مقتل 19 مدنياً في قصف لقوات النظام في ادلب والمعارضة تسيطر على النيرب
قتل 19 مدنياً بينهم ثمانية أطفال على الأقل الثلاثاء في قصف جوي وصاروخي شنته قوات النظام في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ومنذ كانون الأول (ديسمبر)، تتعرض مناطق في إدلب ومحيطها، تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة، لهجوم واسع من دمشق، مكّن قواتها من التقدم في مناطق واسعة في ريفي إدلب الجنوبي وحلب الغربي.
وأورد المرصد «أسفرت غارات جوية شنتها قوات النظام في ريف إدلب الشمالي عن مقتل عشرة مدنيين بينهم ستة أطفال في مدينة معرة مصرين وثلاثة مدنيين بينهم طفل في بلدة بنش».
وأودى قصف صاروخي وجوي، وفق المرصد، بستة مدنيين في مدينة إدلب، مركز المحافظة، «بينهم ثلاثة مدرسين وطالبة بعدما طاول القصف مدارس عدة».
وفي مدينة بنش، شاهد مصور لوكالة فرانس برس متطوعين في منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة) ينتشلون جثة إمرأة عالقة تحت جدار اسمنتي.
ودفع هجوم قوات النظام في إدلب منذ بداية كانون الأول (ديسمبر) نحو 900 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى ترك منازلهم. وقالت الامم المتحدة أن 170 ألفاً منهم يقيمون في العراء. كما أسفر عن مقتل أكثر من 400 مدني، بحسب المرصد.
وحذرت الأمم المتحدة من أن العنف لا يفرق «بين منشآت صحية او سكنية او مدارس وجوامع وأسواق». ودعت إلى «تفادي أكبر قصة رعب إنسانية في القرن الحادي والعشرين» عبر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وخلال أسابيع، سيطرت قوات النظام على مناطق واسعة جنوب إدلب وغرب حلب، وتمكنت من تحقيق هدف طال انتظاره بسيطرتها على كامل الطريق الدولي «إم 5» الذي يصل مدينة حلب بدمشق.
وواصلت قوات النظام تقدمها، وفق المرصد الذي أشار إلى أنها سيطرت خلال الأيام الثلاثة الماضية على 15 قرية وبلدة في ريف إدلب الجنوبي.
وواصلت قوات النظام هجومها رغم توتر غير مسبوق بين دمشق وأنقرة الشهر الحالي انعكس مواجهات على الأرض أسفرت عن قتلى من الطرفين.
وعلى وقع تقدم خلال الأشهر الماضية، بات الجيش السوري يحاصر ثلاث نقاط مراقبة تركية على الأقل من أصل 12 في المنطقة، بموجب اتفاق روسي تركي.
المعارضة تستعيد النيرب
وفي أنقرة قال مسؤولون أتراك ومن المعارضة السورية يوم الثلاثاء إن المعارضة المدعومة من الجيش التركي سيطرت على بلدة النيرب في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا، وهي أول منطقة تستعيدها من القوات الحكومية السورية التي تتقدم في المحافظة.
وتحاول قوات الرئيس السوري بشار الأسد المدعومة بقوة جوية روسية استعادة آخر معقل كبير للمعارضة في سوريا.
وفي أنحاء أخرى من إدلب، استعادت قوات الحكومة السيطرة على بلدة كفرنبل ومناطق مجاورة لها على بعد نحو 30 كيلومتراً جنوب غربي النيرب، حسبما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصدر محلي ووسائل إعلام موالية للحكومة.
وانتقد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو هذا الهجوم قائلاً إن الحكومة السورية لم تتمكن من تحقيق نصر عسكري وإن واشنطن تعمل مع أنقرة على إيجاد سبيل لحل هذه الأزمة، دون أن يذكر تفاصيل.
وأرسلت تركيا آلاف الجنود وعتاداً إلى المنطقة لمساعدة المعارضة على مقاومة الهجوم.
وقال الرائد يوسف حمود المتحدث باسم الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا لرويترز «بمساعدة أصدقائنا الأتراك، أبطال الجيش الوطني السوري يستعيدون السيطرة على بلدة النيرب الاستراتيجية بوابة مدينة سراقب شرقي إدلب بعد دحر (طرد) المليشيات الروسية الإرهابية منها».
وقال مسؤول أمني تركي إن الجيش التركي دعم هجوم المعارضة بالقصف وإن فرق إزالة القنابل ومقاتلين من المعارضة يعملون الآن على تطهير البلدة الواقعة على بعد نحو 20 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة.
وأضاف أن الهدف التالي هو السيطرة على مدينة سراقب الاستراتيجية التي يلتقي عندها طريق إم5 السريع، وهو الطريق الرئيسي الواصل بين الشمال والجنوب السوري والذي يربط دمشق وحلب، بالطريق الواقع غربي البحر المتوسط.
وقال مقاتلون من المعارضة إن السيطرة على النيرب تجعل طريق إم5 في مرمى نيرانها، وذلك بعد أيام من إعلان الحكومة السورية فتح الطريق تماماً أمام حركة المرور للمرة الأولى منذ أعوام.
وقال العميد الركن أحمد رحال المنشق على الجيش السوري إن السيطرة على بلدة النيرب رفعت معنويات المعارضة وإن هدف الحملة المقبل هو سراقب.
وقال يحيى جابر، وهو أحد المنقذين العاملين مع الدفاع المدني، إن عشرة مدنيين لقوا مصرعهم على مسافة نحو 20 كيلومتراً جنوبي الحدود، منهم سبعة أطفال، وذلك في ضربة جوية روسية أصابت ملاذاً لعائلات نازحة في بلدة معرة مصرين التي تسيطر عليها المعارضة.
وهوجمت أيضاً مدينة إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة. وقال المرصد السوري إن تلميذين واثنين من المعلمين لقوا حتفهم عندما أصابت نيران المدفعية مدرسة بالمدينة.
دعم أميركي
منذ دفعت تركيا بقوات إلى شمال غرب سوريا لوقف حملة الحكومة السورية في إدلب، قُتل 17 من أفرادها.
وعبرت الولايات المتحدة عن دعمها لموقف تركيا في إدلب. وقال بومبيو «هجوم النظام لا يسفر سوى عن زيادة مخاطر الصراع مع تركيا شريكتنا في حلف شمال الأطلسي. الحل في وقف دائم لإطلاق النار ومفاوضات بقيادة الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254».
وتسبب القتال في تأزم العلاقات بين تركيا وروسيا اللتين تدعمان أطرافاً متقاتلة في الصراع السوري، لكنهما عملتا أيضاً على احتواء العنف إلى أن اندلعت المعارك الأخيرة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه لا يوجد حتى الآن اتفاق على عقد قمة اقترحها في الخامس من آذار (مارس) مع روسيا وفرنسا وألمانيا تتناول الصراع في إدلب لكنه قد يلتقي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ذلك اليوم.
وأضاف أن من المقرر أن يصل وفد روسي إلى تركيا الأربعاء لبحث الوضع.
كان أردوغان قد صرح يوم السبت بأن تركيا وضعت «خريطة طريق» لسوريا بعد اتصالات مع الزعماء الثلاثة. وقال الكرملين إنه يبحث إمكانية عقد قمة رباعية.
واستقبلت تركيا 3.7 مليون لاجئ سوري، وتقول إنه لا يمكنها التعامل مع موجة لاجئين جديدة وأغلقت حدودها.
وتقترب قوات الحكومة السورية من مخيمات النازحين بالقرب من الحدود التركية حيث يخشى النازحون من أن يصبحوا في مرمى النيران.
وفي جنيف، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأطراف المتحاربة في إدلب إلى السماح للمدنيين بالعبور الآمن هرباً من الهجمات وذكّرت تلك الأطراف بأن المستشفيات والأسواق والمدارس محمية بموجب القانون.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة روث هيذرنغتون «نحث كل الأطراف على السماح للمدنيين بالتنقل بأمان سواء في مناطق تسيطر عليها تلك الأطراف أو عبر الخطوط الأمامية».
ويتكدس معظم النازحين في جيوب قريبة من الحدود التركية حيث زاد الطقس الشتوي القاسي من محنتهم وافترش كثير منهم الأرض على جوانب الطرق أو في الحقول لعدم توفر مأوى.
وهجوم قوات الحكومة السورية قد يمثل الفصل الأخير من حرب أودت بحياة مئات الألوف وتسببت في نزوح الملايين ودمرت مدناً بأكملها منذ اندلاع الانتفاضة ضد الأسد عام 2011.
رويترز