رئيسيسياسة عربية

«مبعدو قطر» يختارون الاقامة في انقرة، و«الخليج» ينتظر المزيد من الاجراءات

وسط عمليات تقويم متفاوتة النتائج، ومتقاطعة المعطيات، خطت قطر خطوة وصفها المتابعون بانها على درجة كبيرة من الاهمية على طريق تحقيق متطلبات البقاء ضمن المنظومة الخليجية. حيث اقدمت على طرد مجموعة من القيادات الاخوانية المصرية من اراضيها، وامهلتهم اسبوعاً للمغادرة.

الاسبوع الذي شارف على الانتهاء – عند كتابة هذه السطور – شهد كما من النشاطات ذات العلاقة بالخطوة القطرية في اكثر من مكان. ففي الوقت الذي اكد المبعدون المصريون بان «ارض الله واسعة»، دون ان يفصحوا الى اي ركن سيتوجهون، اجمعت التقارير على ان وجهتهم ستكون الى تركيا.
وبالتوازي، اجمعت الاشارات الصادرة عن الدول الخليجية ارتياحها للخطوة القطرية. غير ان بعض المعلومات المتسربة ترى ان هذه الخطوة ليست كافية، وانه يفترض ان تتبعها خطو
ات اخرى من بين قائمة المطالب والاشتراطات التي وضعها اجتماع وزاري، وطلب من الدوحة تنفيذها كشرط لاستمرار العلاقة ضمن منظومة «التعاون الخليجي».
المتابعون توقفوا عند الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى العاصمة القطرية الدوحة الاسبوع الفائت، وخرجوا بنتيجة مفادها ان المبعدين من الدوحة يستكملون اجراءات المغادرة الى انقرة. وان اردوغان وجه لهم دعوة رسمية من اجل الاقامة هناك. معتبراً ان بلاده تصر على موقفها من دعم انصار الرئيس المزول محمد مرسي، وجماعة الاخوان المسلمين المصرية.

تحفظ اردوغان
هذه النتيجة تتعامل معها هيئات ووسائل اعلام عدة، رغم ان اردوغان كان اكثر تحفظا في تصريحاته التي اعقبت زيارة الدوحة. حيث جاء فيها: «أن تركيا مستعدة لدرس استقبال قادة من جماعة الإخوان المسلمين الذين حثتهم واشنطن على مغادرة قطر».
ونقلت الصحافة التركية الثلاثاء عن اردوغان قوله اثناء عودته مساء الاثنين من زيارة رسمية الى قطر «اذا عبروا عن رغبة في المجيء الى تركيا، فسندرس طلبهم». واضاف «اذا كان هناك اي سبب يمنعهم من المجيء الى تركيا، فسنقومه. واذا لم تكن هناك اية عراقيل، فسنمنحهم الحقوق عينها مثل كل الاخرين».
في الاثناء، تتوالى القراءات الاقليمية والدولية للقرار القطري، وخصوصاً من بعده الخليجي. وكانت ابرز ردود الفعل ما عبرت عنه القاهرة التي قابلت تلك الخطوة بترحيب شديد، وبدعوة الى البوليس الدولي «انتربول» للقبض على تلك القيادات المبعدة، لجهة ان القاهرة تعتبرهم من الارهابيين. كذلك دعوة وزير الخارجية الاميركي الى مد الحرب ضد داعش لتشمل جماعة الاخوان المسلمين.
التحليلات هنا تتوقف عند كم من المعطيات ابرزها التساؤل حول الخطوة التالية – خليجياً -. اضافة الى ماهية الدور القطري بعد هذه الخطوة؟ وبين هذه وتلك مستقبل قناة الجزيرة القطرية.
ففي البعد الاول المتعلق بالخطوة التالية، هناك اجماع على ان ما حدث حتى اللحظة كان مهما من وجهة نظر خليجية عموماً، وسعودية بشكل خاص. الا انه غير كاف.                         وكانت دول مجلس التعاون الخليجي غير الراضية عن النهج القطري في التعامل مع مجريات الأحداث التي تلت الربيع العربي قد وقعت مع قطر في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 اتفاقاً في العاصمة السعودية الرياض هدف إلى إلزام قطر ببنود عدة من أجل الإبقاء على علاقات طبيعية مع باقي دول المجلس. وعلى الرغم من أن بنود هذا الاتفاق لم تنشر قط حتى على موقع مجلس التعاون الخليجي إلا أن تكهنات كثيرة دارت عما ورد فيها، ومنها مثلاً أنه نص على وقف التدخلات القطرية في شؤون الدول الأخرى ووقف تمويل الإخوان، وكذلك وقف ما أسمته مصادر خليجية بالتحريض الإعلامي عبر قناة الجزيرة.
وكانت صحيفة القبس الكويتية قد قالت إن من بين بنود اتفاق الرياض أن تطرد قطر أيضاً 15 عضواً خليجياً من المعارضين يقيمون في الدوحة بينهم 5 إماراتيين، وسعوديان، والبقية من البحرين واليمن، وأن توقف الدوحة دعم الإخوان وعدم التحريض على الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وقد أقدمت ثلاث دول خليجية هي السعودية والإمارات والبحرين في اذار (مارس) الماضي على سحب سفرائها من العاصمة القطرية الدوحة قائلة إن هذه الخطوة جاءت بعد عدم تنفيذ الدوحة لبنود اتفاق الرياض الذي كثر الحديث بشأنه.

مطالب خليجية
من هنا تتوقف القراءات عند مطالب اخرى ترى الدول الخليجية انه يتوجب على الدوحة تنفيذها. ومن ابرزها ضبط سياسة قناة الجزيرة، والتي تصفها بعض الدول بـ «التحريضية».  وهناك مطلب آخر يتمثل بالحد من نفوذ جماعة الاخوان في ادارتها، وفي سياستها التحريرية. حيث تبدي الدول الخليجية تحفظاً على هذا البعد. والذي تكرس مؤخراً من خلال تعيين «اخواني سابق» مديراً لها.
ويأتي القرار القطري بعد قمة جدة العربية – الأميركية، بينما يبرز تساؤل حول ما اذا كانت قطر ستسهم في الحملة الأميركية ضد «داعش»؟. وفي هذا السياق، يرى متابعون أن «الضغوط الخليجية وخصوصاً السعودية كانت مصحوبة بضغوط اميركية – فرنسية على قطر التي لا تستطيع أن تعيش طويلاً في ظل مثل هذه الضغوط وفي ظل مثل هذه المقاطعات الخليجية».
وتصنف المملكة العربية السعودية الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وبينما لا تتفق قطر مع هذا التوصيف، ولديها علاقات تاريخية وعميقة جداً مع الجماعة التي تراها الدوحة معتدلة وذات شعبية.
وتتالت الخطوات القطرية في الاسابيع الاخيرة تأكيداً على رغبة الدوحة في ارضاء جيرانها الخليجيين ومصر وواشنطن: ومن ذلك، الادانة القوية للمجموعات المتطرفة، والوساطة الناجحة للافراج عن رهينة اميركي وعن 45 جندياً دولياً فيجياً في سوريا، والبدء بالتقارب مع السعودية بعد ستة اشهر من التباعد، واخيراً الاعلان خلال الايام الاخيرة عن مغادرة مسؤولين في الاخوان المسلمين الاراضي القطرية.

زيارة ادروغان
في مثل هذه الاجواء زار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الدوحة الاحد الماضي، ما اعتبر خطوة لتنسيق المواقف بين نقرة والدوحة اللتين تتشاطران الموقف من جماعة الاخوان المسلمين.
وفي هذا السياق، يقول الخبير في الشؤون العسكرية والامنية والارهاب في مركز الخليج للبحوث مصطفى العاني ان الظرف الاقليمي والتحضيرات لشن حرب على تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا غيرت المعطيات بالنسبة الى الدوحة واجبرتها على اعادة بناء الجسور مع شركائها.
وبحسب العاني، فانه ليس لقطر «خيار آخر غير خفض، وليس قطع، علاقاتها مع الاخوان المسلمين»، بعد ان راهنت على الاخوان المسلمين من اجل توسيع نفوذها في المنطقة منذ بداية الانتفاضات العربية نهاية 2010.
وقال العاني ان قطر «لم تستطع ان تقاوم» امام الضغوط التي تأتيها من كل الجهات، وقد «اتخذت قراراً صعباً بالطلب من هؤلاء الاشخاص المغادرة»، ما يشكل «تنازلاً كبيراً».
وبحسب العاني، فان الخط التحريري لقناة الجزيرة يبقى مصدر اشكال بين قطر من جهة، والرياض وابوظبي والمنامة من جهة اخرى، الا ان هناك «مزيداً من الامل الآن لعودة السفراء الى الدوحة».

ا. ح

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق