مواجهات وفي ظل وجود تعليمات من عدد من الوزراء بعدم مقاومة الحوثيين. واكدت مصادر عسكرية وامنية ومحلية متطابقة ان الحوثيين بدأوا الاثنين عملية انتشار في الحديدة وسرعان ما سيطروا على مداخل المدينة ومعظم مرافقها.

في المطار والميناء
وقال مصدر امني ان مسلحي الحوثيين يتمركزون في المرافق الحيوية – المطار الميناء وغيرها -. وبحسب المصدر، سيطر المتمردون على مطار الحديدة وعلى المحكمة التجارية حيث قتل احد الحراس.
وافادت مصادر محلية وشهود عيان ان المسلحين اقاموا نقاط تفتيش عند المداخل الرئيسية للمدينة وفي شارعها الرئيسي، كما انتشروا بجانب النقاط الامنية الرسمية التي بقيت في مواقعها. واقتحم المسلحون منزل القائد العسكري المعادي للحوثيين اللواء علي محسن الاحمر.
وقبل الانطلاق للسيطرة على الحديدة، حاصر الحوثيون مخزناً للاسلحة تابعاً للجيش في منطقة قريبة من المدينة، وسيطروا عليه قبل ان يبدأوا تقدمهم.
والحوثيون ينتمون الى الطائفة الزيدية الشيعية، ومعقلهم الرئيسي في شمال غرب اليمن، الا انهم تمكنوا من توسيع رقعة انتشارهم بشكل كبير خلال السنوات الاخيرة.
والزيديون يشكلون حوالى ثلث سكان اليمن، الا انهم يشكلون غالبية في شمال غرب البلاد.
وبحسب مصادر سياسية في صنعاء، وضع الحوثيون نصب اعينهم مؤخراً هدف السيطرة على ميناء الحديدة حيث اتخذوا قبل اكثر من اسبوعين مقرا لهم. وقال مسؤول عسكري قريب من انصار الله في وقت سابق ان الحديدة مرحلة اولى في طريق توسيع وجودهم عبر اللجان الشعبية على طول الشريط الساحلي وحتى باب المندب على مدخل البحر الاحمر وخليج عدن.

باتجاه مأرب
على صعيد اخر، يسعى المتمردون الى التقدم باتجاه محافظة مأرب في الشرق حيث منابع النفط. واكد مصدر قبلي وصول مسلحين حوثيين الى مأرب جوا من مطار صنعاء.
واضافة الى الحديدة، واصل المتمردون الحوثيون الشيعة الاربعاء تقدمهم في اليمن، وانتشروا في منطقتي اب وذمار، جنوب صنعاء، فيما قتل 12 شخصاً في مواجهات خاضوها مع القاعدة في محافظة البيضاء في وسط البلاد. واسفرت الاشتباكات التي وقعت مساء الثلاثاء عن مقتل خمسة حوثيين وستة من عناصر القاعدة، اضافة الى مدني واحد بحسب المصادر نفسها.
واكد مسؤول محلي لوكالة فرانس برس ان «الاشتباكات وقعت بينما كان الحوثيون يسعون الى التوسع باتجاه داخل محافظة البيضاء، انطلاقاً من رداع» الواقعة على الحدود مع محافظة ذمار، جنوب صنعاء. واضاف المسؤول ان «عناصر القاعدة تصدوا لهم، ووقعت اشتباكات عنيفة»، فيما «تم تفجير منزل لاحد الحوثيين في رداع». ويتمتع الحوثيون بحضور في بعض القرى في منطقة رداع.
وتوعدت القاعدة بشن حرب من دون هوادة على الحوثيين، الذين ما انفكوا يحققون المكاسب على الارض، من دون اي مقاومة من القوات الحكومية. وتابع المسلحون الحوثيون وحلفاؤهم القبليون ومسلحون آخرون موالون لهم ينشطون تحت مسمى «لجان شعبية»، التقدم في المحافظات الواقعة في جنوب صنعاء. واكدت مصادر امنية وقبلية وصول اكثر من عشرين مركبة تحمل حوالى مئتي مسلح حوثي الى مدينة اب (190 كلم جنوب صنعاء) صباح الاربعاء.

تفتيش ومراقبة
وبحسب المصادر، تم استقبال المسلحين من قبل المحافظ محمد الارياني، فيما كان برفقة الحوثيين عناصر قبلية موالية للمؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وفي اعقاب ذلك، بدأ المسلحون الحوثيون بالانتشار حول المدينة وداخلها، واقاموا نقاط تفتيش ومراقبة، خصوصًا عند المداخل الرئيسة للمدينة وعلى التقاطعات.
واب من ابرز معاقل التيارات السنية المحافظة في اليمن، وفيها حضور كبير للتجمع اليمني للاصلاح، الحزب الاسلامي القريب من الاخوان المسلمين، وهم  من ابرز اعداء الحوثيين. وفي ذمار، التي تبعد مئة كيلومتر الى الجنوب من صنعاء، اكدت مصادر امنية وقبلية ان الحوثيين اقاموا حواجز تفتيش في المدينة.
الى ذلك، اكدت مصادر امنية ان مسلحين حوثيين انتشروا قرب ميناء المخا على البحر الاحمر، وهو ميناء تجاري يقع على مسافة 120 كيلومتراً جنوب الحديدة في منطقة قريبة من باب المندب. هذا وقتل اربعة من عناصر تنظيم القاعدة، بينهم قيادي، الاربعاء في غارة جوية لطائرة بدون طيار يرجح انها اميركية استهدفت محافظة شبوة في جنوب البلاد.
وقال مصدر قبلي لفرانس برس ان «طائرة اميركية بدون طيار شنت غارة جوية استهدفت سيارة كان يستقلها اعضاء التنظيم في قرية بن عساف بضواحي بلدة جول الريدة ما أدى الى مقتل اربعة بينهم قيادي» من دون ان يحدد هويته. واشار المصدر الى ان جثث الضحايا «تفحمت جراء الغارة».

القاعدة تهدد
على صعيد آخر، توعدت جماعة أنصار الشريعة التابعة لـتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية جماعة الحوثي بمزيد من المفاجآت، وقالت إنها لا تزال تحمل في جعبتها المفاجآت لجماعة الحوثي وقوات النظام في مدينة البيضاء وسط اليمن. وقالت أنصار الشريعة، في بيان نشر على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، إنهم بدأوا هجماتهم المتزامنة على مراكز أمنية وعسكرية وحكومية مختلفة في البيضاء.
وذكر البيان تفاصيل الهجوم على نقاط ومواقع أمنية وعسكرية عدة في مدينة البيضاء، لافتاً إلى أن الهجوم بدأ باقتحام مجموعة من عناصر القاعدة بوابة معسكر قوات الأمن الخاصة بسيارة مفخخة، مما أدى لمقتل عشرات الجنود والحوثيين.
في الاثناء، احيا الالاف من انصار الحراك الجنوبي في ساحة العروض في عدن كبرى مدن جنوب اليمن الذكرى 51 لثورة 14 اكتوبر ضد الاحتلال البريطاني واطلقوا اعتصاماً مفتوحاً للمطالبة بالانفصال واستعادة دولتهم السابقة التي كانت مستقلة حتى العام 1990. وقدم انصار الحراك الجنوبي من محافظات لحج والضالع وشبوة وابين وحضرموت الى عدن استجابة لدعوة اطلقت من قبل قيادات فصائل في الحراك الجنوبي حاملين شعارات مطالبة بالانفصال ومناهضة للوحدة مع الشمال.
وشوهدت مئات السيارات آتية من المحافظات الاخرى في شوارع عدن وهي تتجه نحو ساحة العروض.

تحرك الحوثيين
ويرى جنوبيون كثر ان ما تشهده صنعاء منذ سيطرة مسلحين حوثيين في 21 ايلول (سبتمبر) على مقرات عسكرية وامنية ومؤسسات حكومية وعدم قيام اجهزة الدولة بالدفاع عنها وانشغال النظام بالصراع الدائر بين القوى الشمالية، كلها عوامل تؤمن فرصة سانحة لاستعادة دولتهم الجنوبية السابقة.
ومن جهته، شدد رئيس المجلس الاعلى للحراك الجنوبي حسن باعوم على ضرورة فرض المطالب الجنوبية في هذا الوقت، كما دعا الجنوبيين في المنفى الى العودة الى اليمن.
وقال باعوم في كلمة وزعها بالمناسبة إن «هذه الحشود المرابطة في ساحة الحرية عقدت العزم على الحسم للنضال السلمي  المتواصل من سنوات».
من جانبه، قال نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض في كلمة له بالمناسبة ان كل الشواهد والمتغيرات الجارية تدل دلالة قاطعة على إنها ستصب في مصلحة قضية شعب الجنوب التحررية العادلة فلابد لنا من المسارعة بالاستفادة من تلك المتغيرات ومن المستجدات الحالية وأن نكون جميعا عند مستوى المسؤولية.
واكتفت عناصر الشرطة والجيش بالمدينة بتفتيش بعض المركبات الآتية من محافظات اخرى.
الى ذلك، رحب مجلس الامن الدولي الاثنين بتعيين رئيس حكومة جديد في اليمن، وهدد مجدداً بفرض عقوبات على الذين يعرقلون العملية الانتقالية الديمقراطية، حسب ما اعلنت سفيرة الارجنتين ماريا كريستينا بيرسيفال.
وحسب بيرسيفال، التي تترأس مجلس الامن لشهر تشرين الاول (اكتوبر)، فان الدول الـ 15 الاعضاء لم يتخذوا مع ذلك حتى الآن اي قرار لتحديد مفتعلي الاضطرابات وفرض عقوبات موجهة ضدهم. وقالت ان المجلس «موافق على اعتبار هذه الامكانية أمراً ملحاً». وكانت تتكلم بعد مشاورات مغلقة حول الوضع في اليمن. وقال موفد الامم المتحدة الى اليمن جمال بن عمر للصحافيين انه اشار امام المجلس الى «خطر انهيار العملية الانتقالية». ودعا رئيس الحكومة الجديد خالد بحاح الى تشكيل حكومة بسرعة. واوضح انه «متأكد من ان المجلس لن يوفر اي جهد من اجل دعم الشعب اليمني».

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق