سياسة لبنانيةلبنانيات

انسحاب الحريري واجتماع مجلس الوزراء وصندوق النقد الدولي والورقة الكويتية حركت الساحة السياسية

بلبلة واسئلة بحاجة الى اجوبة غير متوفرة وغموض عنوان المرحلة المقبلة

فجر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قنبلته ومشى، تاركاً وراءه اسئلة كثيرة، الاجوبة عليها تنتظر الايام المقبلة والاسابيع حتى تتظهر الصورة. فرغم كل المحاولات التي قام بها اركان تيار المستقبل، والرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، اصر الحريري على موقفه واعلن تعليقه العمل السياسي، وعدم خوض الانتخابات التشريعية المقبلة، لا هو شخصياً ولا تياره، فسادت الساحة بلبلة وتخبطاً زاداها سواداً. قدم الكثير من التضحيات فلم يلق مثلها، وعندما بلغ القرف حده عنده قال كلمته ومشى.
تيار المستقبل غارق اليوم في الصدمة، ويحتاج الى وقت ليخرج منها، خصوصاً نواب هذا التيار، هل يترشحون باسمائهم خارج التيار، وما مدى حظوظهم في تأييد الانصار لهم؟ ثم ان غيابهم عن الساحة يوجه ضربة قاسية لها. لقد عرف الرئيس الحريري بانه قاد الاعتدال على مدى السنوات السبع عشرة التي عمل فيها بالسياسة، فما هو مصير هذا الاعتدال؟ ومن يملأ الفراغ الذي تركه الحريري وراءه؟ ويصبح السؤال اصعب اذا صدقت الشائعات واعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة، انسحابهما هما ايضاً من الحياة السياسية ومن الانتخابات، على غرار الرئيس تمام سلام الذي فتح باب العزوف عن الترشح للانتخابات، وتبعه الرئيس الحريري. الصورة قاتمة وتحتاج الى وقت لكي تظهر على حقيقتها.
في هذا الوقت كانت الحكومة التي غابت هي الاخرى عن الساحة على مدى ثلاثة اشهر بسبب التعطيل، تستعيد تحركها بعدما افرج معطلوها عنها. فعقدت جلسة اولى لمناقشة الموازنة العامة، واقرت مساعدات للقطاع العام، كان الرئيس ميقاتي قد اعلن عنها ولكنها كانت تنتظر مجلس الوزراء لتصبح نافذة. كما لبى المجلس بعض المطالب للمتعاقدين الذين لم يعرف بعد ان كانوا قبلوا بما حصلوا عليه، ام انهم سيستمرون في اضرابهم واعتصامهم. لقد حاول الوزراء الظهور بمظهر التضامن في محاولة لتبديد الاجواء التي ادت الى التعطيل فكيف ستكون العلاقة في الايام المقبلة؟ الرئيس ميقاتي وعد بالعمل الجاد والمكثف لتعويض ما فات.
كذلك عقدت جلسة بالزوم مع لجنة صندوق النقد الدولي، تم خلالها وضع جدول اعمال الجلسات المقبلة التي حددت لها مهلة اسبوعين. واذا احتاجت المناقشات لفترة اطول يمكن تمديد المهلة. ويأمل اللبنانيون بان تنجح هذه المفاوضات ويحصل لبنان على دعم الصندوق الذي يساعد على الخروج من الازمات الاقتصادية والمالية. مع العلم ان اطرافاً لبنانية ترقب بحذر التفاوض مع الصندوق وتحذر من الاستسلام الكلي لشروطه التي عادة ما تكون قاسية وتعجز الطبقة الفقيرة عن تلبيتها. فكيف بلبنان وقد تحول 85 بالمئة من اهله الى فقراء؟ من هنا فان الصعوبة تغلف المفاوضات مع الصندوق، مع العلم انه باب الامل الوحيد للخلاص من الانهيار.
يبقى امام المسؤولين اعداد الجواب على الورقة التي قدمها وزير خارجية الكويت والتي تتضمن الشروط الخليجية، المدعومة من فرنسا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة، لاعادة الثقة بلبنان. بالطبع سيكون الجواب جاهزاً وسيحمله وزير الخارجية عبدالله ابو حبيب الى الكويت يوم السبت المقبل، حيث سيعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً للبحث في اعتداءات الحوثيين على السعودية وابوظبي والتي ادانتها الامم المتحدة.
بالطبع ان الرد الذي سيحمله ابو حبيب لن يختلف عن التصريحات الرسمية التي تتغنى بافضل العلاقات مع الدول الخليجية. ولكن التصريح شيء والفعل شيء اخر. فهل ان المسؤولين الحاليين قادرون على تنفيذ بنود الورقة الكويتية؟ ان القرار الحاسم والجازم يحتاج الى سلطة قوية غير مرتهنة تعرف ان الكلمة الاخيرة هي لها، ولا يمكن لاي طرف التطاول عليها. فهل ان هذه الشروط متوفرة في السلطة الحالية؟ لننتظر ونر. ويجب ان يعرف المسؤولون ان الاجوبة الناعمة والكلام المعسول لم يعد ينطلي على دول الخليج وهي تريد افعالاً لا اقوالاً. فهل نحن قادرون على تلبية الشروط؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق