رئيسي

التوجهات السعودية نحو روسيا تزعج البنتاغون

المدقق في تفاصيل المشهد السعودي – الاميركي يتوقف عند حالة غير مسبوقة في التواصل بين الجانبين، وتحديداً في مجال الزيارات الرسمية الاميركية الى العاصمة السعودية الرياض، واللقاءات التي تجري مع المسؤولين السعوديين.

في اسبوع واحد التقى الامير سلمان بن عبد العزيز مع ثلاثة من كبار المسؤولين الاميركيين، الذين اموا المملكة للبحث مع قياداتها وكبار مسؤوليها تطورات الاوضاع، والتعاون الثنائي بين البلدين.
الامير سلمان التقى كلاً من وزير الدفاع الاميركي تشيك هاغل، والسيناتور الأميركي جون ماكين، وعضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور روبرت كروكر كل على حدة. وبينما جاء البيان الرسمي مقتضباً، وخالياً من اية تفصيلات، واكتفى بالحديث عن بحث «الأمور المشتركة بين البلدين»، اشارت مصادر متابعة الى ان البحث تركز في عناصر عدة ابرزها الملف النووي الايراني في ضوء الاتفاق الذي تم توقيعه بين ايران والمجموعة الكبرى «5 + 1»، وهو الاتفاق الذي تحفظت عليه المملكة العربية السعودية واعتبرته بمثابة مشروع اتفاق لم يراع المصالح الخليجية والعربية عموماً، والسعودية بشكل خاص.
غير ان البحث بين الجانبين انتقل الى المزيد من التفاصيل، وجرى التركيز على ما يتردد من تنسيق سعودي – روسي، وعن صفقات سلاح روسية للجيش السعودي ومن بعده للجيش المصري. وهو التنسيق الذي يعتقد انه ازعج البنتاغون، ودفعه الى البحث عن سبل اعادة التنسيق مع الجانب السعودي الذي لم تكن واشنطن ودوائرها الامنية والسياسية والاقتصادية تنظر له كـ «زبون فقط» وانما كشريك استراتيجي.

مواصلة الشراكة
من هنا تشير المعلومات المتسربة من اروقة الحوار السعودي – الاميركي الى ان واشنطن ركزت على محاولات اقناع الرياض بأنها ملتزمة بأمن المملكة بشكل كامل، وان التزامها «لم ولن يتغير». وانها تصر على مواصلة الشراكة مع المملكة في مجالات التنسيق كافة، وتأخذ في الاعتبار عدم المساس بأمنها سواء من خلال الاتفاق الموقع مع ايران او غيره. وتشدد على ان الاتفاق لا يمس مكانة المملكة العربية السعودية من قريب او بعيد.
مصادر متابعة للاتفاق ألمحت الى ان الوزير الاميركي، ومن قبله عضو لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الاميركي جون ماكين، تركزت حول الرغبة السعودية في شراء اسلحة روسية الصنع. حيث سبق ان قام الامير السعودي بزيارة الى موسكو، والتقى الرئيس بوتين وكبار المسؤولين الروس. وبحث معهم سبل تطوير العلاقات الثنائية خصوصاً علاقات التعاون التسليحي. وتسربت معلومات – وقتها – عن صفقة اسلحة روسية للجيش السعودي، قيمتها تتجاوز الستة مليارات دولار. وهي الصفقة التي يعتقد محللون ان واشنطن ترغب بأن تكون هي الطرف الآخر فيها، خصوصاً ان غالبية الاسلحة المستخدمة في الجيش السعودي من مصادر اميركية.
التحليلات تتوقف ايضاً عند ما يعتقد انه تنسيق مصري – سعودي، وتحديداً من زاوية الاعتقاد بأن المملكة مستعدة لدفع قيمة الصفقة التي تنوي القاهرة ابرامها مع موسكو لصالح الجيش المصري، والتي تأتي كتعويض له عن تراجع الدعم الاميركي لمصر. وتبلغ قيمة الصفقة حوالي الستة مليارات دولار، وتتضمن مجموعة بطاريات صواريخ وتحديث دبابات وغيرها من الاسلحة التي يحتاجها الجيش المصري، وتتمنع واشنطن بالموافقة عليها كنوع من الضغط.
ومن هنا يبدو واضحاً ان البنتاغون الذي يرغب باستعادة علاقاته كاملة، وبمستوى الزخم عينه الذي كانت عليه، يرى في التنسيق السعودي – المصري ما يمكن ان يشكل تحولاً في الموازين ليس في صالحه. وبالتالي فانه يسعى لاستعادة ذلك التوازن، ويحافظ على الشراكة الاستراتيجية وخصوصاً المملكة العربية السعودية تحديداً.
تفصيلاً، استقبل الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، في قصره بالعاصمة الرياض وزير الدفاع الأميركي تشيك هاغل والوفد المرافق له. وقالت وكالة الأنباء السعودية إنه جرى خلال الاستقبال استعراض علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها بالإضافة إلى آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، ولم تذكر الوكالة المزيد من التفاصيل.

زيارات اميركية
وكان ولي العهد السعودي، قد استقبل قبل ذلك بايام، عضو لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون ماكين، وذلك غداة استقباله من قبل الامير محمد بن نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية السعودي، في مكتبه بالعاصمة الرياض. وجاء لقاء وزير الداخلية السعودي بماكين بعد يوم من لقاء عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور روبرت كروكر، كلاً من الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ووزير الداخلية السعودي، كلاً على حدة. وتأتي زيارة ماكين وكروكر إلى الرياض بعد أسبوع من تلقي العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي باراك أوباما جرى خلاله استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث الأوضاع في المنطقة، والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وتعد هذه أول زيارة لمسؤولين أميركيين بارزين للرياض بعد اتفاق إيران مع مجموعة «5 +1» (الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن، إلى جانب ألمانيا) حول البرنامج النووي لطهران في 23 من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وكانت مجموعة الدول الغربية وايران قد توصلت الشهر الماضي في مدينة جنيف السويسرية، إلى اتفاق مرحلي يقضي بفتح الأولى منشآتها النووية أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية «على نحو أفضل»، ووقف بعض أنشطة تخصيب اليورانيوم، مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على طهران في المرحلة الأولى التي تستمر 6 أشهر.
وجاء وزير الدفاع الاميركي، والعديد من كبار المسؤولين الاميركيين الى الرياض من اجل اطلاعها على تفاصيل الملف كاملاً، وحيثياته، والاجابة على اية تساؤلات تطرحها المملكة على طريق ازالة ما تراه واشنطن «لبساً» وما يراه السعوديون قراءات دقيقة لتحولات قد لا تكون منسجمة مع الاطار العام للسياسة التي حكمت العلاقات بين البلدين على مدى عقود طويلة، والتي كانت علاقة شراكة وصداقة واحترام.

الرياض – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق