دوليات

شبح شركة «روسنفت» العملاقة يخيم على الإعلام الروسي المستقل

يخيم شبح شركة النفط الروسية العملاقة «روسنفت» التي يديرها صديق لفلاديمير بوتين، على وسائل إعلام روسية معروفة عدة، نجحت في الاحتفاظ باستقلاليتها حتى الآن رغم الإحكام المتزايد منذ 20 عاماً لقبضة الدولة على الإعلام.
وفي آذار (مارس)، أعلن دميان كودريافتسيف مالك أبرز صحيفة اقتصادية روسية، «فيدوموستي»، عن مشروع لبيعها. وبات الجمعة مدير وكالة أنباء غير معروفة باسم «فيديرال برس» مالكها الجديد.
وفي أعقاب إعلان آذار (مارس)، وحتى قبل إنهاء عملية البيع، عين أندريه شماروف مدير تحرير جديد للصحيفة.
ومذّاك، يندد الصحافيون العاملون بها بازدياد الرقابة والمنع على المواضيع التي ينوون نشرها، كموضوع حول بقاء السلطة بيد فلاديمير بوتين أو حول انخفاض شعبيته وفق مركز «ليفادا» للاحصاءات، وأيضاً على مقالات ذات صلة بشركة «روسنفت».
وسرعان ما أدركت هيئة تحرير صحيفة حقيقة ما يحصل: «روسنفت» بصدد وضع اليد على الصحيفة.
وفي أيار (مايو)، كشف تحقيق أعدته «فيدوموستي» و«ميدوزا» و«فوربز روسيا» و«ذي بل» أن «روسنفت» باتت «تسيطر» بحكم الأمر الواقع على تلك الصحيفة الاقتصادية، وتمكنت من اختيار مدرائها الجدد، لأن مالكها السابق كان يملك ديناً لمصرف «ارار بي دي» الذي تملكه «روسنفت».
لكن كودريافتسيف نفى تلك الادعاءات، ولم تعلق عليها «روسنفت».
من جهته، يؤكد ماكسيم ترودوليبوف، أحد الأعضاء المؤسسين عام 1999 للصحيفة والمحرر الفخري فيها، أنه مقتنع بصحة تلك الادعاءات، مشيراً إلى أن مدير التحرير الجديد «اختير ليدير الصحيفة بشكل يصب في مصالح مالكها الجديد» ومن أجل «إسكات فودوموستي».
ويضيف أن مدير «روسنفت» النافذ إيغور سيتشين «هو بمثابة قاتل مأجور. يلعب لعبة معقدة للإمساك بالسلطة من أجل بناء امبراطوريته».
وفي أيار (مايو)، وجدت صحيفة «ار بي كي» وهي صحيفة اقتصادية أخرى معروفة، نفسها على المحك بعد شكوى قضائية وجهتها بحقها «روسنفت» على خلفية مقال حول الأصول الفنزويلية للمجموعة. وتطلب «روسنفت» تعويضاً لا يقل عن 43 مليار روبل (550 مليون يورو) من الصحيفة.
وقال رئيس تحريرها بيتر كاناييف لفرانس برس «دعوى روسنفت مفاجئة. نشرنا مقالاً يستند إلى معلومات عامة لسنا نحن مصدرها. أر بي كي، وكونها صحيفة اقتصادية مستقلة، لا تخدم مصالح الأشخاص، بل فقط مصالح قرائها».
وفي حال خسرت الصحيفة المعركة القضائية، قد تجد نفسها في موقف صعب مالياً.

ازدهار الإعلام الإلكتروني

منذ 20 عاماً، ومع وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة، باتت قنوات التلفزيون الوطنية كافة، وعدد من الإذاعات والصحف، بيد مقربين من الكرملين، أو أغلقت.
في انعكاس لهذه الاستراتيجية الطويلة الأمد، امتلك الفرع الإعلامي من عملاق الغاز «غازبروم» في عام 2001 قناة «إن تي في» التلفزيونية التي كانت تعد رمزاً لحرية التعبير في التسعينيات.
أما فودوموستي التي شاركت في تأسيسها وامتلاكها «فايننشل تايمز» و«وول ستريت جورنال» وشركة «الإعلام المستقل» التابعة لرجل الأعمال الهولندي درك سوير عام 1999، فقد رافقت عهد بوتين منذ بدايته.
وشهدت الصحيفة على دخول روسيا في النظام الرأسمالي، مع بدء صعود شركات خاصة من رماد أزمة عام 1998 الاقتصادية. ومذّاك عرفت بتغطيتها غير المسيسة ولكن الدقيقة للاقتصاد الروسي.
وتغير مالكوها مرات عدة مع فرض مزيد من القيود على إمكانية امتلاك أجانب لوسائل إعلام روسية.
وفي حين أن وسائل الإعلام التقليدية المستقلة باتت قليلة، ومهددة، فإنّ الوضع مختلف بالنسبة الى الصحافة الإلكترونية.
ومن قناة «دوجد» التلفزيونية، إلى مواقع «ميدوزا» و«ذي بل» الإلكترونية، مروراً بمشاريع عدة على موقع «يوتيوب» مثل قناة المعارض أليكسي نافالني الإلكترونية، تتنوع المشاريع الإعلامية على الانترنت في السنوات الأخيرة، وجمهورها إلى تزايد.
ويقول مكسيم ترودوليوبوف إن «وسائل الإعلام الروسية المستقلة لا تزال تعمل، تحقق نجاحاً أكثر مما فعلت منذ وقت طويل! مشاريع جديدة تخرج، هذا أمر واعد».

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق