رئيسي

ايران: انفتاح روحاني على الغرب يفجر صراع القوى الايرانية

بعد اسابيع من الجدل حول مدى تقبل المرجعيات الايرانية التقارب مع الغرب، وما اذا كان ذلك التقارب يشكل سياسة ايرانية، ونهجاً رسمياً، تلتقي عليه مختلف الارادات، ولو بالحد المقبول، بدا واضحاً ان الشارع السياسي محكوم بخلافات عميقة في ما يخص هذا التطور الذي لفت انتباه العالم اجمع.

في الوقت الذي تواصلت الاشادات الدولية بالتقارب الذي حدث في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، بدا واضحاً ان العديد من المرجعيات الايرانية ليست سعيدة بما حدث. وان البعض من الهيئات الفاعلة على الساحة والتي تنتمي الى التيار المتشدد وجهت نقداً شديداً للتحرك الذي قام به الرئيس حسن روحاني الذي تصرف من زاوية انه يمتلك تفويضاً شعبياً، واقراراً ببرنامجه الانتخابي الذي كان يشير صراحة الى امكانية الانفتاح على الغرب. وحل العديد من الملفات الخلافية من خلال الحوار، ومنها الملف النووي الذي شغل العالم كله بتعقيداته الكثيرة والكبيرة.
العالم كله، بما في ذلك الولايات المتحدة كانت سعيدة بما حدث، وسط آمال عريضة بأن ذلك الانفتاح يمكن ان يمتد الى تفاصيل الملف النووي، وينعكس على العقوبات التي ارهقت الاقتصاد الايراني، ويصل الى الملف السوري والدعم الذي تحظى به دمشق من قبل النظام الايراني. اضافة الى العديد من المجالات المتشابكة ومنها علاقة ايران بدول الخليج العربي، والتدخلات الايرانية في شؤون الدول العربية. وما يعتقد انه تهديدات ايرانية للمصالح الاميركية في المنطقة.
وتوجت عملية الانفتاح باتصال هاتفي جرى بين روحاني والرئيس الاميركي اوباما، وهي الخطوة التي اثارت غضب اسرائيل التي لا ترغب باي انفتاح بين ايران والغرب. وعبر رئيس الوزراء الاسرائيلي عن موقف بلاده من هذا التقارب بالتأكيد على ان روحاني لا يختلف عن احمدي نجاد. لكنه فضل نجاد على روحاني من زاوية ان نجاد «ذئب بثوب ذئب. بينما روحاني ذئب بثوب حمل».

انتقاد الحرس الثوري
وفي اول رد فعل رسمي، انتقد قائد الحرس الثوري الإيراني الاتصال الهاتفي، الذي جرى أخيراً بين الرئيس الإيراني ونظيره الأميركي، ورأى أنه كان حرياً على روحاني رفض تلقي المكالمة، بانتظار أفعال ملموسة. ووجه الجنرال محمد علي جعفري أول تحذير الى مسؤول كبير في النظام الرئيس حسن روحاني، واصفاً اتصاله الهاتفي مع نظيره الأميركي باراك أوباما بـ «الخطأ التكتيكي». في حين اعتبر متابعون هذا التحذير بانه خروج على رغبات القيادة الايرانية التي بلورها روحاني بالطلب من قيادة الجيش الابتعاد عن السياسة. واعتبر جعفري انه للرد على «النية الطيبة» التي ابدتها ايران خلال اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة، على الولايات المتحدة ان ترفع كل العقوبات ضد الامة الايرانية، وترفع القيود عن الاصول الايرانية المجمدة في الولايات المتحدة وان توقف عدوانها على ايران وتوافق على البرنامج النووي الايراني.
من جهته قال قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الجنرال امير علي حاجي زاده انه لا يمكن نسيان عدوان الولايات المتحدة عبر اتصال وابتسامة لاوباما، مشيراً الى ان العدوان على بلاده مستمر منذ نصف قرن. وفي المقابل، اعلن وزير الدفاع الايراني حسين دهقان تاييده لقرار روحاني، معتبراً ان الاتصال الهاتفي يؤشر الى «قوة وعظمة» ايران.
الى ذلك، اعرب المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي عن دعمه «الحذر» لمبادرات الرئيس حسن روحاني تجاه الغرب، حيث انتقد بعض جوانب زيارته الى الامم المتحدة والتي تحدث خلالها مع نظيره الاميركي باراك اوباما. وقال خامنئي امام عدد من القادة العسكريين والجنود الخريجين في تصريحات نشرت على موقعه «نؤيد المبادرة الدبلوماسية للحكومة ونولي اهمية لانشطتها خلال هذه الرحلة». لكنه ابدى تحفظه على بعض ما حصل خلال الزيارة الى نيويورك، واصفاً بعض ما قام به روحاني بانه «لم يكن في محله، رغم اننا نثق بمسؤولينا». بدون ان يوضح ما يقصد بتلك الجوانب. وتناقلت تقارير ايرانية ما يفيد بان شك خامنئي بالولايات المتحدة لا يزال عميقاً. وهو ما عبر عنه خلال المناسبة العسكرية، حيث اكد «اننا متشائمون بشأن الاميركيين ولا نثق بهم»، وان «الحكومة الاميركية غير جديرة بالثقة ومتغطرسة ولا تفي بوعودها».
الى ذلك، قالت تقارير صحافية: إن الرئيس الإيراني حسن روحاني طلب من سلطات الطيران في إيران دراسة إمكانية عودة الرحلات الجوية المباشرة بين طهران ومدن أميركية، للمرة الأولى منذ 35 عاماً. ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن أكبر توركان، أحد مستشاري الرئيس، قوله: «إن روحاني يرغب في دراسة إمكانية عودة رحلات الطيران المباشر بين البلدين». وأضاف توركان: «أمر الرئيس روحاني بدراسة إطلاق مسار رحلات طيران مباشر بين إيران والولايات المتحدة، بهدف تسهيل سفر المغتربين الإيرانيين في الولايات المتحدة إلى إيران». ووفقاً لمصادر مختلفة، يعيش أكثر من مليون أميركي من أصل إيراني في الولايات المتحدة، وهذا الخط المباشر متى أنشىء سيسهل عليهم زيارة وطنهم الأم.

الملف النووي
وفي موضوع الملف النووي، اعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان العرض الاخير المقدم من القوى الكبرى خلال المفاوضات بشأن الملف النووي لم يعد قائماً، مطالباً باعتماد «مقاربة جديدة» للموضوع. وقال ظريف ان العرض السابق لمجموعة 5+1 التي تضم الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين والمانيا اصبح من التاريخ وعليهم المجيء الى طاولة المفاوضات مع مقاربة جديدة، في وقت من المقرر ان تستأنف المحادثات بين الجانبين يومي 15 و16 تشرين الاول (اكتوبر) في جنيف.
واثناء الاجتماعين في الماتي (كازاخستان) في شباط (فبراير) ونيسان (ابريل) الماضيين، قدمت القوى الكبرى عرضاً يتضمن وجوب موافقة ايران على تعليق انشطة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمئة وتخفيف انشطة التخصيب في موقع فوردو الواقع تحت الارض على بعد 100 كلم جنوبي طهران والذي يصعب تدميره بعمل عسكري. وفي المقابل هناك توافق القوى الكبرى على تخفيف بعض العقوبات المفروضة على تجارة الذهب والقطاع البتروكيميائي. ومفاوضات جنيف ستكون الاولى بين 5+1 وايران منذ انتخاب الرئيس الايراني المعتدل حسن روحاني في حزيران (يونيو) الذي اعرب عن الامل في التوصل سريعاً الى اتفاق مع الغرب حول البرنامج النووي الايراني المثير للجدل الشديد، بينما لم تتقدم المفاوضات منذ ثمانية اعوام. وقال ظريف: «ان هدفنا هو التحكم بالطاقة النووية السلمية وخصوصاً تخصيب اليورانيوم على ارضنا والهدف هو ان يبقى برنامجنا سلمياً دائماً، ويتعين ايجاد وسيلة لبلوغ هذين الهدفين في الوقت نفسه».

طهران – «الاسبوع العربي»
                                           

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق