سياسة لبنانية

«خريطة الطريق» الحريرية مهلة اخيرة امام القيادات المسيحية للاتفاق على مرشح رئاسي

اعتبرت كلمة الرئيس سعد الحريري التي القاها من مقر اقامته في جده في السعودية، خلال حفل افطار تيار المستقبل، عبر شاشات ضخمة في مجمع البيال وباقي المناطق «خريطة طريق» لحماية لبنان، وحددها الحريري بست محطات عبر الآلية الاتية:
1- انتخاب رئيس جديد للجمهورية وانهاء الفراغ في الرئاسة الاولى باعتباره اولوية تتقدم على اي مهمة وطنية اخرى.
2- تشكيل حكومة جديدة على صورة الحكومة الحالية تتولى مع الرئيس الجديد ادارة المرحلة ومواجهة الاستحقاقات الداهمة واجراء الانتخابات النيابية.
3- انسحاب حزب الله من الحرب السورية.
4- اعداد خطة وطنية شاملة لمواجهة الارهاب بكل اشكاله ومسمياته. ان مواجهة الارهاب مسؤولية وطنية تقع على كاهل الدولة وهي ليست مسؤولية جهة او طائفة بعينها.
5- التوافق على خطة طوارىء رسمية لمواجهة نزوح السوريين الى لبنان وتجنيد كل الطاقات الشقيقة والصديقة للحؤول دون اغراق لبنان في تداعيات الازمة السورية اجتماعياً وامنياً واقتصادياً.
6- اجراء الانتخابات النيابية في المواعيد التي يحددها القانون، وتجنب اي شكل من اشكال التمديد للمجلس النيابي، رافضاً ان تتقدم الانتخابات النيابية على الرئاسية التي هي المدخل للحل.

طرح يحتاج الى وفاق
ورفضت اوساط سياسية مراقبة اعتبار طرح الحريري مبادرة لكون المبادرات تستتبع عادة بحراك سياسي. ان طروحات الحريري وطنية لا خلاف حولها الا انها تحتاج الى وفاق سياسي، لان تطبيق النقاط الست الواردة في خريطة الطريق ليس بالامر السهل، بل انه امر معقد غير انه يمكن ان يشكل مساراً يفترض سلوكه للخروج من دوامة الازمة وفق الاولويات التي حددها الحريري، وهي تجسد ربط نزاع مع رئيس المجلس نبيه بري لجهة رفض التمديد للمجلس النيابي، كما تجسد ربط نزاع ايضاً مع حزب الله لجهة مطالبته بسحب مقاتليه من سوريا. ولم تر اوساط سياسية في 8 اذار جديداً في الطرح، الا انها توقفت باستغراب امام الحملة على حزب الله ودعوته للانسحاب من سوريا في الوقت الذي يقف بالمرصاد للتكفيريين والارهابيين المتواجدين على الجبهة الشرقية مع سوريا، لمنعهم من التمدد الى لبنان، وسط معلومات عن تمكن الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله من وضع يده على اكثر من نقطة استراتيجية، هي نقاط تجمع لمجموعات مسلحة كانت تنوي تنفيذ ما يعرف بعملية «ليلة القدر»، وامكن احباطها وفق ما تردد من معلومات امنية تم تسريبها ونشرها في وسائل الاعلام، لتنجو منطقة البقاع ومعها لبنان. واستغربت هذه الاوساط السياسية كلامه عن سوريا وعن الرئيس بشار الاسد بعد اعادة انتخابه، واعتبرت كلامه في غير سياقه وخارج الزمان والمكان. وقالت ان ما طرحه الحريري ليس خريطة طريق بل «خريطة عودة» من خلال دعوته الى تشكيل حكومة وحدة وطنية بالعناوين نفسها التي شكلت على اساسها حكومة تمام سلام، تتولى ادارة المرحلة ومواجهة الاستحقاقات واجراء الانتخابات النيابية. وسألت هذه الاوساط ماذا سيحصل اذا لم ينسحب حزب الله من سوريا كما طالب الحريري، والحزب مشارك في حكومة الوحدة الوطنية؟ وتشير هذه الاوساط الى ان الرئيس الحريري غمز من قناة عودته لترؤس حكومة الوحدة الوطنية مع حزب الله وفق صيغة اتفاق يتم التوصل اليه، اذا وافقت قوى 8 اذار على تبني خريطة الطريق التي اعلنها الحريري.
مقابل هذه الاراء لقوى 8 اذار ترى اوساط في14 اذار وتحديداً في تيار المستقبل ان خطاب الحريري لم يكن استفزازياً بل ترك الابواب مفتوحة ولم يوصدها في وجه اي فريق، حتى الذين انقطعت خطوط التواصل معهم. وتؤكد اوساط في تيار المستقبل ان «خريطة الطريق» عكست توجها لطي صفحة الالية التي اعتمدت لانجاز الاستحقاق الرئاسي منذ 25 ايار (مايو) حتى الان، بعدما تبين فشل هذه الالية وعقمها وضرورة فتح صفحة جديدة تحت عنوان ايجاد مرشح توافقي واقناع القادة المسيحيين بوجوب الانتقال الى مرحلة اللاعبين الكبار في الانتخابات لا المرشحين. وتزامن كلام الحريري مع المواقف التي اطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي اثناء رعايته القداس الالهي في عنايا، بمناسبة عيد مار شربل، بحضور الرئيس ميشال سليمان عندما قال: «ان عدم انتخاب رئيس جرح بليغ في كرامة الشعب، وان محبي الفراغ رفضوا الامنية بضرورة انتخاب رئيس. ولست ادري كم هوكريم في اعينهم وطن مبتور الرأس، وكم هي محترمة عندهم رئاسة الجمهورية؟ واعرب البطريرك عن امله في ان يتحرر نواب الامة ويتصالحوا مع انفسهم وينتخبوا رئيساً. وطلب شفاعة القديس شربل لكي يمس برحمته ضمائر النواب ويتحرروا من مصالحهم الصغيرة وينتخبوا رئيساً. واعتبرت هذه المواقف والانتقادات العالية النبرة والشديدة بوجه من يعرقل انتخاب الرئيس اعلاناً لبدء مرحلة جديدة، والبحث عن رئيس توافقي، بعدما فشل القادة في اخراج الاستحقاق من عنق الزجاجة.

محطة جديدة
ويعتبر المراقبون ان عدم اتفاق القيادات المسيحية على مرشح او اكثر وتأمين النصاب لجلسة الانتخاب قد يفتح الباب امام ولوج محطة جديدة، بدأت بشائرها من خلال تسريب اقتراح من باريس يقضي بانتخاب رئيس توافقي لمدة سنتين، على ان يتم انتخاب رئيس بعد هذه المهلة، وفي ضؤ نتائج التطورات في المنطقة. ورُفض الاقتراح على الفور من القيادات والمراجع المسيحية علماً ان الاقتراح قديم جديد عرض قبل سنة من انتهاء ولاية سليمان، عندما رفض الاخير التمديد سنتين، عندها اقترح الديبلوماسيون والوسطاء انتخاب العماد ميشال عون لسنتين في مقايضة بينه وبين الدكتور سمير جعجع، الا ان الاقتراح يومها سقط لرفض المراجع المسيحية الروحية والمدنية المس بولاية الرئيس، وهي ست سنوات.وتؤكد اوساط ديبلوماسية ان هناك انطلاقة جديدة في الخارج لانتخاب رئيس، وان عواصم خارجية باتت مقتنعة بمرشح توافقي رافضة مرشحاً حزبياً او فئوياً سواء من 14 او 8 اذار. وتوقعت اوساط سياسية ان يقدم جعجع استناداً الى طرح الحريري على اعلان مبادرة تقضي بتخلي المرشحين الثلاثة هو والعماد عون رغم انه لم يعلن ترشحه وهنري حلو عن ترشحهم  ووضعه بين يدي البطريرك ليتم البحث عن مرشح توافقي. وقد ابدى النائب وليد جنبلاط استعداده لسحب ترشيح حلو، مقابل الاتفاق على مرشح توافقي. وقد يحرك طرح الحريري الركود في  الساحة السياسية حول الاستحقاق الرئاسي، بعدما تبين ان الالية التي اعتمدت حتى الان للاستحقاق فشلت وعجز القادة عن تأمين وصول احدهم وبالتالي لا بد من  وضع الية جديدة من ضمن لبننة الاستحقاق في ظل عجز القيادات المسيحية عن توحيد الموقف حول مرشح للرئاسة وسط انقسام حاد في ما بينهم مما قد يدعو قيادات لبنانية شريكة في الوطن وفي المسؤولية الى البحث عن مخارج بالاتفاق مع بكركي بعد التشديد على ان الاولوية لانتخاب الرئيس لئلا يعتاد لبنان على الفراغ الرئاسي بعدما اقترح البعض اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، على اعتبار انها المدخل للحل.ويقول نائب في تيار المستقبل ان ما قاله الرئيس الحريري ينطوي على مسار طويل لانقاذ الوطن وعلى محطات، ويشدد الحريري في كلمته على الثوابت والمسلمات ويكرس الاعتدال السني في وجه التطرف والتمسك بالطائف صيغة للنظام قائمة على المناصفة من دون عد وقد تعتمد هذه الصيغة في دول المنطقة كصيغة حل لازمات هذه الدول.

فيليب ابي عقل  

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق