المطارنة الموارنة: زمننا المر يتطلب ذهنية أخرى في المقاربات للحلول
عقد المطارنة الموارنة اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، ومشاركة الآباء العامين للرهبانيات المارونية. وتدارسوا شؤوناً كنسية ووطنية. وفي ختام الاجتماع أصدروا بياناً تلاه النائب البطريركي المطران انطوان عوكر جاء فيه:
1- يثني الآباء على ما رشح عن البيان الوزاري من استعدادات الحكومة لالتزام مطالب اللبنانيين واللبنانيات التي عبروا عنها تكراراً، كما المطالب الوطنية المسؤولة المتعلقة باحترام قرارات مؤتمر سيدر وتوصياته وشروطه، وبمجمل التدابير الإصلاحية بدءاً بالقضاء والمال والاقتصاد والأحوال المعيشية. ويطالبون الحكومة بوضع تنفيذ البنود الإصلاحية في أولوياتها، ولا سيما في ما يتعلق بالسياسة المالية واستقلالية القضاء. ويؤكدون أن الكنيسة واضعة في أولويات خدمتها الاجتماعية التخفيف عن كاهل المواطنين. وإنهم إذ يقدرون عمل المؤسسات الكنسية والأبرشيات والرهبانيات في بذل الجهود الكبيرة لمساعدة الشعب، يطلبون منها أن تضاعف التضحيات في هذا المجال.
2– الكل يعلم أن لبنان يجتاز اليوم أوضاعاً استثنائية خطيرة للغاية، باتت تدق أبواب مصيره بالذات، ومآل المبادىء والقيم التي أرسي عليها ميثاقه الوطني وعيشه المشترك وصيغة حكمه. ما يستلزم أن يتقيد العمل الوطني والسياسي بوجوب التضامن الشامل والجامع من أجل الإنقاذ. فسياسة المصالح والمحاصصة لا تؤدي إلا الى استنزاف مقدرات الوطن. لذا يناشد الآباء أهل السياسة والاقتصاد والفكر والصحافة والإعلام والقانون وضع حد نهائي للخطاب النزاعي العنفي في ما بينهم، فهو يزيد الأحوال العامة اضطراباً وشعبنا قلقاً. ويطلبون منهم الإسهام قولاً وفعلاً في إنهاض لبنان من عثاره. إن زمننا المر هذا يتطلب ذهنية أخرى في المقاربات للحلول الممكنة والناجعة، بحيث يشعر اللبنانيون واللبنانيات بأن بلادهم سائرة نحو التعافي.
3- يتابع الآباء ظاهرة الدعاوى التي يرفعها الحراك المدني أمام المحاكم اللبنانية المختصة من أجل استرداد الأموال المنهوبة ووضع حد للفساد الذي استشرى طيلة عقود. ويتوقعون مبادرة السلطة القضائية إلى حسن التعاطي مع هذا المسار من إحياء دولة القانون بجدية ومسؤولية وحزم. ويدعون أهل السياسة إلى عدم التدخل في الشأن القضائي، إفساحا في المجال لاستعادة الدولة ثقة المواطنين بها.
4- يستغرب الآباء المشروع المعروف بـ «صفقة القرن»، من أجل حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والنزاع المتمادي والمزمن في الشرق الأوسط. فما ورد فيه من نصوص فيه تتجاوز قرارات منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ولا تقيم وزنا لحقوق الفلسطينيين في الأرض والأمن والسلام، داخل دولة قابلة للحياة ولا لتوق شعوب الشرق الأوسط إلى سلام عادل وشامل وفق قرارات الشرعية الدولية. ويبدي الآباء خشيتهم من أن يؤدي هذا المشروع إلى المزيد من تفاقم الأوضاع الإقليمية، وازدياد مناخات مشجعة لتواصل عدم الاستقرار ولتأجيج التطرف على أنواعه وازدياد الإرهاب.
5- فيما تتهيأ الكنيسة المارونية للاحتفال بعيد شفيعها القديس مارون وللدخول في زمن الصوم الكبير، يرجو الآباء حلول البركة في البيوت والمؤسسات المسيحية. ويطلبون من أبنائهم وبناتهم ممارسة فريضة الصوم والتوبة والصلاة وأعمال المحبة. وهكذا يكتسب فعل الخلاص والفداء أبعاداً غنية وعميقة في العقول والقلوب، تحرِرها من عوائق الشر، وتشدها صوب ثمار الرجاء المسيحي القيامي الذي نستمد منه كل رجاء في هذه الدنيا.