السعودية والإمارات تعلنان استعدادهما لزيادة إمداداتهما من النفط
أعلنت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الأربعاء استعدادهما لزيادة إمدادات كل منهما من النفط بنحو مليون برميل يومياً، في خطوة تعد تصعيداً للتوتر بين الرياض وموسكو بشأن أسعار النفط.
يتزايد التصعيد في الحرب النفطية بين السعودية وروسيا الأربعاء مع إعلان الرياض عزمها على رفع طاقتها الإنتاجية، في موازاة تأكيد حليفتها أبوظبي استعدادها لزيادة إمداداتها، وهو ما أدى لتراجع في أسعار النفط المتأثّرة أيضاً بانتشار فيروس كورونا «كوفيد-19».
وقالت شركة أرامكو السعودية إنها ستعمل على زيادة مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى بمليون برميل نفط يومياً.
وأوضحت في بيان نُشر على موقع سوق المال السعودية «تداول» أنها تلقّت «توجيهاً من وزارة الطاقة برفع مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة من 12 إلى 13 مليون برميل يومياً».
وفي حين أنّ زيادة الطاقة الإنتاجية تتطلّب في العادة سنوات واستثمارات بمليارات الدولارات، قال رئيس أرامكو أمين الناصر إن الشركة «تعمل بكامل إمكانياتها على سرعة تنفيذ هذا التوجيه»، من دون أن يحدّد جدولاً زمنياً لذلك.
وجاءت الخطوة بعد يوم من إعلان السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، زيادة إنتاجها في شكل كبير إلى 12،3 مليون برميل يومياً في نيسان (ابريل) من مستوى 9،8 مليون برميل الحالي.
وتحتفظ السعودية باحتياطات إستراتيجية من عشرات ملايين البراميل من النفط الخام، ومن المتوقع اللجوء إليها لتغطية كمية النفط التي تفوق طاقتها الإنتاجية القصوى الشهر المقبل، وهي 300 ألف برميل يومياً.
وفي السابق، تراجعت المملكة عن خطط لزيادة طاقتها الإنتاجية القصوى في ظل انخفاض الطلب على النفط في دول منظمة الدول المصدرة «أوبك» على خلفية منافسة محتدمة مع النفط الأميركي ومصادر أخرى.
وكانت مجموعة «أوبك» بقيادة السعودية، وروسيا ودول نفطية أخرى، قد قامت في السنتين الماضيتين بخفض الإنتاج لرفع أسعار النفط المتراجعة منذ 2014، ضمن إطار من التعاون تحت مسمى «أوبك بلاس».
ودعت السعودية خلال اجتماع في فيينا هذا الشهر إلى خفض إضافي بقدار 1،5 مليون برميل لمواجهة التراجع الكبير في الأسعار على خلفية انتشار فيروس كورونا، لكن روسيا رفضت ذلك.
ورداً على الموقف الروسي، خفضت السعودية أسعار النفط المطروح للبيع لديها إلى أدنى مستوياتها في 20 عاماً، في محاولة للاستحواذ على حصة كبيرة في السوق، الأمر الذي أثار اضطرابات في أسواق الطاقة وحرب أسعار مستعرة.
وفيما شهدت أسعار النفط أكبر انخفاض منذ حرب الخليج في العام 1991، يحذر المحللون بأن هذه الخطوة ستستمر في دفع الأسعار للهبوط نحو 20 دولاراً للبرميل إذا لم يتوصل الجانبان إلى اتفاق.
الإمارات تدخل خط المواجهة
قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك الثلاثاء إن موسكو قد تعزز الإنتاج على المدى القصير، إلا أنّه فتح في الوقت ذاته الباب أمام إمكانية عقد محادثات جديدة مع المملكة.
وأعرب من جهته الرئيس فلاديمير بوتين الأربعاء عن ثقته بأن اقتصاد بلاده سيتجاوز تبعات الحرب النفطية الدائرة منذ الجمعة الماضي وسيخرج منها «أقوى».
لكن الإمارات، حليفة السعودية، دخلت على خط المواجهة الأربعاء، معلنة عن استعدادها لزيادة إمداداتها من النفط بنحو مليون برميل يومياً في نيسان (ابريل).
وقالت مجموعة «أدنوك» الحكومية في بيان إنّها «تمتلك إمكانية إمداد الأسواق بأكثر من أربعة ملايين برميل يومياً في نيسان (ابريل) المقبل»، أي بأكثر من مليون برميل من معدل الإنتاج اليومي الحالي.
كما ذكرت الشركة أنّها «تعمل على تسريع التقدم نحو هدفنا بالوصول إلى سعة إنتاجية تبلغ خمسة ملايين برميل يومياً».
وكتب وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي على تويتر إن تعزيز الإمدادات سيتم «بسرعة نظراً للظروف الحالية»، داعياً إلى «اتفاق جديد» بين دول أوبك وروسيا «للمحافظة على استقرار السوق».
وتراجعت أسعار النفط الأربعاء بعد إعلان المملكة عن نيتها زيادة طاقتها الإنتاجية القصوى، فانخفض سعر خام تكساس بنسبة 1،7 بالمئة عند منتصف النهار ليبلغ 33 دولاراً، بينما تراجع خام برنت بالنسبة ذاتها إلى 36 دولاراً.
وتؤثر أسعار النفط بشكل مباشر على الاقتصاد السعودي واقتصاديات الخليج الأخرى التي تعتمد على إيراداتها بشكل كبير على مبيعاتها من الخام.
وتعرّضت أسواق المال في هذه الدول لخسائر كبرى يومي الأحد والإثنين على خلفية الأسعار المتراجعة، لكنها عادت وانتعشت الثلاثاء و الأربعاء.
وتوقّعت مؤسسة «أوكسفورد إيكونوميكس» الاستشارية في مجال الطاقة أن ينخفض سعر الخام مجدداً ويبقى عند مستوى 30 دولاراً لفترة طويلة، مشيرة إلى أن دول الخليج ستضطر مجدداً لاتخاذ إجراءات تقشفية مماثلة لتلك التي أقدمت عليها عند انهيار الأسعار في 2014.
وحذّرت من أن الوضع الحالي «قد يتسبّب بركود اقتصادي في دول في مجلس التعاون الخليجي، تعاني أساساً من تباطؤ الاقتصاد العالمي وتبعات انتشار فيروس كورونا».
وتوقّعت مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» من جهتها أن تزداد نسبة العجز المتوقع في الموازنة السعودية للعام الحالي في الناتج المحلي، من 6 بالمئة حالياً إلى 15 بالمئة.
فرانس24/ أ ف ب