10 قتلى مدنيين وقوات النظام تتقدم على طريق دولي في ادلب
قتل عشرة مدنيين في غارات جوية روسية استهدفت مدينة في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا حيث تواصل قوات النظام تقدمها على الأرض وتقترب تدريجياً من تحقيق هدفها باستعادة كامل طريق دولي استراتيجي.
يعيش في محافظة إدلب ومناطق محاذية لها ثلاثة ملايين شخص نصفهم تقريباً من النازحين، وهي تشهد منذ كانون الأول (ديسمبر) تصعيداً عسكرياً لقوات النظام وروسيا يتركز في ريف إدلب الجنوبي وحلب الغربي حيث يمر جزء من الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق.
ومن شأن استعادة السيطرة على هذا الطريق بالكامل أن تساهم في تحسين الاقتصاد السوري المتهالك.
وبعد أسابيع من القصف والمعارك، سيطرت قوات النظام الأربعاء على معرة النعمان، ثاني أكبر مدن محافظة إدلب، والواقعة على الطريق الدولي.
ولم تتوقف العملية العسكرية إذ تواصل الطائرات الحربية الروسية والسورية قصف ريف إدلب الجنوبي وحلب الغربي دعماً لقوات النظام على الأرض، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأسفرت غارات روسية، وفق المصدر نفسه، عن مقتل عشرة مدنيين في مدينة أريحا في جنوب إدلب، بينهم ثلاثة قتلوا في قصف طاول مستشفى الشامي في المدينة، ما أدى لخروجه عن الخدمة.
يأتي ذلك بعد ساعات على مقتل 11 مدنياً في قصف في جنوب إدلب، بينهم عشرة قتلوا في غارات «روسية»، بحسب المرصد، على قرية كفرلاتة.
وفي أريحا، شاهد مراسل لوكالة فرانس برس طبيباً يخرج صارخاً من المستشفى وقد ملأه الغبار الناتج عن الغارة. وانهارت جدران في المستشفى وتناثرت حجارتها إلى جانب معدات طبية وأدوية تضررت وسقطت أرضاً.
وإلى جانب المستشفى، شاهد المراسل ثلاثة مباني وقد دُمرت تماماً، فيما كان سكان يبحثون عن ضحايا تحت الأنقاض، وسط صراخ النساء والأطفال.
وفي مشفى بالقرب من أريحا، انهمك أطباء باسعاف الجرحى وبينهم أكثر من خمسة أطفال، وقد غرق أحدهم في البكاء اثناء تضميد جرح في رأسه، فيما وُضع آخر على جهاز أوكسيجين.
وروى توفيق سعدو، سائق سيارة اسعاف في مستشفى أريحا، لفرانس برس «كنت جالساً في إحدى الغرف، وإذا بغارة جوية تستهدف المستشفى، فسارعنا للخروج أنا وأحد الأطباء، لنفاجأ بغارة أخرى… أصيب الطبيب وتمكنت أنا من الهرب والاختباء في مبنى مجاور، وإذ بغارة ثالثة اندلعت إثرها الحرائق وارتمى المصابون أمام باب المشفى».
باتجاه سراقب
وتُكرر دمشق نيتها استعادة كامل منطقة إدلب وأجزاء محاذية لها في حماة وحلب واللاذقية. وتقع هذه المناطق بمعظمها تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة أقل نفوذاً.
وتسعى قوات النظام من خلال هجماتها الأخيرة في إدلب إلى استعادة تدريجياً الطريق الدولي «إم 5»، الذي يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق، ويعبر أبرز المدن السورية من حماة وحمص وصولاً إلى الحدود الجنوبية مع الأردن.
وفي إدلب، يمر الطريق الدولي من ثلاث مدن رئيسية، خان شيخون التي سيطرت عليها قوات النظام خلال صيف 2019، ومعرة النعمان، ثم مدينة سراقب شمالاً التي لا تزال خارجة عن سيطرتها.
ووضعت قوات النظام، وفق المرصد ومراقبين، مدينة سراقب نُصب أعينها. ولا تكمن أهمية سراقب بأنها تقع على الطريق «إم 5» فقط، بل بإنها نقطة التقاء لهذا الطريق مع الطريق الدولي الأخر «إم 4» والذي يربط محافظتي حلب وإدلب باللاذقية غرباً.
وتدور حالياً اشتباكات عنيفة جنوب سراقب، وقد باتت قوات النظام على بعد خمسة كيلومترات منها، وفق المرصد، الذي أشار أيضاً إلى استمرار المعارك غرب حلب، حيث حققت قوات النظام أيضاً تقدماً ملحوظاً.
ولا يزال هناك 50 كيلومتراً من الطريق الدولي خارج سيطرة دمشق، تعبر غالبيتها ريف حلب الغربي.
وخلال نحو أسبوع فقط، سيطرت قوات النظام على أكثر من 30 قرية وبلدة ومدينة في جنوب إدلب وغرب حلب.
«العالم تخلى عنهم»
وباتت سراقب اليوم أيضاً شبه خالية من السكان نتيجة حركة نزوح كبيرة خلال الأيام الماضية مع اقتراب التصعيد منها، وهي التي كانت ملجأ لنازحين فروا من منطقة معرة النعمان.
ودفع التصعيد منذ كانون الأول (ديسمبر) 388 ألف شخص إلى النزوح من المنطقة وخصوصاً معرة النعمان باتجاه مناطق أكثر أمناً شمالاً، وفق الأمم المتحدة. وبين هؤلاء 38 ألفاً فروا منذ منتصف كانون الثاني (يناير) من غرب حلب.
وقال وكيل أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك خلال كلمة أمام مجلس الأمن الدولي الأربعاء «ما لم تتوقف أعمال العنف حالياً، سنشهد على كارثة إنسانية أعظم»، مشيراً إلى أن سكان إدلب «يشعرون أن العالم كله تخلى عنهم».
ومنذ سيطرة الفصائل الجهادية والمقاتلة على كامل المحافظة في العام 2015، تصعد قوات النظام بدعم روسي قصفها للمحافظة أو تشن هجمات برية تحقق فيها تقدماً وتنتهي عادة بالتوصل الى اتفاقات هدنة ترعاها روسيا وتركيا، وكان آخرها اتفاق جرى الإعلان عنه في التاسع من الشهر الحالي لكنه لم يدم سوى أيام عدة.
وباتت هيئة تحرير الشام والفصائل تسيطر على 57 في المئة فقط من محافظة إدلب وأجزاء من المحافظات الثلاث المحاذية لها.
ا ف ب