مؤتمر برلين: لجنة دولية لمراقبة وقف اطلاق النار في ليبيا
أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأحد في ختام مؤتمر برلين حول ليبيا، أن قادة الدول المشاركة في هذا اللقاء الرامي إلى إيجاد حل للنزاع المستمر منذ تسعة أشهر بين قوات المشير خليفة حفتر وحكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج، قد اتفقوا على احترام حظر إرسال الأسلحة وعلى عدم التدخل في النزاع.
التزم قادة أبرز الدول المعنية بالنزاع في ليبيا احترام حظر إرسال الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة في2011، وفق ما أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأحد في ختام مؤتمر برلين.
وقالت ميركل للصحافيين إثر المؤتمر «توافقنا على احترام هذا الحظر على الأسلحة وعلى مراقبة هذا الحظر في شكل أكثر حزماً من السابق».
ووافقت 11 دولة مشاركة في هذا المؤتمر الذي عقد برعاية الأمم المتحدة، بينها روسيا وتركيا، على أن لا «حل عسكرياً» للنزاع الذي يمزق ليبيا منذ 10 سنوات، وفق ما أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في ختام المحادثات.
ودعا قادة الدول في المؤتمر إلى وقف العمليات القتالية والتزام «وقف دائم لإطلاق النار» في هذا البلد. وأورد البيان الختامي للمؤتمر «ندعو جميع الأطراف المعنيين إلى مضاعفة جهودها من أجل وقف دائم للعمليات القتالية وخفض التصعيد ووقف دائم لإطلاق النار».
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن طرفي النزاع في ليبيا لم ينجحا في بدء «حوار جدي» خلال المؤتمر الدولي الذي عقد الأحد في برلين.
وقال لافروف للصحافيين في مطار برلين «كان المؤتمر مفيداً جداً (…) لكن من الواضح أننا لم ننجح حتى الآن في إطلاق حوار جدي ودائم» بين رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج والمشير خليفة حفتر.
لجنة دولية
وقال لافروف إن قمة برلين حول ليبيا اتفقت على تشكيل لجنة دولية لمراقبة وقف إطلاق النار.
وقال لافروف للصحفيين «الوثيقة تطالب بضرورة حل الأزمة الليبية بواسطة الليبيين أنفسهم بدون تدخل خارجي».
وأضاف «طرفا الصراع في ليبيا حققا تقدماً بسيطاً عن الاجتماع الذي جرى في موسكو في 13 يناير. اتفقا على أن يشارك كل طرف بخمسة ممثلين في لجنة عسكرية يتم تشكيلها بموجب مبادرة للأمم المتحدة».
ودخل وقف لإطلاق النار بين طرفي النزاع حيز التنفيذ في 12 كانون الثاني (يناير)، لكنه لا يزال هشاً.
وسيجري تنظيم لقاءات بين القادة العسكريين من طرفي النزاع لضمان احترام فعال ودائم لوقف العمليات القتالية، وستوجه دعوة «خلال الأيام المقبلة» في هذا الصدد، وفق ما أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
ودعا الأمين العام طرفي النزاع إلى تشكيل «لجنة عسكرية» مؤلفة من عشرة مسؤولين عسكريين، خمسة من كل طرف، من أجل تعزيز وقف إطلاق النار.
ووافق المجتمعون كذلك على «احترام» تام لحظر إرسال الأسلحة إلى ليبيا، و«سيخضع هذا الحظر لرقابة أقوى من ذي قبل»، وفق ما أوضحت ميركل خلال مؤتمر صحافي مشترك مع غوتيريش ومبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة.
وفرضت الأمم المتحدة هذا الحظر في 2011 لكنه بقي حبراً على ورق.
وقال غوتيريش من جهته «لقد شهدنا تصعيداً في النزاع وصل في الأيام الأخيرة إلى مستويات خطيرة»، مشيراً إلى «خطر تصعيد إقليمي فعلي».
وتناول المؤتمر كذلك التدخل الخارجي من أكثر من دولة أجنبية بشكل مباشر أو غير مباشر في النزاع.
وقال غوتيريش إن «جميع المشاركين التزموا عدم التدخل بعد اليوم في النزاع المسلح أو في الشؤون الداخلية لليبيا»، علماً بأن تركيا تساند حكومة السراج في طرابلس عسكرياً ويشتبه بأن روسيا تدعم حفتر رغم نفيها ذلك.
قوات تركية
وكانت تركيا قد ارسلت قوات إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في التصدي لهجوم حفتر. وقال مسؤول من الأمم المتحدة يوم السبت إن ما يصل إلى ألفي مقاتل تدعمهم تركيا، وخاضوا الصراع في سوريا، انضموا للمعركة في ليبيا.
ورغم تراجع الضربات الجوية والقتال خلال الأيام العشرة الماضية، قال سكان إنهم سمعوا تبادلاً كثيفاً لنيران المدفعية على بعض الخطوط الأمامية في طرابلس في وقت متأخر الأحد.
ولم تحكم ليبيا حكومة مركزية مستقرة منذ اطاحة معمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011. وتتنافس في ليبيا حكومتان إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب منذ أكثر من خمس سنوات وسيطرت جماعات مسلحة على الشوارع.
وحصل حفتر، أقوى رجل في شرق البلاد، على تأييد عدد من الحلفاء الأجانب لهجومه على العاصمة في الغرب. وأدى دعم تركيا لحكومة طرابلس إلى تحويل الصراع إلى حرب بالوكالة. وأدى الاقتتال على العاصمة إلى نزوح أكثر من 150 ألف شخص عن ديارهم.
إنتاج النفط سيهوى «خلال أيام»
وانسحب حفتر من قمة تركية روسية قبل أسبوع وصعّد القتال يوم الجمعة عندما أُغلقت موانئ النفط الشرقية. وقالت المؤسسة الوطنية للنفط إن الإغلاق كان بأوامر مباشرة من قوات حفتر.
وقالت المؤسسة الوطنية يوم الأحد إن حقلي الشرارة والفيل الرئيسيين بجنوب غرب البلاد أُغلقا بعدما أغلقت قوات تعمل تحت قيادة حفتر خط أنابيب.
وأضافت المؤسسة أن إغلاق الموانئ سيقلص إنتاج النفط الليبي إلى 72 ألف برميل يومياً من 1.2 مليون برميل خلال أيام قليلة فقط ما لم يُرفع الحظر.
وأي إغلاق دائم سيضر بشدة بطرابلس التي تعتمد حكومتها على إيرادات النفط لتمويل ميزانيتها.
وقال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة إنه قلق للغاية من إغلاق حقول النفط. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن السراج وحفتر اتفقا «بشكل عام» على حل حصار حقول النفط لكنه لم يقدم إطاراً زمنياً.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للصحفيين إنه جرى إحراز تقدم نحو التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في الحرب الدائرة في ليبيا معرباً عن أمله في إعادة فتح موانئ النفط كنتيجة للمحادثات.
وسعى شرق ليبيا تحت قيادة حفتر لتصدير النفط متجاوزاً مؤسسة النفط وذلك بهدف الفوز بنصيب أكبر من إيرادات الخام.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل اجتماعه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش مؤتمر برلين إن دعوة روسيا وتركيا لوقف إطلاق النار ساهمت في تقليص القتال منذ أسبوع.
وأضاف «لم نفقد الأمل في استمرار الحوار وحل الصراع».
وصف وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو القمة بأنها «نقطة انطلاق» من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار ووقف واردات السلاح التي تسارعت مع هجوم حفتر.
ولدى إيطاليا، القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا، اهتمام خاص بأمن ليبيا باعتبارها الوجهة الرئيسية لمئات الآلاف من المهاجرين الأفارقة الذين أرسلهم عبر البحر المتوسط مهربون يستغلون غياب القانون في ليبيا إلى أن حدث هبوط حاد في تدفقهم عام 2017.
لكن منذ حملة القصف التي نفذها حلف شمال الأطلسي وساعدت في اطاحة القذافي، أحجمت الدول الغربية عن القيام بدور حاسم في ليبيا مما سمح لروسيا وتركيا ودول عربية بالقيادة بوصفها قوى خارجية تتمتع بأكبر نفوذ.
وحضر بومبيو وزعماء عرب وأوروبيون القمة كذلك ونشرت قوات حفتر صوراً له أثناء اجتماعه مع ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون . وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة على تويتر إن الإمارات تدعم جهود مؤتمر برلين بشأن ليبيا الساعية للتوصل إلى «حل سياسي».
واجتمع كل من السراج وحفتر مع ميركل في مناسبتين مختلفتين. وبينما شوهد السراج وهو يعانق أردوغان شوهد ماكرون وحفتر وعلى وجه كل منهما ابتسامة عريضة في الصور عندما التقيا في ممر.
فرانس24/ أ ف ب/رويترز