سياسة لبنانيةلبنانيات

تشكيل الحكومة هبات باردة واخرى ساخنة فمتى يخرج الدخان الابيض؟

هل ينجح الاجتماع التربوي اليوم في انقاذ جيل كامل من ظلم دولرة الاقساط؟

يواجه التشكيل الحكومي هبات باردة وهبات ساخنة ولا يعرف ان يرسو على بر. يوماً تقفل الطريق امامه وتؤشر الى ان التشكيل صعب المنال، لتعود في اليوم التالي لتنفرج، وقد ضاع المواطنون في هذه الاجواء الملبدة، وهم على كل حال لم يعودوا يهتمون، اكان هناك حكومة ام لا، لان النتيجة واحدة، تعثر وفقر وجوع وغلاء مستفحل، وازمات تكاد لا تنتهي، ومسؤولية غائبة تماماً.
من المتوقع ان يزور الرئيس المكلف نجيب ميقاتي القصر الجمهوري اليوم ليبحث مع رئيس الجمهورية في الصيغ المطروحة للحكومة العتيدة. والمرجح في حال الاتفاق ان يرسو على الحكومة الحالية، مع تعديل بسيط يتناول وزيرين ويعاد تفعليها لتصبح كاملة الصلاحيات. هذا الحل كان وارداً منذ اللحظة الاولى، وكان سيكتب له النجاح لو لم يدخل على الخط اطراف يبحثون عن مصالح خاصة، بعيداً عن مصلحة البلد والمواطنين. وظهرت مطالب تعجيزية رفضها الرئيس نجيب ميقاتي فتعثرت الامور. فهل ان زيارة اليوم الى بعبدا، ستساهم في تجاوز العقد والمطبات والمطالب الشخصية وتشكل حكومة تتولى مواجهة هذا الكم من الازمات التي لا تنتهي، بدءاً من الاضرابات التي تتوسع يوماً بعد يوم لتشمل قطاعات جديدة، الى تفلت الاسعار بشكل غير مسبوق جعل حياة المواطنين شبه مستحيلة. فالقدرة الشرائية اصبحت اقل بكثير مما يلزم لحياة معقولة. ويقول احد السياسيين المستقلين انه لو ترك الرئيسان عون وميقاتي يشكلان الحكومة، دون تدخل من هنا وهناك، لانتهى الامر في غضون يومين او ثلاثة، كما يحصل في البلدان المجاورة والبعيدة. ولكن التدخلات تقطع الطريق على اي خطوة ايجابية.
الازمات كثيرة ومتلاحقة وتتطلب وجود حكومة فاعلة تنكب على معالجتها، ومواجهة الانهيار الشامل الذي يدمر البلد، ونبدأ بالقضاء. هذه السلطة التي يفترض فيها ان تكون مستقلة، بعيدة عن اي ارتباط بالمنظومة السياسية الفاشلة، وصلت الى حد لم تعد تستطيع ان تؤمن العدالة للناس، فقد دمرت امكانياتها المادية، وحرمت من ابسط الاشياء التي تحتاج اليها في عملها كالورق والحبر والكهرباء والنظافة وغيرها وتم التعامل معها وكأنها موظفة تحت السلطة السياسية، مع ان القضاء لا يمكن ان يستقيم متى دخلت اليه السياسة. وعبثاً يحاول المخلصون تحقيق استقلالية القضاء، وافهام السياسيين ان القاضي هو صاحب سلطة وليس موظفاً، ولكن المنظومة كانت على الدوام ترفض ذلك، لتبقى متحكمة بكل الاحكام. وتعطيل التحقيق في جريمة انفجار المرفأ خير دليل على صحة هذا الكلام. فالمتهمون يسعون بكل الوسائل المتاحة لديهم لمنع المحقق العدلي من الوصول الى الحقيقة. والمطلوب من القضاء اليوم ان يتصلب بموقفه لانه محق، ولا يتراجع مهما اشتدت الحملات والضغوط عليه. فصاحب الحق سلطان ويجب ان يبقى كذلك. ان الفرصة مؤاتية لكي ينتزع استقلالية القضاء. المهمة صعبة لان المنظومة متحكمة، ولكن في النهاية الحق يعلو ولا يُعلى عليه.
وهناك الاضرابات الاخرى المتنقلة من قطاع الى اخر في الادارات الرسمية وفي الجامعة اللبنانية الى اخر الاحتجاجات والاعتصامات المتكررة. ويقابل ذلك تفلت مخيف في سعر صرف الدولار الذي بلغ ارقاماً، الهدف منها تحويل اللبنانيين كلهم الى فقراء ليسهل تطويعهم. وزيارة صغيرة الى احد المتاجر تكشف عن المجزرة التي ترتكب بحق الشعب، من جراء ارتفاع في الاسعار اصبح فوق قدرة المواطنين.
بعد ايام ليست ببعيدة تبدأ السنة الدراسية ولكن في اي ظروف؟ فالمدارس الرسمية مهددة بالتعطيل بسبب اضراب المعلمين في هذه المدارس، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي الذي وصلوا اليه. اما المدارس الخاصة، التي ضربت عرض الحائط بكل القيم التربوية والاخلاق وتجاوزت القوانين، وفرضت على طلابها دفع الاقساط بالدولار دون اي التفات الى وضع الاهالي المنهار، كما في كل شيء في هذا البلد. لا بل ارسلت رسائل الى الاهالي تهددهم فيها بطرد ابنائهم اذا لم يلبوا مطاليبها. ولم تكتف بنسبة معقولة، بل ان المبالغ المفروضة بالدولار وصلت الى الف دولار عن كل طالب بالاضافة الى القسط المضاعف بالليرة اللبنانية، وهذا ما دفع الكثير من الاهالي يسحبون اولادهم من المدارس الخاصة لألحاقهم بالمدارس الرسمية، لان قسط الطالب الواحد بات يكلف مئات الملايين.
ولهذه الغاية يعقد اليوم اجتماع في وزارة التربية يخصص لبحث هذا الظلم الذي يدمر حياة جيل بكامله، ويقضي على سمعة لبنان التربوية والثقافية، فعسى ان يتمكن المعنيون من وضع حد لهذا الاستبداد المخالف لكل القوانين. والا فعلى التربية والتعليم السلام.
ان هذه الاوضاع المهترئة تحتم وجود حكومة فاعلة تنكب على معالجة هذه الازمات وغيرها، قبل فوات الاوان، وقبل اشتعال ثورة جياع حقيقية لا تبقى على شيء. فهل من يتحمل المسؤولية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق