قرار عشوائي اعاد طوابير الذل الى الواجهة وساعد في تدمير حياة المواطنين

القرارات العشوائية التي لا يتحمل مصدرها مسؤولية كاملة عن نتائجها، من شأنها ان تودي بالشعب اللبناني الى القهر والعذاب، فقد اصدر حاكم مصرف لبنان قراراً يقضي برفع سعر الدولار على المنصة من 31،200 الى 38 الف ليرة دفعة واحدة، ودعا المواطنين والشركات للتوجه الى المصارف وسحب المبالغ التي يريدونها دون تحديد سقف، دون شروط على سعر المنصة. وصدق المواطنون، مع ان هذه المنظومة المتحكمة عودتهم على الا تفي بوعودها. ولكن الغريق يتعلق بحبال الهواء. وفي صباح اليوم التالي اصدر وزير الطاقة تسعيرة جديدة للمحروقات، اخذاً بالاعتبار سعر المنصة، فحملت خفضاَ كبيراً في الاسعار. وتوجه اصحاب المحطات لسحب الدولارات من المصارف ففوجئوا بأنها غير مستعدة للدفع حالياً، لان البنك المركزي لم يزودها بالدولارات اللازمة، فعادوا واقفلوا محطاتهم ورفعوا خراطيمها وامتنعوا عن تعبئة خزانات السيارات. وفي وقت قصير جداً عادت طوابير الذل امام المحطات وكان المواطنون قد اعتقدوا انها اختفت الى الابد. ولما علت الضجة طلب حاكم مصرف لبنان من اصحاب المحطات التوجه الى بنك الموارد وهو سيزودهم بما يحتاجون اليه. ولكن المسؤولين في هذا البنك ابلغوهم انه يدفع للافراد فقط دون الشركات. وكانت الطوابير حوله قد اصبحت شبيهة بالطوابير امام المحطات. فكيف يجوز لمسؤول في مركز حساس كهذا ان يصدر قرارات، دون ان يؤمن مستلزمات تنفيذها، فتقع الازمة وتشتد؟ هل ان المقصود اذلال الناس وقهرهم؟ هل درس حاكم مصرف لبنان الموضوع من جميع جوانبه، واطلع على انعكاساته قبل اصدار قراره؟
يقول احد الخبراء في حديث اذاعي ان حاكم مصرف لبنان هو الذي رفع سعر الدولار، حتى قارب الخمسين الف ليرة ثم عاد اليوم يعمل على وقف هذا التدهور الخطير. ولكن بطريقة عشوائية وغير مدروسة النتائج، فكانت تداعياتها كارثية على المواطنين، الذين لم يقترفوا ذنباً سوى انهم ساكتون عن هذه الطبقة الفاسدة التي تتلاعب بمصيرهم دون اي وازع من ضمير. همها الاول هو مصالحها واما الشعب فهو في نظرها مسخر لخدمتها. ولكن يبدو ان هذا الشعب راض بهذا الدور، ولذلك فهو ساكت لا يحرك ساكناً، ولا يرفع اصبعه بوجه هذه المنظومة.
تداعيات رفع سعر الدولار على المنصة سبعة الاف ليرة دفعة واحدة، ليست مقتصرة على ازمة المحروقات والطوابير امامها وامام المصارف، بل انها تزيد الاعباء على المواطنين لانها ترفع فواتير الخليوي بارقام كبيرة وكأن قرار وزير الاتصالات العشوائي ايضاً برفع التعرفة ستة اضعاف ليس كافياً فجاء المصرف المركزي ليلاقيه في منتصف الطريق، مكبدين المواطنين خسائر كبيرة، دون ان يساهم دولار المنصة في خفض اسعار السوبرماركت لان الرقابة معدومة، وكل طرف يتصرف على هواه ووفق مصالحه بعيداً عن مصلحة الناس. كما انه يرفع تعرفة الكهرباء، لتصبح الفاتورة موازية لفاتورة المولد، دون اعطاء المواطن اي زيادة في التيار. كما انه يؤثر على خدمات اخرى.
كل ذلك يحصل امام اعين الطبقة السياسية، التي تدعي زوراً انها مسؤولة عن مصالح الناس، وهي في الحقيقة لا تهمها سوى مصلحتها. فماذا فعلت للجم هذا التفلت؟ لا شيء. ولم تحرك ساكناً وكأن الامر لا يعنيها. فالى متى ستستمر هذه الحالة، والى متى سيبقى المواطنون ساكتين؟ ولماذا هذا السكوت المريب؟ واين ثورة 17 تشرين، واين النواب الذين يسمون انفسهم تغييريين، ولماذا لا ينزلون الى الشارع كما فعلوا في الماضي؟ نعم انهم تغييريون، فقد انقلبوا من ثائرين ضد الظلم والفساد الى نعاج يتشبهون بالطبقة الحاكمة التي اوصلت البلد الى هذا الانهيار.
بعد كل هذا ينتقدون الدعوة الى قوة خارجية عادلة كالامم المتحدة مثلاً، لتضع يدها على الملف وتنقذ شعباً مظلوماً وبلداً كان في يوم من الايام بلد الاشعاع والنور، فحولوه الى جهنم، وهم ماضون، يتقاتلون على تقاسم الحصص والمغانم وكل طرف يريد ان يستأثر بها وحده.