معارك عنيفة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة في ادلب ومقتل جنديين تركيين
انقرة: واشنطن قد ترسل لنا صواريخ باتريوت
تخوض فصائل مقاتلة بدعم تركي الخميس معارك عنيفة ضد قوات النظام في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلنت أنقرة أن جنديين تركيين قتلا وأصيب خمسة بجروح جراء غارة جوية في إدلب. وألقت الرئاسة التركية مسؤولية القصف على النظام السوري.
ومنذ كانون الأول (ديسمبر)، تتعرض مناطق في إدلب ومحيطها، تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة، لهجوم واسع من دمشق، مكّن قواتها من التقدم في مناطق واسعة في ريفي إدلب الجنوبي وحلب الغربي.
وأفاد المرصد أن فصائل مقاتلة، بينها هيئة تحرير الشام وأخرى معارضة منضوية في الجبهة الوطنية للتحرير، شنّت بدعم من القوات التركية هجوماً ضد مواقع قوات النظام في بلدة النيرب الواقعة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن «الأتراك يدعمون الفصائل بسلاح المدفعية، ويؤمنون لها تغطية أثناء تقدمها على الأرض ويتقدمون خلفها».
وسيطرت الفصائل، وفق المرصد، على الجزء الأكبر من النيرب، قبل أن تجبرها قوات النظام مدعومة بالطيران الحربي على التراجع.
وأسفرت المعارك والقصف الجوي وفق المرصد عن مقتل 11 عنصراً من قوات النظام و14 من الفصائل المقاتلة، بالإضافة إلى الجنديين التركيين.
وأكدت وكالة الأناضول الرسمية نقلاً عن مصدر في المنطقة أن «هناك تحركاً لحماية مواقع الجيش التركي» من دون أن تحدد ما اذا كانت القوات التركية تشارك في العملية.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) من جهتها أن «وحدات من الجيش العربي السوري تقضي على المجموعات الإرهابية المهاجمة على محور النيرب».
ومنذ بداية الشهر الحالي، شهدت إدلب توتراً غير مسبوق بين دمشق وأنقرة انعكس في مواجهات على الأرض أسفرت عن قتلى من الطرفين. وعلى وقع تقدم خلال الأشهر الماضية، بات الجيش السوري يحاصر ثلاث نقاط مراقبة تركية على الأقل من أصل 12 تنتشر في المنطقة، بموجب اتفاق روسي تركي.
ودفع هجوم قوات النظام في إدلب منذ بداية كانون الأول (ديسمبر) بنحو 900 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى ترك منازلهم. وقالت الامم المتحدة أن 170 ألفاً منهم يقيمون في العراء. كما أسفر عن مقتل أكثر من 400 مدني، بحسب المرصد.
وخلال أسابيع، سيطرت قوات النظام على مناطق واسعة جنوب إدلب وغرب حلب، وتمكنت من تحقيق هدف طال انتظاره بسيطرتها على كامل الطريق الدولي «إم 5» الذي يصل مدينة حلب بدمشق.
مقتل جنديين تركيين
ويأتي مقتل جنديين لها في شمال غرب سوريا بغارة جوية، في تصعيد في الوقت الذي تشدد فيه موسكو لهجتها ضدّ أنقرة عبر اتهامها بأنّها «تدعم إرهابيين».
وتدفع هذه التطورات نحو مزيد من التوتر في محافظة إدلب، وتهدد بتفاقم الوضع الإنساني المأسوي في ظل نزوح نحو مليون شخص منذ كانون الأول (ديسمبر).
وأعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل جنديين تركيين وإصابة خمسة بجروح جراء غارة جوية نسبتها أنقرة إلى النظام السوري. وترفع هذه الحصيلة عدد الجنود الأتراك الذين قتلوا في إدلب في شباط (فبراير) إلى 16.
وتؤدي الاشتباكات بين أنقرة ودمشق، التي تكررت منذ بداية شباط (فبراير)، إلى توتر متصاعد بين تركيا الداعمة لفصائل معارضة في إدلب، وروسيا التي تدعم النظام السوري عسكرياً.
والخميس، اشار الجيش الروسي إلى تنفيذه ضربات لوقف هجوم قادته فصائل مسلحة مدعومة من أنقرة باتجاه نقاط يسيطر عليها النظام، ودعا تركيا إلى «الكف عن دعم أنشطة جماعات إرهابية و(التوقف) عن مدّها بالأسلحة».
وبحسب موسكو والمرصد، فإنّ المدفعية التركية قصفت مواقع للنظام دعماً للهجوم الذي تتعرض له.
ويأتي هذا الهجوم غداة تحذير الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قوات النظام السوري ودعوته إياها إلى الانسحاب من بعض المواقع في إدلب قبل نهاية شباط (فبراير)، وهدد باللجوء إلى القوة في حال لم يتم ذلك.
وقالت تركيا الخميس إنّها ردّت على الضربة التي أسفرت عن مقتل عسكرييها، باستهداف مواقع للنظام. وأكدت تحييد نحو 50 جندياً سورياً وتدمير دبابات، في حصيلة لم يكن بالإمكان التأكد منها فوراً وبصورة مستقلة.
مفاوضات غير مثمرة
وتخضع إدلب لمقتضيات اتفاق لـ «خفض تصعيد» جرى التوصل إليه سابقاً بين أنقرة وموسكو، ولكنّه تحوّل إلى اتفاق نظري اثر التطورات الأخيرة.
وفي كانون الأول (ديسمبر)، أطلق النظام السوري مدعوماً بالطيران الروسي، هجوماً واسعاً لاستعادة آخر معقل للفصائل المعارضة والجهادية، وحقق عدداً من المكتسبات في الأسابيع الأخيرة.
وسارعت تركيا في الأيام الأخيرة لإرسال تعزيزات عسكرية، ولكنّها لم تكن كافية حتى الآن لردع النظام من مواصلة عمليته.
ولم تسفر مفاوضات بين مسؤولين أتراك وروس في الأيام الأخيرة عن خفض التوتر.
وأعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو الخميس «ثمة تقارب طفيف (بالمواقف) خلال المفاوضات الأخيرة. رغم ذلك، لم نحصل بعد على ما نريده».
وتخشى تركيا أن تؤدي التطورات في هذه المنطقة الحدودية إلى تدفق موجة جديدة من اللاجئين نحو أراضيها. وهي تستقبل حالياً 3،6 ملايين سوري.
ويتواصل تدهور الوضع الإنساني في محافظة إدلب منذ بدء هجوم النظام السوري في شمال-غرب البلاد.
«أسوأ الأزمات إنسانية»
وقتل أكثر من 400 مدني، بينهم 112 طفلاً، منذ بدء النظام هجومه، بحسب المرصد السوري.
ومن جانبها، تشير الأمم المتحدة إلى انّ نحو 900 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، فروا من أعمال العنف في شمال-غرب سوريا منذ كانون الأول (ديسمبر).
واضافت الامم المتحدة الخميس أن 170 ألفاً منهم يقيمون في العراء رغم البرد القارس.
وإزاء هذا الوضع، حثت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الخميس تركيا والدول المجاورة لسوريا على استقبال مزيد من اللاجئين.
ودعت المفوضية إلى إتاحة الفرصة «للأشخاص الأكثر عرضةً للخطر بالوصول إلى بر الأمان».
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى وصوله الخميس إلى بروكسل حيث يشارك في قمة أوروبية، «منذ اسابيع عدة، (ما يحصل هو) احدى اسوأ الازمات الانسانية» في محافظة ادلب.
واضاف «اريد ان ادين بأشد العبارات الهجمات العسكرية التي يشنها نظام بشار الاسد منذ اسابيع عدة على السكان المدنيين في ادلب».
صواريخ باتريوت
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي اكار الخميس إن الولايات المتحدة قد ترسل صواريخ باتريوت إلى بلاده بعد مقتل جنود أتراك. واضاف لشبكة سي ان ان التركية «هناك تهديدات بضربات جوية وصواريخ تستهدف بلدنا (…) قد يكون هناك دعم من الباتريوت» الا انه استبعد أي مساندة برية من القوات الأميركية.
وأجريت المقابلة الخميس قبل إعلان أنقرة مقتل جنديين تركيين في إدلب في غارة جوية نسبت إلى قوات النظام السوري.
ومنذ شباط (فبراير) قُتل في إدلب 16 عسكرياً تركياً.
وتثير المواجهات التي تزايدت في الآونة الأخيرة بين أنقرة ودمشق انقسامات تتزايد حدّتها بين تركيا، الداعمة لفصائل معارضة في إدلب، وروسيا الداعمة للنظام السوري.
وأكد وزير الدفاع التركي في المقابلة مع محطة «سي إن إن» التركية، أن أنقرة لا تسعى إلى «مواجهة» مع روسيا.
وقال اكار «لا نية لدينا لخوض مواجهة مع روسيا»، مضيفاً أن المحادثات ستستمر مع المسؤولين الروس.
وأوضح اكار أن إدارة المجال الجوي لإدلب هو أحد الملفات المطروحة للبحث والتي تطالب تركيا بعدم تدخل روسيا فيها.
وفي شباط (فبراير) الحالي عقدت جولتا تفاوض بين روسيا وتركيا لم تفضيا إلى اتفاق فعلي.
ولن يكون سهلاً على أنقرة إقناع واشنطن بتسليمها صواريخ باتريوت لأن تركيا كانت قد اشترت منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية اس 400 على الرغم من اعتراض الأميركيين.
وقال أكار أن صواريخ اس 400 «ستفعّل… لا يشكّنّ أحد في ذلك»، مضيفاً أن تركيا، وعلى الرغم من ذلك، لا تزال تسعى إلى شراء صواريخ باتريوت، التي تعتبر النسخة الأميركية من صواريخ اس 400.
ا ف ب