سياسة لبنانيةلبنانيات

ما هي تداعيات مذكرة التوقيف الدولية بحق سلامة وما هي التطورات المنتظرة؟

هل تتناول القمة العربية الملف اللبناني وتعمل على انهاضه من هذا الوضع الكارثي؟

تقدم الملف القضائي امس على ملف انتخاب رئيس للجمهورية، جراء القرار الذي اتخذته القاضية الفرنسية بوروزي المولجة بملف حاكم مصرف لبنان والتهم المنسوبة اليه وابرزها تبييض الاموال والاختلاس، فاصدرت مذكرة توقيف دولية بحق سلامة، فاجأت الجميع، اذ كان متوقعاً ان ترجىء الجلسة وتحدد موعداً ثانياً لمثول حاكم مصرف لبنان امامها. الا ان سلامة شعر بخطورة الموقف، فسارع الى اصدار بيان اعتبر فيه ان ما حصل يشكل خرقاً لابسط القوانين، كون القاضية الفرنسية لم تراع المهل القانونية المنصوص عليها في القانون الفرنسي وقال انه سيعمد الى الطعن في هذا القرار لان القاضية تجاهلت القوانين، وتجاهلت ايضاً تطبيق اتفاقية الامم المتحدة لعام 20003، والاجراءات المعترف بها دولياً التي تستند اليها هي بالذات في اطار المساعدة القضائية الدولية. وسأل هل يعقل ان يطبق قاض الاتفاقات الدولية باتجاه واحد؟ واتهم بوروزي بأنها اخذت قرارها بناء على افكار مسبقة دون اعطاء اي قيمة للمستندات الواضحة المبررة لها.
وفور صدور القرار الفرنسي انطلقت التحليلات والتعليقات، كما سارع البعض الى الطلب من سلامة الاستقالة فوراً من حاكمية مصرف لبنان، لانه يسيء الى الوطن ككل. اما تداعيات القرار فتصيب عدداً من الاطراف في طليعتها القضاء اللبناني اذ كيف يفشل في تبليغ موظف كبير ليس مجهول مكان اقامته، فضلاً عن انه كان يجب ان يكون السباق في تناول ملف سلامة ولا يدع القضاء الخارجي يضع يده عليه. اما المتضرر الاكبر فهو الطبقة السياسية، التي كان واضحاً انها حاولت حماية الحاكم، لا حباً به بل خوف على نفسها، لان ملفات المرتكبين منها اذا وجدوا، هي بين يديه، وان التحقيق في حال توسع يمكن ان يطاولهم. والتأثير الكبير للقرار الفرنسي يطاول النظام المالي والمصارف التي سارعت الى اجراء الاتصالات لمعرفة وضعها بالنسبة الى مصارف المراسلة الخارجية وغيرها. هذا فضلاً عن انعكاسه على سعر صرف الدولار، الذي بعد اكثر من شهر على جموده، تحرك ليل امس مما جعل الكثيرين يتوقعون ان يستأنف تحليقه. وهو حالياً موضع مراقبة دقيقة.
سياسياً استمرت الاتصالات المكثفة بين اركان المعارضة في محاولة للاتفاق على مرشح واحد او اكثر، لمواجهة سليمان فرنجية مرشح الممانعة التي انكرت على ميشال معوض حقه في الترشيح واعتبرت انه غير موجود، وهذا يؤكد كيف انها تتحكم بكل مفاصل العملية الانتخابية، بوضع يدها على المجلس النيابي واقفاله، متذرعة بحجج باهتة. والحقيقة كما تقول المعارضة ان قوى الممانعة لن تفرج عن المجلس النيابي الا اذا تأمن عدد الاصوات الكافي لانجاح مرشحها سليمان فرنجية. وتضيف المعارضة ان الرئيس نبيه بري خالف الدستور وكان عليه ان يعقد جلسة انتخاب متعددة الدورات ولا يقفلها قبل ان يتم انتخاب رئيس. ولكنه على العكس من ذلك تخلى عن واجباته وتحول الى فريق لقسم من النواب على حساب الاخرين.
في هذا الوقت تتكثف التحركات الدبلوماسية التي يقوم بها اصدقاء لبنان. وكانت لافتة الزيارة التي قام بها السفير البابوي في لبنان الى اليرزة حيث التقى سفير المملكة العربية السعودية، الذي يمسك بالملف الرئاسي ويجري الاتصالات لحث المسؤولين اللبنانيين على القيام بواجبهم الدستوري، وانتخاب رئىيس للجمهورية. ومن المعلوم ان الفاتيكان ايضاً مهتم جداً بلبنان وهو لا يترك مناسبة الا ويتحدث فيها عن اوضاعه المتردية ويدعو الى مد يد المساعدة الى هذا البلد الرسالة.
وتبقى الانظار مشدودة الى القمة العربية التي ستعقد بعد غد في جدة المملكة العربية السعودية، ويعلق اللبنانيون امالاً عليها بان تقف الى جانب لبنان وتساعده على النهوض من الهوة العميقة التي يتخبط فيها. وقد اختلفت الاراء حول ما يمكن ان يصدر عن هذه القمة. ففيما يعلل البعض النفس، بظهور حلول تضع حداً للشغور الرئاسي الذي مضى عليه ما يقرب السبعة اشهر، يقول البعض الاخر ان اي مساعدة لا يمكن ان تأتي طالما ان القادة السياسيين اللبنانيين منقسمون على انفسهم ويقفون في مواجهة بعضهم البعض، دون ان يتزحزح اي منهم من مكانه ويقدم التنازلات بحيث يسهل انتخاب رئيس، وبعد ذلك فان الدول العربية والصديقة مستعدة لانهاض لبنان. اما المساعدة فان حصلت فانها تأتي اكراماً للشعب اللبناني المغلوب على امره، وهو ضحية طبقة سياسية فاشلة وفاسدة، نهبت امواله بالاشتراك مع المصارف والقت به على قارعة الطريق يضربه الفقر والجوع. وهذا هو الامل الوحيد الباقي للبنانيين، فالخارج في نظرهم هو باب الخلاص من هذا الجحيم وهو من صنع المنظومة التي ادانها العالم باسره. ان مذكرة التوقيف بحق سلامة تحتم الاسراع في انتخاب رئيس لاعادة احياء المؤسسات وتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان لان انعكاسات ما حصل خطيرة جداً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق