سياسة لبنانيةلبنانيات

الممانعة والمعارضة اعتبرتا انهما انتصرتا والحقيقة ان الكل خاسرون وخصوصاً لبنان والمواطنين

الكتل النيابية تنصرف الى تقويم النتائج فهل يقتنع الجميع بان لا بديل عن الحوار والانقاذ؟

انتهت الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية على غرار ما انتهت اليه سابقتها. انتخاب، فتعطيل، فاقفال للجلسة. الا ان الوضع هذه المرة اختلف في بعض جوانبه، اذ انه حدد حجم كل فريق. وجاءت النتيجة 59 لجهاد ازعور و51 لسليمان فرنجية. وتقول المعارضة ان النتيجة الحقيقية هي 60 مقابل 51، لان الصوت المخفي كان لازعور، وبما ان الرقم 60 له فعله النفسي والمعنوي، فضل الذي تولى اخفاءه سحبه من بين الاوراق. ولما طالب النواب باعادة الفرز او الانتخاب رفض الرئيس بري وتفرق النواب. وكان نواب الممانعة قد انسحبوا من الجلسة قبل انتهاء الفرز، لانهم كانوا يعلمون النتيجة سلفاً، رغم ان مرشحهم نال اكثر مما كان توقعاً.
اهمية هذه الجلسة انها كشفت بعض المواقف التي حاول اصحابها اخفاءها. وكان انتقال من ضفة الى اخرى، وهذا ما سيكون له تداعيات داخل الكتل التي ينتمون اليها. ولم يحدد رئيس المجلس موعداً لجلسة جديدة، وانصرف الافرقاء الى تقويم النتائج ووضع خريطة طريق للمرحلة المقبلة. وللوهلة الاولى لا يبدو ان الطرفين المتواجهين بدلا في مواقفهما وكل واحد منهما اعتبر نفسه منتصراً. اما الحقيقة فالكل خاسرون والخاسر الاكبر هو لبنان والمواطنون الغارقون في اسوأ ازمة اقتصادية على الاطلاق.
المرحلة المقبلة هي لتقويم النتائج، والبناء على اساسها. وبالفعل عقد اجتماع بعد الجلسة للمعارضة في بيت الكتائب – الصيفي، وجرى استعراض لما توصل اليه الانتخاب، ومواقف البعض التي كانت غامضة حتى اللحظة الاخيرة. وازاء هذا الوضع على الاطراف المتصارعة ان تعود الى ارض الواقع، وتتلاقى في حوار جدي ومنتج، يؤدي الى اتفاق على مرشح لديه برنامج واضح ومتكامل وخصوصاً ان يتضمن خطة اقتصادية تنتشل البلاد من الهوة السحيقة الغارقة فيها. الدعوات الى الحوار بدأت منذ الامس. ولكن هل هي دعوات صادقة مستعد كل طرف فيها ان يلاقي الطرف الاخر في منتصف الطريق؟ انها الوسيلة الوحيدة التي توصل الى الحل. ويجب ان يشمل اي اتفاق سلة متكاملة من انتخاب الرئيس الى تشكيل حكومة منتجة وفاعلة بعيداً عن التعطيل، والثلث المعطل الذي لعب دوراً هداماً في السنوات الماضية ومنع الحكومات من الانتاج. كذلك يجب ان يشمل اي اتفاق ملء المراكز الحساسة بدءاً من الامن العام الذي يشغله اللواء البيسري بالوكالة، الى حاكم مصرف لبنان خلفاً لرياض سلامة الذي تنتهي ولايته الممددة الشهر المقبل، الى قائد الجيش الذي تقترب ولاية العماد جوزف عون من نهايتها بعد اشهر.
والسؤال الان من هي الجهة التي يمكن ان تتولى الدعوة الى الحوار؟ خصوصاً وان لا رئيس للجمهورية، ورئيس مجلس النواب تحول الى فريق دون الاخر ولم يعد مؤهلاً لتولي هذه الدعوة؟
هنا تتجه الانظار الى الخارج، وخصوصاً الدول المهتمة بلبنان، وبصورة اخص لقاء القمة الذي يعقد غداً في باريس بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يروز فرنسا والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والملف اللبناني مطروح على الطاولة وسط عدد من الملفات التي تتعلق بالشرق الاوسط. فهل يحمّلان مبعوث ماكرون الخاص الى لبنان جان – ايف لودريان مبادرة ما؟ وكيف سيكون شكلها، هل يدعى الاطراف جميعاً الى لقاء في المملكة العربية السعودية او في فرنسا او في اي مكان اخر، يكون على غرار لقاء الدوحة الذي انتج اتفاقاً انتهى بانتخاب رئيس، شرط الا يفخخ اي اتفاق على غرار الثلث المعطل الذي اقر في الدوحة والذي كانت له مفاعيل مدمرة؟
الاهتمام بلبنان لم ينقطع، رغم اليأس الذي اصاب البعض في الخارج من عدم مسؤولية الطبقة السياسية المتحكمة، وانكارها لشعبها؟ وماذا سيحمل لودريان معه، خصوصاً بالنسبة الى الموقف الفرنسي بعدما اكتشف ان 77 نائباً في المجلس النيابي لا يؤيدون التوجهات الفرنسية التي تمسكت بتأييد مرشح الممانعة سليمان فرنجية، طوال الفترة السابقة؟ ان المبادرات الخارجية يمكن ان تنجح اذا اقتنع السياسيون اللبنانيون بان لا مفر من الحوار والاتفاق وفي ما عدا ذلك فان الشغور سيتمدد ويطول ويساهم في خراب البلد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق