تشكيل

باشكو تمجد الطبيعة في «قلب الليل وضوء النهار»

انه حقاً تمجيد للطبيعة بالرسم الذي تقدمه الفنانة التشكيلية البولونية ملغورتزاتا باشكو في معرضها «قلب الليل وضوء النهار» الذي يضم اخر اعمالها ويستمر الى 18 ايار (مايو)  في غاليري اليس مغبغب الاشرفية،  بيروت.

لوحات ملغورتزاتا باشكو الجديدة الـ 15 بالاكريليك والاصبغة الاصلية  على القماش بقياسات مختلفة – وخصوصاً المشاهد  الليلية منها –  تجسد اختراقاً للفنانة في قلب الليل والاجواء الضبابية الليلية التي تتخللها اضاءة سحرية فتبدو وكأنها تغني للطبيعة همساً بصوت خافت شاعري حنون في سكون الليل، بينما تبدو اللوحات النهارية مجنونة واغصان الاشجار ترقص مع الرياح.

صوب التجريد
مما لا شك فيه ان باشكو طورت براعتها الفنية الراقية في سر محترفها باتقان كما توضح صاحبة الغاليري اليس مغبغب التي تنظم معارض لباشكو في بيروت منذ العام 2003 لدرجة ان لوحاتها تترك انطباعاً لدى الناظر انها تمتص الالوان لتظهر شفافيتها وانسيابها واشراقتها اكثر.
في الواقع ان المتابع لمسيرة ملغورتزاتا باشكو سرعان ما سيلاحظ التغيير في لوحاتها الجديدة المعروضة، وبدا واضحاً ان الفنانة تتجه اكثر فاكثر صوب التجريد، فما نراه لم يعد يشبه الواقع: صحيح انه بقي منظراً طبيعياً لكن الخطوط الافقية اختفت وكذلك نقاط الارتكاز وصارت المشاهد يلفها نوع من الغموض او السحر المحبب الجذاب للمشاهد.
واذا ما امعنا النظر في اللوحات الليلية مثل لوحات «منتصف الليل» او «المدينة في الليل» نرى كأن هناك امراً مستجداً بدأ يطرأ على فن باشكو، شيء ما بدأ يظهر مثل الرؤية التي لم تتضح تماماً بعد لكنها صارت وشيكة لعله ربما تعبير عن الحياة.
اما من ناحية المعالجة، فتذهلنا الفنانة باشتغالها لتكون الخلفية عنكبوتية الشكل قبل ان ترسم عليها، فاذا نظرنا مثلاً الى لوحة باقة الزهور تلفتنا القماشة الخلفية قبل الزهور التي تطالعنا في وسطها وتضفي عليها المزيد من الجمال.
في معرضها السابق رسمت انعكاسات ضوء الشمس وخيالات الاشجار والسماء على مياه البحيرات بشفافية نادرة وباحساس مرهف واخذتنا الى الطرقات الجبلية الطويلة والمختصرة وتداخلت فيها المسافات والمرتفعات الشاهقة والمنخفضة الا انها اليوم تأخذنا اكثر الى دواخلنا وتطلق مخيلتنا. اللون عندها يبدو مثل بقع موزعة منتشرة في الفضاء وفق درجات لونية لامتناهية. والملاحظ ان لوحاتها دائماً مشبعة بالرطوبة تعطي المشاهد انطباعاً بأن الالوان تتحرك، ترتجف، تتنفس وتخترق.

احاسيس تزهر
لا بد ان الفنانة مصممة على ان تنقل الينا انبهارها الشخصي بالمشاهد الطبيعية التي نقلتها، والتي لم تزل تأسرها، لتجعلنا نحوم بدورنا كالفراشات فوق الضوء من دون ان نخضع له، بل لنخزنه في دواخلنا، فيضيء لنا عند الحاجة. على اي حال تخبر الرسامة ان كل نزهة تقوم بها تعتبرها فرصة جديدة لتعود منها بصيد مثمر من الصور الفوتوغرافية لمشاهد تفاعلت معها، فتعود الى محترفها بفيض من الاحاسيس تجعلها تنبت وتزهر على طريقتها في اعمالها.
قبل 27 عاماً كانت ملغورتزاتا باشكو ترسم في غرفة صغيرة في محترفها الباريسي. وكان الرسم وحده المهم بالنسبة اليها، ولم تكن تهتم الا بالشكل، اليوم باتت تعيش في قلب الطبيعة في غرب فرنسا، لان الماء والضوء صارا من الضروريات الاساسية للعيش بالنسبة اليها، فاستبدلت الرسم بالقلم او الخط باللون والورق بالقماش.
وفي مكان اقامتها الملهم لطالما احبت باشكو الرؤية عن بعد، اذ كانت مغرمة باعتلاء السلالم بغية النظر الى الاشجار عن ارتفاع 10 او 20 او 30 متراً عبر نافذة او باب. مغامرة النظر بالنسبة الى الفنانة كانت تتعلق بالمسافة والمشاهد الطبيعية في لوحاتها. نراها عن بعد فنشعر ربما حين نتأملها بضرورة التراجع، وهذا الحوار المشوق بين خفة الظلال ونقاء الضوء يقترح علينا عمقاً شاعرياً جميلاً، حيث تتداخل الظلال والاضواء وتتبادل الادوار بين اشكال وخلفيات بتناغم وتكامل مما يعيد الى اذهاننا اسلوب تيتيان وبونار.
واللافت ان المشاهد التي تنقلها باشكو في معرضها غير بعيدة عن منزلها، بل ان معظمها تمثل مواقع قريبة محاطة بالينابيع وجداول المياه لدرجة نشعر معها ان لوحاتها المشبعة بالرطوبة تشبه الاراضي المحيطة بمنزلها وهي مروية جيداً.

من هي؟
ملغورتزاتا باشكو مولودة سنة 1956 في فرصوفيا (بولونيا)، تعيش وتعمل في فرنسا. سنة 1975 دخلت مدرسة الفنون الجميلة في فرصوفيا في محترف جسك سينيكي وبعد سنة استقرت في باريس لتدرس الرسم في مدرسة الفنون الجميلة في باريس في محترف جان برتول حيث نالت ديبلومها بدرجة تقدير. سنة 1978 انتسبت الى محترف الحفر عند برتران دورني وحصلت على منحة من المؤسسة الفرنسية، بعدها حصلت على العديد من الجوائز مثل صالون مونروج في فرنسا، وفيللا مرسيز في روما، وجائزة لا كوريار عن محفوراتها في باريس، وجائزة مارتين وجائزة ميشلان عن لوحاتها في باريس.
كل رسوماتها ولوحاتها ومحفوراتها عرضت في بلدان كثيرة في اوروبا، الى ان خصصت لها غاليري اليس مغبغب في بيروت في ربيع 2003 اول معرض لها، تبعته سلسلة من المعارض في الاعوام التي تلت في الغاليري عينها في الاعوام 2005، 2007، 2009 و2013.
اعمالها موجودة ضمن مجموعات حكومية مختلفة في اوروبا، مثل الصندوق الوطني للفن المعاصر في مدينة دوديلنج في لوكسمبورغ، مكتبة جامعة تورن في بولونيا، الغاليري الوطنية في سرييغو، وفي متحف بيكاسو في آنتيب.
لها اكثر من 30 معرضاً فردياً في لبنان، بروكسل، بلجيكا، فرنسا، المانيا، اللوكسمبورغ، موناكو، سردينيا، روما وبولونيا.

كوثر حنبوري

 

فن الغرافيك في الجامعة الأميركية في بيروت
لمناسبة مرور عشرين عاماً على تأسيسه، دعا برنامج تصميم الغرافيك في قسم العمارة والتصميم في الجامعة الأميركية في بيروت إلى اقامة معرض يبدأ في 17 نيسان (ابريل) الجاري ويستمر الى 6 ايار (مايو) في صالة بنك بيبلوس للفنون في الجامعة، في الطبقة الأرضية من مبنى أدا دودج هول ، وذلك بحضور دانيال هوف ودتلف فيدلر من ألمانيا، وكاترين ماك كوي من الولايات المتحدة.
والمعروف أن هوف وفيدلر أسّسا في العام 1992في ألمانيا استوديو سايان الذي يختص بامتياز بتكوين الهويّات البصرية للمؤسسات الثقافية والعامة.
أما كاثرين ماك كوي فتشتهر بمنجزاتها كرئيسة مشاركة لبرنامج التصميم في أكاديمية كرانبروك للفنون.

ك. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق