باحثة عمانية تصمم نظاماً دوائياً ذكياً بالاستفادة من أحدث تقنيات النانو الدوائية
أكدت التجارب العلمية للدراسة البحثية حول «تطوير واختبار حركة الديناميكا الدوائية لمستحضرات ذكية مبنية على تقنية النانو الدوائية» التي أجرتها الباحثة الرئيسة الدكتورة حنان بنت مصطفى اللواتية من كلية عمان للعلوم الصحية بوزارة الصحة على كفاءة هذا النظام في إيصال الدواء وقدرته في معالجة الأمراض مع تجنب الأعضاء السليمة وخصوصاً في القلب والكلى مما يعزز في إمكانية تقليل الآثار الجانبية المرتبطة بهذه الأعضاء، وتضمنت الأبحاث في المرحلة الثانية من المشروع إجراء تجارب لاختبار الحركة والانتشار للأدوية من خلال علم حركيات الدواء (pharmacokinetics ) باستخدام أساليب وتقنيات تحليلية متقدمة والتصوير الضوئي بالأشعة تحت الحمراء القريبة.
وقالت اللواتية : إن الدراسة تهدف إلى تحسين عمل وخصائص الأدوية والحد من آثارها السلبية من خلال استعمال تقنيات النانو تكنولوجي الدوائية للتحكم بانتشار الدواء داخل الجسم وضمان تركز عناصره النشطة داخل الخلايا المصابة دون الإضرار بالخلايا السليمة، حيث أظهرت تقنية النانو في عالم الطب تقدما ملحوظا في تصميم طرق توصيل أدوية موجهة يمكنها تحسين توزيع الدواء داخل الجسم، لهذا ارتأيت في هذا العمل والذي هو جزء من أبحاثي لرسالة الدكتوراه على تصميم نظام دوائي ذكي نعتمد فيه على استعمال أحدث تقنيات النانو الدوائية والتي تعرف باسم المايسلز البوليمرية (polymeric micelles) وهذا النظام لديه القدرة على تحسين انتشار الدواء في الجسم وضمان فعالية الدواء في السيطرة على أمراض كالالتهابات وأمراض السرطان وغيرها بدون الآثار الجانبية المصاحبة.
وعن التحديات التي تواجه المجال الطبي، أشارت إلى إن التحديات كثيرة وأبرزها تحديد طرق إيصال الدواء داخل الجسم والقدرة على توجيه العقاقير فقط إلى الأعضاء والأنسجة التي تحتاج إلى عمل الدواء، وأضافت: من خلال عملي كرئيسة لقسم الصيدلة والمخازن الطبية في مستشفى النهضة سابقا وكصيدلانية إكلينيكية ومن خلال مساهمتي اليومية في رعاية المرضى وتقديم المشورة الدوائية للطاقم الطبي واجهت العديد من الصعوبات والتساؤلات المتعلقة بالطرق التقليدية لإيصال الدواء، حيث إن الأدوية المتوفرة حاليا تميل إلى توزيع المكونات الطبية الفعالة بالجسم بأكمله وليس فقط إلى الأعضاء والأنسجة التي تحتاج إلى عمل الدواء كالخلايا السرطانية وغيرها وبالتالي يؤدي هذا الانتشار إلى ظهور آثار جانبية خطرة كأمراض القلب والأوعية الدموية بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
نتائج المشروع
وأوضحت الدكتورة حنان اللواتية أن نتائج هذا المشروع جاءت مبشرة للغاية وأعطتنا أول بادرة ودليلا علميا على أن الطرق الحديثة لإيصال الدواء باستعمال تقنية النانو قد تساعد على تجنب أمراض القلب والأوعية الدموية للمرضى المحتاجين لاستعمال هذه الأدوية، إذ لاقى هذا العمل قبولاً واسعا في الوسط الأكاديمي والعلمي وساهم في حصد العديد من الجوائز لتمويل البحوث من كندا مثل جائزة الدراسات العليا لمايك ولويك، وجائزة الدراسات العليا للدكتور ليونارد ويب، وجائزة الخريجين (alumni ) للدراسات العليا للدكتوراه في الصيدلة وجائزة الدكتور رونالد ميتي تش التذكارية للدراسات العليا وجائزة شو بردرغ مارت للدراسات العليا، وأيضاً على جائزة سفراء عمان لفئة الأعمال الأكاديمية لفئة الدكتوراه لعام 2019 من السلطنة كما توجنا مؤخراً بالجائزة الوطنية للبحث العلمي بمجلس البحث العلمي لعام 2019.
وحول تفاصيل المشروع قالت «قمنا بتقسيم العمل إلى ثلاث مراحل بحثية: في المرحلة الأولى من المشروع تم تصميم وتطوير نظام دوائي مثالي باستعمال أحدث تقنيات النانو وحرصنا على استعمال مواد مرخصة من جهات مختصة مثل منظمات (FDA, Health Canada, EMA) كما قمنا بالعديد من التجارب لضمان الحصول على الصيغة المثلى بالخصائص المطلوبة . وفي المرحلة الثانية قمنا بإجراء تجارب لاختبار الحركة وانتشار الأدوية من خلال استخدام أساليب وتقنيات تحليلية متقدمة والتصوير الضوئي بالأشعة تحت الحمراء القريبة، وقد أثبتت التجارب كفاءة هذا النظام في إيصال الدواء وقدرته في معالجة الأمراض مع تجنب الأعضاء السليمة وخصوصاً في القلب والكلى مما يعزز في إمكانية تقليل الآثار الجانبية المرتبطة بهذه الأعضاء». وأضافت انه «في المرحلة الثالثة قمنا بإجراء تحاليل خاصة عالية الدقة (selective and specific) لمجموعة من الأحماض الدهنية المعروفة باسم (eicosanoids ) والتي تنتج من حمض الأراكيدونيك في القلب وبلازما الدم والكلى والتي تعرف بدورها في التحكم بأمراض القلب والأوعية الدموية، هذه التجارب الإكلينيكية أثبتت فعالية نظام النانو في المحافظة على التوازن في حمض الأراكيدونيك ومستويات مشتقاته والتي تعرف باسم (20-HETE,EETs)».
الخطوة المقبلة
وحول الخطوات المستقبلية للمشروع تقول اللواتية انه من المتوقع أن هذا البحث سوف ينتج عنه المزيد من الأبحاث العلمية المرتبطة بتقنية نظام النانو الدوائي وهذا قد يفتح أبوابا جديدة لاستخدام هذا النظام مع جرعات أكبر من الأدوية في العديد من المجالات مثل الوقاية الكيماوية من السرطان والعلاج من السرطان وكذلك للأمراض العصبية مثل مرض الزهايمر وغيرها.
ويتكون أعضاء الفريق إضافة إلى الباحثة الرئيسة بالمشروع الدكتور فخر الدين جمالي الذي يشغل منصب أستاذ دكتور في الصيدلة والعلوم الدوائية بجامعة البرتا بكندا والأستاذة الدكتورة افسانا لافازانيفار والدكتور محمد فكيلي وسرور احمد.
وأشارت الدكتورة حنان إلى مشاركتها في الملتقى السادس للباحثين الذي ينظمه مجلس البحث العلمي بشكل سنوي قائلة: استفدت كثيرا من المشاركة في هذا الملتقى حيث إنه أعطاني فرصة للتعرف على العديد من الباحثين في السلطنة من العاملين في مجالات مشابهة لعملي وهذا منحني فرصة مناقشة عملي والحصول على آراء وأفكار مثرية من زوايا متعددة من باحثين متخصصين وأيضا منحني فرصة للاستماع إلى آخر المستجدات من الأبحاث في العديد من المجالات الأخرى والتي تهم السلطنة.