سياسة عربية

حرب الهمبرغر لمقاومة الاستيطان في اسرائيل

جون كيري، وزير الخارجية الاميركية، ختم من دون ان يحقق اي نتيجة، المحاولة الخامسة التي قام بها، منذ توليه منصبه، في شهر شباط (فبراير) الماضي، في اطار الجهود التي تبذلها ادارة باراك اوباما، لاعادة تحريك مسار السلام، وغادر المنطقة، بعد مجهود ماراتوني، معلناً انه حقق تقدماً لكن من دون ان يتمكن من اعادة الحياة الى مسار السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

قال كيري، قبل ان يغادر، معرباً عن تفاؤله المعتاد، الذي لا يتناقض مع الفشل في الاعلان، كما كان يرغب، عن اتفاق على عقد قمة بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، في عمان ، برعاية الملك الاردني، عبدالله، وكان ذلك الهدف الرئيسي من زيارة الوزير الاميركي الاخيرة.
ويعتقد جون كيري ان «الفريقين يعتبران ان الامر ممكن. كما للقول بأن الحل هو في النهاية بين ايديهما بعد ان اجرى محادثات، مكثفة وايجابية، مع قادة الاردن وفلسطين واسرائيل». ولمس ان «التزامهم جدي وحقيقي». واردف: «طلب مني عباس ونتانياهو، الاستمرار في جهودي، لذلك، سأترك بعض اعضاء فريق عملي في المنطقة، لمواصلة البحث في التفاصيل انني كلي امل».
وكشفت المصادر الفلسطينية، عن ان كيري نقل مقترحات جديدة، من اسرائيل، لكنها ليست كافية لتحريك المفاوضات، وانها شعرت بتفهم عميق لديه، للموقف الفلسطيني.
واردفت جريدة هآرتز، ان كثيرين كانوا يتمنون ان يستسلم جون كيري، امام الصعوبات، ولكنه مصر على الاستمرار، ولذلك قرر العودة والا يشعر بالاحباط. بينما يحذر مراقبون، من المؤتمر الذي يعقده حزب الليكود، لانتخاب قيادة جديدة قد تسيطر عليها اجيال جديدة، تعتبر ان مسار السلام، مات، وان الجهود الاميركية لاعادة الحياة الى مفاوضات مجمدة منذ سنة 2010، عديمة الفائدة ومحكومة بالفشل.

النقاط الاساسية
يقول الفلسطينيون ان رئيس الحكومة الاسرائيلية لم يعط جواباً واضحاً على ثلاثة مطالب يشترطونها للعودة الى طاولة المفاوضات وهي:
– تعهد علني بتجميد بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة في سنة 1967.
– اعلان نتانياهو، ان المفاوضات ستجري على اساس حدود سنة 1967، مع تبادل اراضٍ.
– اطلاق سراح 127 فلسطينياً، معتقلين منذ ما قبل اتفاقات اوسلو، الموقعة عام 1993.
نتانياهو وافق على الشرط الاخير، مقابل ان يتم التحرير تدريجاً، وبعد دراسة كل ملف على حدة، وبعد استئناف المفاوضات. وهناك اعتراض على اطلاق سراح المعتقلين بتهمة قتل 80 اسرائيلياً.
ويتهم اليمين الاسرائيلي، نتانياهو، بتجميد المستوطنات، التي يوافق عليها في شكل مبطن، واعلن بعد عشاء عمل مع كيري، استمر حتى الساعة الثانية صباحاً، ان «اسرائيل على استعداد للتفاوض، من دون اية شروط مسبقة. اننا لا نضع، من جهتنا اية عقبات امام استئناف المفاوضات للتوصل الى حل نهائي».
وكشف نتانياهو عن اولوياته: «لا تنازل في شؤون الامن. ولن نعقد اي اتفاق يعرّض امن مواطني اسرائيل للخطر». وتحدث اخيراً، عن امكانية اللجوء الى استفتاء: «انني اعتقد انه لا بد من طرح اي اتفاق يتم التوصل اليه، على استفتاء شعبي».
وتحدث وزير الدفاع الاسرائيلي ايالون عن الشروط المسبقة، التي تحول دون التفاوض، التي يطرحها الفلسطينيون، واردف: «اننا لسنا على استعداد لان ندفع للفلسطينيين، ثمن مجرد الجلوس، على طاولة الحوار».
ويرد الفلسطينيون بلسان جبريل رجوب: بانه ليس هناك شروط جديدة، ويشددون على ان عدداً كبيراً من القادة الاسرائيليين، يعارضون قيام دولة فلسطينية، بينما «لا تقوم حكومتهم بتجميد الاستيطان». فجون كيري، «يسعى الى التوفيق بين المواقف، بينما الطابة اصبحت اليوم، في ملعب نتانياهو، الذي عليه ان يقرر قيادة الصراع، ام حله على اساس قيام دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية، الى جانب دولة اسرائيل بعاصمتها القدس الغربية»،
ويأمل، الفلسطينيون والاسرائيليون، في انتظار جولة جون كيري السادسة لأن الساعات العشر التي قضاها مع محمود عباس وبنيامين نتانياهو، اضعفت التفاؤل الذي جاء به الى المنطقة.
فمواصلة الاستيطان، الذي يبتلع في كل يوم، المزيد من الاراضي الفلسطينية، تزيد من صعوبة اقامة دولة فلسطينية وقابلة للحياة.
فعشية وصول جون كيري الى اسرائيل وافقت الحكومة الاسرائيلية على بناء 69 مسكناً جديداً في مستوطنة حار حوما، في القدس الشرقية المحتلة، التي ينادي بها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم العتيدة. اضافة الى ان داني دانون، نائب وزير الدفاع الذي يطمح الى رئاسة الليكود صرح في 9 حزيران (يونيو) الى جريدة «التايمز» البريطانية ان التحالف الحاكم يعارض في شدة، الحل على اساس الدولتين، وسيقاوم قيام دولة فلسطينية وسيطرح الموضوع على استفتاء.
وقال وزير الاقتصاد والشؤون الدينية، نافتالي بينيت، من حزب «بيتنا اليهودي»، في 17 حزيران (يونيو)، في محاضرة امام المجلس الذي يمثل المستوطنين اليهود، ان السبيل الوحيد امام قادة اسرائيل السياسيين هو «بناء بناء وبناء المستوطنات».
هذه هي بعض التصريحات التي سبقت زيارة حون كيري.
الرسالة صريحة اذا كان نتانياهو يردد في استمرار، انه على استعداد للدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين، لبناء السلام معهم، فان الاستيطان سيستمر، وكذلك توسيع المستوطنات القائمة، وانشاء مستوطنات جديدة، لا تساعد الا على منع قيام دولة فلسطينية.
ودلت نتائج المرحلة الخامسة من جهود جون كيري، على عقم المساعي.
وقد تكون وزيرة العدل، المكلفة شؤون التفاوض مع الفلسطينيين التي يتولاها نتانياهو، هي المنادي الصادق الوحيد، داخل حكومة نتانياهو، في السعي الى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. ولكنها الشريك الصغير في التحالف، ولا تعتمد في مجلس النواب على اكثر من 6 نواب من اصل 120.
ومن يدري، اذا استمرت وتيرة الاستيطان والعجز عن مقاومته، فانه لن يبقى للقيادة الفلسطينية ما تتفاوض عليه.

حرب الهمبرغر
ولكن في اسرائيل، من يقاوم الاستيطان، ولو على طريقته، ويقود المقاومة، بسلاح جديد، في اطار ما سمي «حرب الهمبرغر».
وليس الخبر للدعاية، فان «ماكدونالدز اسرائيل» رفضت ان تنشىء مطعماً لها في مستوطنة آرييل، في الضفة الغربية لانها تقع وراء الخط الاخضر الموضوع في سنة 1967.
فرد المستوطنون بالتهديد بمقاطعة شبكة مطاعمها في كل انحاء اسرائيل، بينما عمدت سلطات المستوطنة الى الرد على قرار المؤسسة، بكلمات ادانة عنيفة.
ويبدو ان القصة، سياسية في الوقت الذي كان وزير الخارجية الاميركية جون كيري، يسعى الى اعادة تحريك مفاوضات السلام، الذي تشكل فيها قضية المستوطنات، احد الملفات الاكثر حماوة.
فان صاحب ماكدونالدز اسرائيل هو رجل الاعمال الاسرائيلي امري مادان الناجح، الذي كان في شبابه بين مؤسسي حركة «السلام الآن»، التي اعلنت، منذ ولادتها الحرب على المستوطنات في الاراضي التي احتلتها اسرائيل في سنة 1967.
ولم يتراجع امري عن معتقداته، عندما اصبح ثرياً، وانشأ شبكة مطاعم ماكدونالدز، فرفض ان ينشىء اي واحد منها في ما وراء الخط الاخضر. ولهذا السبب، رفض اليوم، دعوة سيد الحملات الكبرى في اسرائيل، رامي ليفي، الى انشاء مطعم «ماك دو»، في المركز التجاري الذي يبنيه في آرييل، بكلفة 100 مليون شيكل اسرائيلي، اي حوالي 20 مليون  يورو، المفروض ان يجري افتتاحه، في سنة 2014. فأدى هذا الرفض الى اشعال غضب المستوطنين (15 الفاً) في ارييل، وفي طليعتهم رئيس بلديتها، الياهو شافيرو، الذي نسبت اليه الصحف الاسرائيلية قوله: «ان قرار ماكدونالدز مسكين وتمييزي يجب ترك الثقافة والتجارة، بعيداً عن السياسة».
ولا يبدو، ان المشكلة ستتوقف عند هذه الحدود، لان اذاعة مستوطني المنطقة، القناة 7، تحدثت عن مقاطعة شبكة مطاعم ماكدو، وكل ما تبيعه من طعام، بما فيه الطعام المعد حسب الطرق الدينية اليهودية»،  ووزع المستوطنون مناشير تقول: «ماكدونالدز يقاطع آرييل وارييل تقاطع ماكدونالدز».
وانتقد رامي ليفي، سيد الحملات الكبرى، المقرب من بنيامين نتانياهو، القرار وقال حسب جريدة   ynet الانترنيتية، «ان سوبرماركت آرييل، سيشغل عمالاً عرباً ويهوداً، ويؤمن احتياجات الجميع».
امري مادان، لم يرد مباشرة وعلناً، حتى الآن، ولكن مصادر في مؤسسته، ذكرت بان «سياسة عدم انشاء فروع، في ما وراء الخط الاخضر، معروفة من الجميع منذ سنوات».
اي منذ 20 سنة، منذ ان انشأ مطعم الطعام السريع الاول، من السلسلة التي تضم اليوم 180 فرعاً في سائر انحاء اسرائيل، من دون ان يتخطى الخط الاخضر، ويستعمر اراضي الغير.

ج. ص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق