تفاقم الأزمة في لبنان بعد انسحاب الصفدي من الترشيح لرئاسة الوزراء
تفاقمت الأزمة السياسية في لبنان يوم الأحد بعد انسحاب مرشح رئيسي لتولي رئاسة الوزراء مما يقلص فرص تشكيل حكومة تحتاجها البلاد بشدة لتنفيذ إصلاحات عاجلة.
وسحب وزير المال اللبناني السابق محمد الصفدي في وقت متأخر من يوم السبت اسمه كأحد المرشحين لرئاسة الحكومة اللبنانية قائلاً إن «من الصعب تشكيل حكومة متجانسة ومدعومة من جميع الأفرقاء السياسيين».
وكان الصفدي أول مرشح بدا أنه يحظى ببعض الإجماع بين الأحزاب والطوائف اللبنانية منذ استقالة سعد الحريري من رئاسة الوزراء في 29 تشرين الأول (اكتوبر) تحت ضغط احتجاجات حاشدة ضد النخبة الحاكمة.
وتعهد لبنان، الذي يواجه أسوأ أزمة مالية منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990، بتنفيذ إصلاحات عاجلة على أمل إقناع المانحين بتقديم نحو 11 مليار دولار تعهدوا بها العام الماضي.
وتسببت الأزمة في إبقاء البنوك مغلقة معظم أيام الشهر الماضي. وفرضت البنوك قيوداً على التحويلات للخارج وسحب الإيداعات الدولارية وأدت إلى تراجع سعر الليرة اللبنانية في السوق السوداء.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية ومصادر سياسية أن حزب الله وحركة أمل وافقا على دعم الصفدي بعد اجتماع مع الحريري ولكن لم يقر أي حزب سياسي بعد ذلك رسمياً ترشحه.
وندد محتجون، تظاهروا في الشوارع منذ 17 تشرين الأول (اكتوبر)، بترشيح الصفدي المحتمل قائلين إن ذلك يتعارض مع المطالب برحيل النخبة السياسية التي يرون أنه جزء منها.
وتدفقت حشود كبيرة من المحتجين المناوئين للحكومة على شوارع لبنان يوم الأحد ملوحين بالأعلام اللبنانية احتفالاً بمرور شهر على بداية الانتفاضة ولمواصلة الضغط.
وفي تعليقات نشرت على الموقع الإلكتروني للجيش اللبناني، قال قائد الجيش العماد جوزف عون إن الجيش لن يمنع الناس من التظاهر في الميادين لكنه سيتدخل لفتح الطرق واصفاً حرية الحركة بأنها «مقدسة».
وقال قائد الجيش إن حالات الاحتجاز التي وقعت مؤخرً «شملت عناصر عملت على إحداث شغب وواجهت الجيش وحاولت منعه من تنفيذ مهمّته وتعرّضت له، كما شملت أشخاصاً… تبيّن أن بحوزتهم مخدرّات».
وقال مصدر سياسي كبير «وصلنا لطريق مسدود الآن. لا أعرف متى ستنفرج الأوضاع ثانية. الأمر ليس سهلاً… الوضع المالي لا يتحمل أي تأجيل».
ووصف مصدر سياسي ثان جهود تشكيل حكومة جديدة بأنها عادت «لنقطة الصفر».
بدائل محدودة
ومما يعكس مدى هشاشة المناخ السياسي في البلاد اتهم التيار الوطني الحر الحريري بتقويض مسعى الصفدي من أجل الاستئثار بالمنصب لنفسه.
وانتقد بيان للتيار الوطني الحريري لإصراره على سياسة «أنا أو لا أحد» لقيادة الحكومة الجديدة وذلك في إشارة إلى إصرار الحريري على أنه لن يعود لرئاسة الوزراء إلا إذا تمكن أن يكون السياسي الوحيد في حكومة مؤلفة من خبراء.
ورفض بيان من مكتب الحريري ما صدر عن التيار الوطني الحر بهذا الشأن ووصفه بأنه محاولة غير مسؤولة لتسجيل نقاط سياسية على الرغم من الأزمة الوطنية الكبرى التي يمر بها لبنان.
لكن الصفدي أصدر بياناً في وقت لاحق اتهم فيه الحريري بعدم الوفاء «بالوعود التي على أساسها قبلت أن أسمّى لرئاسة الحكومة المقبلة».
ولم يوضح الصفدي ما هي تلك الوعود لكنه قال «فما كان منّي إلاّ أن أعلنت انسحابي».
ويترك انسحاب الصفدي جماعة حزب الله وحلفاءها أمام خيارات أقل ما لم تسع للعثور على حليف سني مقرب وهو سيناريو من المحتمل أن يقلل من فرص حصول لبنان على دعم دولي.
وسعى حزب الله وحركة أمل، إلى جانب الرئيس ميشال عون، إلى عودة الحريري كرئيس للوزراء لكنهم طالبوا بأن تضم الحكومة الجديدة خبراء من التكنوقراط وسياسيين.
لكن الحريري، الحليف لدول خليجية عربية ودول غربية، قال إنه لن يعود للمنصب إلا إذا كان قادراً على تشكيل حكومة مؤلفة بالكامل من متخصصين قادرين على جذب الدعم الدولي.
كانت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيفات الائتمانية قد أصدرت أحدث تحذير من وضع الاقتصاد اللبناني المثقل بالديون وخفضت يوم الجمعة تصنيف لبنان الائتماني السيادي في ما يتعلق بالعملات الأجنبية والمحلية على المدى البعيد والقريب من (B-/B) إلى (C/CCC).
وقالت جمعية مصارف لبنان في بيان يوم الأحد إنها وافقت على مجموعة من الإجراءات المؤقتة للبنوك التجارية تتضمن تحديد سقف أسبوعي للسحب من الحسابات الدولارية بألف دولار أميركي.
وذكرت الجمعية أن هذه الخطوات تستهدف توحيد المعايير وتنظيم العمل في البنوك وسط «الظروف الاستثنائية» التي تمر بها البلاد.
وأضافت الجمعية في بيان أن التوجيهات تشمل أيضاً السماح فقط بأن تكون التحويلات بالعملة الصعبة للخارج لتغطية النفقات الشخصية العاجلة.
ومن جانبه قال رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان يوم الأحد إن إضراب موظفي البنوك سيستمر يوم الاثنين.
رويترز