سياسة لبنانيةلبنانيات

مبادرتان فرديتان على صعيد انتخابات الرئاسة الاولى فهل تتمكنان من كسر الجمود؟

اضرابات واعتصامات وقطع طرقات وازمة نزوح وصلت الى حدود الانفجار الخطير

فترة ما بعد الاعياد كما قبلها. جمود سياسي وانهيار اقتصادي ومعيشي واضرابات واعتصامات وقطع طرقات، ومسؤولون يتفرجون على ما يجري، وسط عجز قاتل. فعلى صعيد الانتخابات الرئاسية لا جديد يذكر. فالوضع على حاله والتعطيل سيد الموقف. فكل طرف متمسك برأيه لا يحيد عنه، وكأن الكل ينتظرون مبادرة تأتي من الخارج بعدما ادرك الجميع ان السياسيين المعنيين بهذا الاستحقاق قاصرون، وهم بحاجة الى من يمسك بيدهم ليدلهم على مصلحة بلدهم. الا ان اي دعم من الاشقاء والاصدقاء لن يأتي، طالما ان السياسيين مستنكفون عن القيام بواجباتهم.
حركتان متواضعتان باتجاه الانتخابات الرئاسية ويتمنى اللبنانيون ان تكبرا ككرة ثلج، وتوصلا الى انجاز الاستحقاق المعطل. الحركة الاولى يقودها نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الذي بدأ سلسلة لقاءات في محاولة لتقريب وجهات النظر بين قوى الممانعة وقوى المعارضة المفككة، وقد بدأ نشاطه بلقاء مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النيابية النائب محمد رعد، ثم زار البطريرك بشارة الراعي في بكركي حيث وصف الاجتماع بانه كان ايجابياً، وان الراعي طلب منه الاستمرار في مساعيه. وانتقل بعد ذلك الى لقاء النائبين فؤاد مخزومي وميشال معوض للغاية عينها، ثم زار معراب والتقى رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، وسيلتقي اليوم رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل. فهل يمكن ان تثمر هذه اللقاءات؟ وهل يتمكن بوصعب من كسر الجمود المسيطر منذ اكثر من ستة اشهر؟ اما الحركة الثانية فيقوم بها النائب غسان سكاف في محاولة لجمع المعارضة على مرشح واحد. وقال امس ان الاتفاق النهائي ربما في اخر هذا الاسبوع.
في هذا الوقت طرأ عامل جديد تمثل في بيان صدر عن وزارة الخارجية الاميركية، وهو البيان الاميركي الرسمي الاول الذي يتناول الانتخابات الرئاسية اللبنانية، وقد جاء معاكساً تماماً للموقف الفرنسي من هذا الاستحقاق. فهو لم يذكر الاسماء بل اعطى مواصفات لا تنطبق ولا على اي مرشح من المنظومة السياسية المقصرة عن القيام بواجباتها، والتي هي سبب انهيار البلد. وطالب البيان برئيس لا ينتمي الى اي فريق من الافرقاء المتصارعين، وهذا يعني انه لا يؤيد مرشح قوى الممانعة الذي تدعمه فرنسا. ووصف هذا الموقف بأنه الاقرب الى الموقف السعودي الذي هو الاخر لا يدخل في لعبة الاسماء، بل وضع مواصفات يتمسك بها ولا يحيد عنها، رغم كل ما تردد من تكهنات وشائعات.
في ظل هذه الاجواء السياسية الملبدة، تستمر الاوضاع على مختلف الصعد، بالتدهور والانهيار وعجز كامل عن الاصلاح والمعالجات، مما يفاقم موجة الاضرابات والاعتصامات وكان اخرها ما جرى امس حيث اقدم سائقو السيارات العمومية على التظاهر وقطع الطرقات وتسببوا بازدحام شديد حبس المواطنين في سياراتهم لساعات طويلة، وذلك احتجاجاً على الفلتان في هذا القطاع، من لوحات مزورة وسائقين غير لبنانيين، ودراجات تعمل خلافاً للقانون في نقل الركاب، وغير ذلك. وفي هذا المجال تبرز ازمة النزوح السوري التي بلغت حداً خطيراً، وتحولت الى قنبلة موقوتة لا يعرف متى تنفجر. واستفاقت الحكومة اخيراً على هذا الخطر الداهم، فاصدر وزير الداخلية بسام المولوي تعميماً الى البلديات يطلب منها اجراء مسح شامل للسوريين المتواجدين في كل بلدة وفي كل زاوية. كما طلب عدم توقيع اي معاملة لاي سوري لا يحمل اوراقاً رسمية، وكذلك منع تأجير اي منزل لاي نازح، الا اذا كانت قيوده صحيحة.
لو كانت الحكومات المتعاقبة منذ 2011 مدركة لواجباتها لتصرفت كما فعل الاردن وتركيا. لقد كان عليها ان تأوي النازحين في مخيمات على الحدود اللبنانية – السورية حتى تصبح عودتهم سهلة فور توقف القتال. الا انها لم تفعل وتركت اكثر من مليوني سوري ينتشرون في كل القرى والمدن في جميع المناطق اللبنانية، بحيث بات من الصعب احصاؤهم ومراقبتهم. فتصرفوا وكأنهم ابناء البلد ومارسوا التجارة الحرة ونافسوا اللبنانيين في كل الاعمال دون رادع. فكبرت النقمة وتوترت الاجواء وشكلت ازمة خطيرة جداً باتت تحتاج الى الحكمة والتروي في معالجتها. هكذا كانت على الدوام تصرفات المنظومة السياسية، فلا تسألوا بعد ذلك لماذا وصل البلد الى هذا الانهيار القاتل؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق