مجلس الأمن على خط الازمة الليبية: لوقف سريع لاطلاق النار ووضع حد للحرب
دعا مجلس الأمن الدولي الثلاثاء طرفي النزاع في ليبيا للتوصّل «في أقرب وقت ممكن» لوقف لإطلاق النار يتيح إحياء العملية السياسية الرامية لوضع حدّ للحرب الدائرة في هذا البلد.
وقال المجلس في بيان صدر في ختام اجتماع حول نتائج قمة برلين التي عقدت الأحد حول ليبيا إنّ «أعضاء مجلس الأمن يحضّون الأطراف الليبية على المشاركة بشكل بنّاء في اللجنة العسكرية المسمّاة 5+5 من أجل إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن».
لجنة عسكرية
ومن المفترض أن تتشكّل هذه اللجنة العسكرية التي تمّ الاتفاق في قمة برلين على تشكيلها، في ما اعتبر أحد إنجازات القمة، من خمسة ضبّاط يمثّلون القوات الموالية للحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ومقرّها طرابلس وخمسة ضبّاط يمثّلون قوات المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا والذي تشنّ قواته منذ نيسان (أبريل) هجوماً للسيطرة على طرابلس.
ومهمّة هذه اللجنة المفترض أن تجتمع قريباً هي تحديد السبل والآليات الميدانية الرامية لتعزيز وقف الأعمال العدائية الساري بين الطرفين المتحاربين منذ 12 الجاري توصّلاً لإقرار هدنة بينهما.
وغرقت ليبيا في الفوضى منذ سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي في 2011.
وتتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان متنافستان: سلطة تمثّلها حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج ومقرّها في طرابلس وتعترف بها الأمم المتحدة، وسلطة موازية في الشرق يمثّلها حفتر.
ووافق كلّ من السراج وحفتر على المشاركة في مؤتمر برلين الذي عقد برعاية الأمم المتحدة، لكنّهما رفضا أن يلتقيا وجهاً لوجه، في انعكاس للهوة الكبيرة التي لا تزال قائمة بين المعسكرين.
وفي ختام المؤتمر الذي استمر بضع ساعات، تعهّدت الدول الرئيسية المعنية بالنزاع الليبي التزام حظر إرسال الأسلحة إلى ليبيا وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد.
وفي بيانهم رحّب أعضاء مجلس الأمن بنتائج مؤتمر برلين.
وأفاد دبلوماسيون في الأمم المتحدة أنّ مجلس الأمن سيبدأ في الأيام المقبلة مناقشة مشروع قرار بشأن ليبيا.
وقال أحد الدبلوماسيين إنّه خلال اجتماع مجلس الأمن، طالبت روسيا بشكل خاص بأن يركّز مشروع القرار هذا على نتائج قمة برلين من دون أن ينصّ في الوقت الراهن على آلية لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل.
«طريق طويل»
ومنذ بدأ حفتر هجومه العسكري على طرابلس في 4 نيسان (أبريل) لم يتمكّن مجلس الأمن من التوصّل إلى قرار يدعو إلى وقف لإطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية.
ويحظى حفتر بدعم من كلّ من روسيا والإمارات ومصر، بينما تدعم السراج كلّ من تركيا وقطر.
وفي نهاية اجتماع مجلس الأمن، أكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي قدم تقريراً عن اجتماع برلين ، أن هذه «مجرّد بداية».
وقال غوتيريش للصحافيين «نأمل أن تتمكّن (اللجنة العسكرية) من الاجتماع للمرة الأولى يوم الثلاثاء».
وأضاف «لا يزال الطريق طويلاً. لدينا هدنة. هدنة تعاني من انتهاكات ولكنها ليست انتهاكات كبيرة، هي انتهاكات موضعية حتى الآن».
وتابع الأمين العام للأمم المتحدة «نحن بحاجة للانتقال إلى وقف لإطلاق النار، ومن وقف إطلاق النار نحتاج للانتقال إلى عملية سياسية حقيقية، ونحن لسنا هناك بعد».
أفريقيا والنفط
من جهته أعرب سفير جنوب إفريقيا، جيري ماثيوز ماتجيلا عن أمله في إسناد دور أكبر لأفريقيا في العملية الدولية الجارية بشأن ليبيا، معتبراً أنّ القارة السمراء مهمّشة على هذا الصعيد.
وفي الواقع فإنّ دولاً أفريقية عدّة اشتكت في الأسابيع الأخيرة من عدم دعوتها للمشاركة في عملية برلين. وفي 2019، طلب الاتحاد الأفريقي توسيع مهمة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة بحيث يصبح في آن معاً ممثلاً للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، لكنّ الغرب رفض هذه الفكرة حتى الآن.
وأتى بيان مجلس الأمن بعيد ساعات من إعراب الولايات المتحدة عن «قلقها العميق» لإغلاق القوات الموالية لحفتر أبرز موانئ النفط في ليبيا مما أدّى لوقف أعمال المؤسسة الوطنية للنفط، ومطالبتها بـ «الاستئناف الفوري» لعمليات استخراج وتصدير النفط الليبي.
وقالت السفارة الأميركية في طرابلس في تغريدة على تويتر «نشعر بقلق عميق من أنّ إيقاف عمليات المؤسسة الوطنية للنفط قد يهدّد بتفاقم حالة الطوارئ الإنسانية في ليبيا ويتسبب بمزيد من المعاناة غير الضرورية للشعب الليبي»، مشدّدة على أنّ «عمليات المؤسسة الوطنية للنفط يجب أن تُستأنف على الفور».
وكانت قوات موالية لحفتر أوقفت السبت عمليات استخراج النفط وتصديره في أبرز موانئ النفط الواقعة في شرق البلاد وهي البريقة وراس لانوف والسدرة والحريقة والزويتينة.
وبرّر حفتر إغلاق الموانئ برفضه استخدام النفط «لتمويل الإرهاب»، في إشارة الى إرسال تركيا مقاتلين لمساندة حكومة الوفاق.
ويقول خبراء إن واشنطن تعارض بشدة وقف عمليات تصدير النفط الليبي لأنّه يؤدّي إلى ارتفاع أسعار الذهب الأسود.
ا ف ب