أبرز الأخبارالأسبوع الثقافيثقافة

الولايات المتحدة تطلب العودة إلى اليونسكو بعد خمس سنوات من انسحابها منها

في رسالة رسمية من وزارة الخارجية، طلبت الولايات المتحدة الاثنين العودة إلى «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة» (يونسكو). ويأتي ذلك بعد انسحابها منها عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. ووفقاً لأنظمة اليونسكو، لا يمكن قبول العودة الأميركية إلا بتصويت غالبية الدول الأعضاء، المتوقع في تموز (يوليو) المقبل.
طلبت الولايات المتحدة بقيادة الرئيس جو بايدن رسمياً العودة إلى «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة» (يونسكو) الاثنين، بعد انسحابها منها بقيادة دونالد ترامب، وفق ما أعلنت المديرة العامة للمنظمة أودري أزولاي.
وتضمنت رسالة إلى أزولاي، أن مساعد وزير الخارجية الأميركية للإدارة والموارد ريتشارد فيرما قال إن واشنطن تشعر «بالامتنان» لتحقيق ازولاي تقدماً في «قضايا مهمة»، بينها «تخفيف التركيز على النقاشات المسيّسة».
واعتبرت أزولاي «إنها خطوة قوية تعكس الثقة في اليونسكو والتعددية»، بينما أبلغت ممثلي الدول الأعضاء في الهيئة في باريس عن قرار واشنطن العودة.
وقالت أزولاي إنه «إن كانت اليونسكو في وضع جيد، فإنها ستكون في وضع أفضل مع عودة الولايات المتحدة… هذا يوم عظيم لليونسكو والتعددية».
ووفقاً لأنظمة اليونسكو، لا يمكن قبول العودة الأميركية إلا بتصويت غالبية الدول الأعضاء، المتوقع في تموز (يوليو) المقبل.
وبالاتفاق مع السفير الياباني، الذي رحب بما اعتبره «تطوراً تاريخياً»، لأن «عودة الولايات المتحدة إلى اليونسكو أمر لا غنى عنه»، وافقت أكثر من أربعين دولة على إجراء تصويت سري حول الموضوع وأعربت عن تأييدها لعودة واشنطن.
من جانبها لن تعارض الصين عودة الولايات المتحدة إلى اليونسكو، على الرغم من العلاقات الصعبة بين بكين وواشنطن، بحسب ما أعلن سفيرها لدى المنظمة. وصرح يانغ جين «إن اليونسكو بحاجة إلى تكاتف جميع الدول الأعضاء للوفاء بمهامها». وشدد على أن «الصين مستعدة للعمل مع جميع الدول الأعضاء، بما في ذلك الولايات المتحدة».
يذكر أنه في آذار (مارس)، قال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، إن غياب الولايات المتحدة عن اليونسكو يترك المجال للصين لصياغة القواعد المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
وأفاد لجنة في مجلس الشيوخ لدى عرضه الموازنة «أعتقد بشدة أن علينا العودة إلى اليونسكو، ليس كهدية لليونسكو، بل لأن ما يحدث فيها مهم فعلاً». وتابع «يعملون على قواعد ومبادئ ومعايير للذكاء الاصطناعي. نريد أن نكون طرفاً».
وقالت أودري أزولاي في مقابلة قصيرة مع الصحافة الإثنين، إن اليونسكو «تخلق معايير مهمة. عندما تغيب عن ذلك، فأنت بالطبع تترك مكاناً للآخرين».

«مفترق طرق جيوسياسي» 

الولايات المتحدة عضو مؤسس لليونسكو وكانت من أهم المساهمين في ميزانية الهيئة حتى عام 2011، عندما منحت المنظمة الأممية فلسطين عضوية كاملة. أدى ذلك إلى وقف مساهماتها بموجب قانون الولايات المتحدة.
وقبل تعليق مساهماتها في 2011، كانت الولايات المتحدة تدفع حوالي 22 في المئة من ميزانية اليونسكو، أي ما يعادل 75 مليون دولار.
ذهب الرئيس الأميركي حينذاك دونالد ترامب أبعد من ذلك عبر الإعلان في 2017 بأن الولايات المتحدة ستنسحب من اليونسكو إلى جانب إسرائيل، متهماً الهيئة بالتحيز ضد الأخيرة. ودخل قرار الانسحاب حيز التنفيذ عام 2018.
وجعلت أزولاي، وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة التي تولت إدارة اليونسكو منذ العام 2017، مسألة إعادة الولايات المتحدة على رأس أولوياتها.
وتقدر الأموال التي تدين بها الولايات المتحدة لليونسكو في الفترة بين 2011 و2018 اليوم بنحو 619 مليون دولار، أي أكثر من ميزانية اليونسكو السنوية وقدرها 534 مليون دولار.
وقال دبلوماسي في اليونسكو اشترط عدم الكشف عن اسمه إن «الأموال الأميركية الجديدة ستفيد اليونسكو كثيراً»، مشيراً إلى أن وقف مساهمات واشنطن «تسبب بصعوبات كبيرة». ولفت المصدر إلى ما وصفه بـ «العلاقات الاستثنائية» مع الإدارة الأميركية بقيادة بايدن و«السيدة الأولى»، التي أثرت على العودة إلى اليونسكو.
وقالت أنيك سيزيل الأستاذة المحاضرة في جامعة باريس 3، إن «الولايات المتحدة بحاجة إلى تجديد شكل من أشكال الحوار»، مشيرة إلى أنّ «عودة الأميركيين إلى اليونسكو تبلور الكثير من الصفائح التكتونية التي تتحرّك في كلّ مكان».
وتابعت هذه المتخصصة بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، أن أهمية هذه الخطوة تنبع من واقع أن اليونسكو «مفترق طرق جيوسياسي»، حيث يمكن لواشنطن أن تتحدث مع الصين في قضايا بيئية على سبيل المثال، ولكن أيضاً مع الشرق الأوسط «الذي يراوغ الأميركيين بشكل متزايد».
واعتبرت أن اليونسكو هي أيضاً «الحقيقة العلمية في مواجهة المعلومات المضلّلة من شبكة تروث سوشال»، أي شبكة دونالد ترامب الاجتماعية، أو في مواجهة الأخبار الكاذبة التي يروج لها «المحور الصيني-الروسي-الإيراني-الكوري الشمالي».
وكان الكونغرس الأميركي، الذي كان يهيمن عليه حزب الرئيس جو بايدن الديموقراطي، قد مهد الطريق في كانون الأول (ديسمبر) للولايات المتحدة لإعادة تقديم التمويل، مخصصاً لذلك مبلغاً في الموازنة قدره 150 مليون دولار.
انسحبت الولايات المتحدة في السابق من اليونسكو عام 1984 وعادت إلى المنظمة بعد غياب استمر نحو 20 عاماً في تشرين الأول (أكتوبر) 2003.
ويتعيّن حالياً طرح الخطة المقترحة للعودة إلى المنظمة في 2023 على المؤتمر العام للدول الأعضاء في اليونسكو لتتم الموافقة عليها بشكل نهائي.

فرانس24/ أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق